استحداث وزارة للوقاية العامة لصد تهديدات الأمراض قال عضو اللجنة الوطنية لرصد ومتابعة انتشار جائحة كوفيد-19 الدكتور محمد بقاط بركاني، إن حماية الأمن الصحي للجزائر يتطلب وضع استراتيجية واضحة تأخذ بعين الاعتبار كل التهديدات الصحية خاصة الأمراض المتنقلة وسريعة الانتشار وكذا الأمراض المزمنة خاصة السرطانية التي تسجل سنويا وفيات بعشرات الآلاف، مؤكدا أن الوقاية هي أهم ركيزة لتحقيق نظام صحي يضمن مستوى أفضل للعلاج، مع الأخذ بعين الاعتبار وضع استراتيجية تستشرف المستقبل الصحي للبلاد. أكد بقاط بركاني في اتصال مع «الشعب» أن حماية الأمن الصحي للبلاد أصبح ضرورة قصوى خاصة مع التطورات الصحية التي عرفتها بعد انتشار الجائحة، لذلك كان لابد من تنصيب الوكالة الوطنية للأمن الصحي من طرف رئيس الجمهورية، التي كانت أحد المشاريع المهمة التي قدمها، حيث تعمل على توفير مستوى أفضل من العلاج ونشر الوقاية من الأمراض المتنقلة والمزمنة، إنشاء قاعدة بيانات صحية تساعد في وضع مخططات حماية وإستراتيجية دقيقة للأمن الصحي باعتمادها على كل ما تقدمه من معلومات تكون تحت تصرف المختصين للتحليل والإحصاء. وأوضح أن جائحة كوفيد-19 سبقت الأمور ما جعل من الاستشراف ووضع التوقعات الصحية المحتملة للأمراض المتنقلة والمزمنة أمرا ضروريا، لذلك كان لابد من تشريح الواقع من خلال معرفة واقع المستشفيات الموجودة، كفاية مخزون الأدوية الحالي لمتطلبات المرضى، وحقيقة التشخيص في المؤسسات الاستشفائية، كاشفا أن تحسين أداء النظام الصحي في الجزائر يحتاج أولا إلى إصلاح المستشفيات بغية تحسين خدماتها الصحية واعتبر تنصيب وزير منتدب لدى وزير الصحة والسكان مكلف بإصلاح المستشفيات خطوة مهمة لتحقيق الأمن الصحي. حيث يشمل عملها جميع العاملين في قطاع الصحة، والتدقيق في القدرات الموجودة في البلاد والإمكانيات التي تملكها في هذا القطاع، تحديد السياسة الصحية للدولة إن كانت مجانية أم لا؟، مع تحديد دور الضمان الاجتماعي في التكفل بتكاليف العلاج للمرضى، وكذا وضع مخطط للتوزيع الجغرافي للأطقم الطبية، من خلال إرسالها إلى المناطق المحرومة مع وجوب توفير السكن اللائق لهم واستفادتهم من منح خاصة. وكشف بقاط بركاني أن الوقاية هي الأساس أو الركيزة التي تقوم عليها حماية الأمن الصحي فيما يتعلق بالأمراض المتنقلة والمزمنة خاصة السرطان، معتبرا إياها السياسة الوحيدة التي تضمن صحة جيدة للشعب الجزائري، مطالبا بأن تكون مقولة «الوقاية خير من العلاج» شعار الجمهورية الجزائرية لما سيكون لها من مخرجات إيجابية مستقبلا سياسيا، ماليا، اقتصاديا وبشريا، موضحا أن الجزائر لو كانت جاهزة لكوفيد-19 لما تطلب الأمر البحث عن توفير القناع الواقي والأدوية، وهنا أبرز أهمية وضع مخططات استراتيجية تكون أساس السياسة الصحية في البلاد من الآن فصاعدا للتصدي لأي طارئ أو أزمة صحية مستقبلا. وشدد بركاني على ضرورة اعتماد الوقاية للحد من خطر الأمراض المزمنة التي اعتبرها أخطر من الكوفيد- 19 فتسجيل 40 ألف حالة سرطان في السنة أمر مخيف خاصة إذا علمنا أن نصف العدد يموتون في ظرف سنتين، ومقارنة بالجائحة التي قتلت إلى حد الآن 1000 شخص نجد أن الأمراض المزمنة تقتل عشرات الآلاف سنويا، لذا كان لا بد من الاعتماد على الوقاية لمكافحة السرطان لأنها ستكون سببا في اقناع المواطن بالتشخيص المبكر للمرض ما يسمح بتفادي الوصول إلى مرحلة معقدة من الإصابة بالمرض، ستساهم أيضا في الوقاية من الأمراض التنفسية من خلال محاربة التدخين والتلوث بإيجاد صيغة لفعل ذلك، ولنا في ما تفعله أوروبا من أجل مجابهة تلوث الهواء بعوادم السيارات خير مثال على ذلك، هذا الواقع يستدعي وضع مخططات حماية لمحاربة مختلف التهديدات الصحية للفرد والمجتمع ككل، مقترحا في الوقت نفسه خلق وزارة جديدة للوقاية العامة. ومن أجل حماية الأمن الصحي للبلد لا بد من إشراك الطرف المدني أو المواطن باعتماد استراتيجية تسمح باكتسابه تربية صحية تتلاءم مع التوصيات التي يقدمها الأطباء والمختصون، ولا بد من إدماجها في البرامج التربوية حتى ينشأ الطفل على سلوكيات سليمة تبعده عن خطر العدوى أو الإصابة بأمراض مزمنة، كالتدخين مثلا الذي يتسبب في أمراض سرطانية يمكن تفاديها بإعطاء الطفل كل المعلومات اللازمة لمعرفة الأخطار الناتجة عن هذا السلوك غير الصحي، ولن يتحقق ذلك بعيدا عن اتباع التغذية الصحية التي تعتمد على الخضراوات والفواكه حتى يكتسب الفرد مناعة ضد الأمراض. ونوه بقاط بركاني في ذات السياق بالدور الفعال الذي يلعبه الإعلام في حماية الأمن الصحي، حيث أشار إلى ضرورة تحليه بالذكاء في تعامله مع المواطن، فيجب أن يعرض صورا صادمة تعكس النتيجة المفجعة للتهاون والاستهتار في طرق الوقاية والحماية، وبإيصال المعلومات الصحية والطبية إلى المواطن البسيط بطريقة يفهمها ويستوعبها، ولعل اندماج الإعلام بمختلف وسائله في السياسة الوطنية لمجابهة كوفيد-19 دليل على قدرته على تفعيل دور المواطن في مختلف الاستراتيجيات لحماية الأمن الصحي للبلد.