عادت أزمة المياه لتطرح آثارها بشدّة على عاصمة الغرب الجزائري وهران، بعد بحبوحة مائية عاشتها بفضل المشاريع التنموية الضخمة التي استفاد منها القطاع، لترجع الولاية مؤخرا إلى سنوات التسعينات، حيث كان السكان يتناوبون في الحصول على هذا المورد الحيوي. تتنوع مشاكل المياه في «وهران» بحسب كل موقع؛ فبالإضافة إلى زيادة عدد السكان والاستهلاك العشوائي المتنامي للمياه، وسوء التسيير، طفت على السطح ظاهرة الجفاف وانخفاض منسوب الإنتاج علي مستوى المياه السطحية للجهة الغربية، ناهيك عن قدم الشبكات بوسط المدينة وكذا أشغال الصيانة الدورية بمحطة تحلية مياه البحر بمنطقة المقطع المتواجدة في الجهة الشرقية. انخفاض المياه السطحية للجهة الغربية إلى 60 بالمائة وفي هذا الإطار، أوضح المدير العام بالنيابة لشركة المياه والتطهير «سيور»، هلايلي أسامة، أنّ المياه المخصّصة لتموين الجهة الغربية لوهران، تراجعت من 10 آلاف إلى حوالي 2200 متر مكعب يوميا، وذلك بنسبة تفوق 60 بالمائة، مقدرا إجمالي المناطق المتضررة من هذه الظاهرة بخمسة 05 بالمائة من ساكنة الولاية. وأشار إلى أنّ عدّة مناطق أثّر عليها التراجع في النسبة المنتجة بالجهة الغربية، منها بلدية مسرغين ودوار الهاشم وحي النايب وعديد المناطق التابعة لدائرة بوتليليس، وكذا المناطق العليا للجهة الغربية، كحي البدر وحي بوعمامة واللوز والكمين وحي السعادة ومرفال، ناهيك عن المناطق التابعة للجهة الشرقية، ولاسيما ضاحية سيدي البشير والنجمة، والطوابق العليا للمنطقة العمرانية الجديدة ببلقايد وغيرها. وأشار في سياق متّصل، إلى تأثيرات الانقاطاعات الكهربائية على محطة تحلية مياه البحر المقطع، مؤكدا أنّه في «حال توقفها تحتاج إلى أكثر من عشرة ساعات حتى تمتلئ من جديد، بغض النظر على أشغال الصيانة، والتي تنخفض على إثرها نسبة امتلاء المحطة من 500 ألف متر مكعب إلى أقل من 400 ألفف متر مكعب». من جهة أخرى، أشاد المتحدث بالجهود التي بذلتها الدولة فيما يتعلق بالموارد المتكاملة للمياه التقليدية والمقدرة ب 900 ألف متر مكعب، منها 50 ألف موجهة لاستهلاك المواطنين، ناهيك عن الموارد المائية غير التقليدية، ويأتي على رأسها محطة المقطع التي 500 ألف متر مكعب، ومحطة شط الهلال التي كانت مخصصة لولاية عين تموشنت، ومع تسجيل فائض في فترات سابقة تم تحويله لولاية وهران. تذبذب إنتاج محطتي شط الهلال والمقطع واستنادا إلى نفس التوضيحات، تقدر احتياجات الولاية من المياه الصالحة للشرب بما يفوق 500 ألف متر مكعب يوميا، والتي كان يجري توزيعها بصفة منتظمة وطبيعية، قبل تفاقم ظاهرة تراجع المياه السطحية بالجهة الغربية، كما أشرنا إليه أعلاه. ويتعلق الأمر، حسب خوجة الهواري، مدير إنتاج المياه الصالحة للشرب بنفس الشركة سابقا، ومدير عام بالنيابة حاليا بتوقف المياه السطحية الناجمة عن سد بوغرارة بتلمسان الذي يمول وهران عن طريق واد «تافنة» من خلال حوض التخزين «الدزيوية» بجهة بوزجار بعين تموشنت، وذلك عبر قناة 1600 ملم، تحوّل المياه إلى خزان عين البيضاء ليتم خلطها بمياه محطة التحلية ل»شط الهلال». واعتبر أنّ المشكل ازداد حدة، منذ شهر سبتمبر المنصرم، مستدلا على ذلك بالكورنيش الوهراني، والذي يزوّد بالمياه، انطلاقا من محطة «بوتليليس» عبر أنبوب يصل إلى 1600، وكانت الكميّة التي تموّن منطقة عيون الترك تزيد عن 22 ألف متر مكعب يوميا، لتنخفض حاليا إلى أقل من 10 آلاف متر مكعب. ومن جانب آخر، تعاني محطة التحلية شط الهلال هي الأخرى من تذبذبات، جراء انخفاض إنتاجها من 200 ألف متر مكعب يوميا إلى أقل من 180 ألف متر مكعب لسبب الصيانة الدورية، والمشكل الرئيسي أنّ هذه الكمية تتقاسمها وهران مع ولاية عين تموشنت التي تعاني نفس المشاكل، وفق نفس المصدر. تراجع التخزين بمنطقة «دزيوة» من 13 مليون إلى نصف مليون متر مكعب وعاد نفس المسؤول ليؤكد بأنّ مشاكل شط الهلال وانقطاع مياه السد، وتقاسم المياه مع ولاية عين تموشنت، جعل «وهران» تعاني من خلل كبير، أدى بها إلى اعتماد نظام توزيع 1/2 و1/3، وكذا نظام 1/4 و1/5 بالمناطق العليا. وتطرق مرّة أخرى إلى العوامل التي جعلت ولاية «عين تموشنت»، تعاني من الاضطرابات التي عرفتها، مؤخرا، في تزويد ساكنتها بالماء الشروب، بعدما كانت تموّن وهران ب100 ألف متر مكعب، وذالك جراء تراجع قدرة حوض التخزين بمنطقة «دزيوة» من 13 مليون إلى نصف مليون متر مكعب. ويعتبر هذا الحوض بمثابة محطة تخزين طبيعية، تعمل على تمويل ولايتي عين تموشنت ووهران بالمياه الصالحة للشرب؛ وهو عبارة عن بحيرة طبيعية نتيجة فوهة بركان، وترتفع البحيرة عن سطح البحر بحوالي 342 متر، ولتفادي ضياع مياه الأمطار، تم تشييد المنشأة للحفاظ عليها وعدم إهدارها في مياه البحر. السكان يطالبون بحلول ظرفية في ذروة تفشي كورونا بدوره، دعا عدد من السكان المتضررين، على غرار مسرغين والقطب السكني الجديد ببلقايد الجهات المعنية، وعلى رأسهم مؤسسة «سيور» إلى إيجاد حلول ظرفية لتخفيف معاناتهم، جراء الإنقطاعات المتكررة للمياه الشروب والتي تفوق في الكثير من المناطق الأسبوع إلى شهر، وذلك من خلال توفير خزانات، ولاسيما أنّ الأزمة تزامنت مع تفشي وباء كورونا.