نظّمت الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، أمس، ندوة وطنية حول الأدب الجزائري المهاجر بدار عبد اللطيف بعنوان «دورة كاتب ياسين»، برعاية وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة، بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للهجرة، المصادف ل 17 أكتوبر1961، وبحضور مجموعة من أساتذة وباحثين ومبدعين، ثمّنوا دور المثقفين الجزائريين المهاجرين في خدمة الوطن، مع إبراز ما تركوه من إرث ثقافي الذي ساهم في ربط الجزائر بأبنائها المبدعين المهاجرين في الماضي لاسيما تشجيع واستعادة الطاقات الإبداعية المهاجرة مستقبلا. استهلّ رئيس الندوة أحسن تليلاني هذه المناسبة بكلمة أشاد فيها بالدور الذي لعبه رائد كبار كتاب المهجر الجزائري العملاق كاتب ياسين، الذي لخّص في جل كتاباته الواقع المر الذي عاشته الجالية الجزائرية إبان الاستعمار الفرنسي. أشار المتحدث إلى عظمة التضحيات المقدمة منه، التي سجلها التاريخ بالدم، وقال: «يأتي تخصيص الجزائر ليوم وطني للهجرة بمثابة اعتراف رسمي وشعبي بدور المهاجرين الجزائريين في خدمة الأمة الجزائرية، والتضحية في سبيل حريتها واستقلالها ونهضتها، وما اختيار يوم 17 أكتوبر إلا تذكير فقط بتلك المظاهرات العارمة التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس ليلة 17 أكتوبر 1961 للتنديد بالسياسة الاستعمارية ودعم القضية الوطنية، وهي المظاهرات التي شارك فيها حوالي 60000 متظاهر واجهتهم الشرطة الفرنسية تحت إدارة المحافظ موريس بابون بكل قسوة، حيث تم قتل المئات منهم بالرصاص الحي وبالقذف في نهر السين، إضافة إلى اعتقال الكثير منهم والزج بهم في السجون والمعتقلات، وهو ما جعل المؤرخين يطلقون على هذا اليوم عبارة: «مجزرة باريس»، وهي المجزرة التي غابت للأسف عن إبداعات الكتاب والأدباء إلا القليل منهم». وأضاف رئيس الندوة، أهمية ما تمخض من أعمال تستحق أن تكتب بماء الذهب، في قوله: «إن هذه المناسبة فرصة لنا جميعا للتأمل في دور المهاجرين الجزائريين، وإسهامات الثقافة الجزائرية المهاجرة في النهضة الوطنية سواء خلال المرحلة الكولونيالية أو ما بعدها. والحقيقة فإن الأدب الجزائري مليء بظاهرة الكتاب المهاجرين منذ أبوليوس لوكيوس الذي كتب أول رواية في تاريخ البشرية عنوانها «الحمار الذهبي»، وهو الأديب الجزائري ابن مدينة مداوروش بسوق أهراس، إلى الشاعر الأمير عبد القادر الذي نفي إلى سوريا وكتب فيها أجمل أشعاره، بل إن الأدب الجزائري الحديث إنما تأسّس وتطور في المهاجر مثل أحمد رضا حوحو، الذي كتب أول رواية وهو مقيم في السعودية عنوانها «غادة أم القرى»، إلى الشاعر رمضان حمود الذي أبدع الشعر الرومانسي، وهو طالب بالزيتونة في تونس، حتى إذا ما اندلعت الثورة هاجر الكثير من الأدباء الجزائريين وحملوا على عاتقهم مهمة التعريف بالقضية الجزائرية مثلما فعلت الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، والمسرح الإذاعي عبر أثير صوت الجزائر من القاهرة ومن تونس، ومثلما فعل كاتب ياسين الذي هاجر إلى فرنسا وأحرجت كتاباته الضمير الأوروبي، أما بعد الاستقلال فقد هاجر بعض الأدباء مثل محمد ديب وآسيا جبار وفطيمة قالير وأحلام مستغانمي وفضيلة الفاروق وياسمينة خضرا وعمارة لخوص وغيرهم كثير، ومثل الأدب مثل الرياضة بحيث إن أهم الأصوات الأدبية التي رفعت العلم الجزائري عاليا إنما هي الأصوات المهاجرة وهذا لأسباب متعددة». يذكر أنّه قد تمّ عرض مؤلفات الكتاب الجزائريين للتعريف بصانعي الأدب الجزائري في الخارج المهاجرين مع البيع بالتوقيع التي كانت عقب كلمات في ذات الحدث لثلة من باحثين ومبدعين أثروا الندوة بمعلومات قيمة عن أدب وفكر، وإرث جزائري صنعته أسماء وقامات أدبية سامية خارج الديار، التي ستبقى خالدة في ذاكرة الهوية الوطنية للأبد.