يشكّل ملف تسوية عقود الامتياز بقطاع الفلاحة لولاية بومرداس تحديا كبيرا أمام ترقية النشاط وتطهير مدونة المستثمرات الفلاحية والأحواش التي عرفت الكثير منها تجاوزات بإنجاز سكنات بدون رخصة أو إستغلالها في أنشطة أخرى وبهدف تحويل ملفات حقّ الانتفاع الدائم إلى حقّ الامتياز ويواصل الديوان الوطني للأراضي الفلاحية فرع بومرداس عملية دراسة طلبات التسوية وتسليم العقود رغم العراقيل والصعوبات التقنية والقانونية التي تعترض المهمة. لا تزال مهمة تجسيد بنود وأهداف القانون رقم 03/10 لسنة 2010، الذي يحدّد شروط وكيفيات استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للدولة، والمرسوم التنفيذي رقم 10 / 326 المؤرخ في 23 / 12 / 2012، الذي يحدّد كيفية منح حق الإمتياز على الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الخاصة للدولة وكذا التعليمة الوزارية رقم 654 المؤرخة في 11 / 09 /2012، المتعلقة بدراسة ملفات التحوّل من حقّ الإنتفاع الدائم إلى حق الامتياز، تعتريها الكثير من العقبات الإدارية والتقنية في الميدان منذ بداية الأشتغال على هذا الملف الشائك الرامي إلى تطهير المستثمرات الفلاحية وتفعيل دورها ونشاطها لدعم القطاع الفلاحي بالولاية، والسعي إلى معالجة أزمة الأحواش التي تحوّلت بدورها إلى حجرة عثرة لدراسة وتسليم العقود للفلاحين، نتيجة التجاوزات وبناء سكنات وعقارات بدون رخصة. بمقارنة بسيطة لحصيلة عمل اللجان المشتركة تحت إشراف الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ومصالح أملاك الدولة لبومرداس من تاريخ سنة 2014، حيث عرفت فيه العملية حينذاك تحركا وديناميكية بهدف معالجة طلبات الفلاحين لتسوية ملفات المستثمرات الفلاحية والتعجيل بتحرير وتسليم عقود الامتياز، ما سمح بتسليم 1580 عقد امتياز وتحويل حوالي 93 ملفا للعدالة للفصل فيها، لا تزال لحدّ الآن وطيلة هذه المدة العملية متواصلة ولم يفصل فيها نهائيا مثلما تمّ التخطيط له لإنهاء قضية المستثمرات والأحواش المعقدة، حيث تبقى نسبة 30 بالمائة من الملفات عالقة، حسب إحصائيات الديوان، بعد تسليم 4006 عقد من مجموع 5899 ملف مودع. كما تشكّل الأحواش والبنايات القديمة التي يعود بعضها للفترة الاستعمارية عقبة حقيقية في إتمام تسوية الملف منذ بداية العمل عليه، حيث قدّر الديوان عددها بحوالي 900 حوش متواجدة داخل هذه المستثمرات بعضها عرفت توسّعا وانجاز سكنات جديدة بدون رخصة بناء، الأمر الذي زاد من تعقيد الوضعية القانونية والإدارية، ما يستدعي تدخل عدة أطراف ومصالح لدراسة الملفات وإيجاد حلا قانونيا من اجل التسوية النهائية. كانت الشعب قد تطرّقت إلى هذا الملف سابقا بالحديث إلى مدير الديوان عن أسباب تأجيل دراسة عدد من الملفات وإحالتها إلى اللجنة الولائية، حيث ربط القضية بمشكل الإيجار، وجود بناءات فوضوية داخل هذه المساحات الفلاحية وبعض الأراضي لا تزال تابعة للوقف، وبالتالي تفتقد اللجنة لاطار قانوني يخوّل لها معالجة ملفات بهذا الشكل، كما أن القانون رقم 19 / 87 المؤرخ في 08 / 12 / 1987، يمنع وبصفة قطعية أقدم أصحاب المستثمرات على إيجارها للغير، فيما سمح القانون الجديد لسنة 2010، بالشراكة في حالة عدم استطاعة المعني استغلالها لوحده. كل هذا الوقت الضائع، لم يكن في صالح الفلاحين والنشاط الفلاحي بولاية تعتمد بصفة كبيرة على هذا القطاع عبر مساحة صالحة للزراعة تقارب 63 ألف هكتار، حيث كانت هذه المستثمرات المقدرة بحوالي 6009 مستثمرة في العهود السابقة تشكّل خزانا حقيقيا لإنتاج الفلاحي لمختلف الشعب بالأخص الأشجار المثمرة والمحاصيل الكبرى الحبوب والبقوليات بكل أصنافها التي تقلصت مساحتها إلى حدود 4 آلاف هكتار وتخسر سنويا مساحات أمام مدّ شعبة الكروم، مع تراجع إنتاجها الى 113 ألف قنطار أو أقل بمعدلات لا تتجاوز 25 قنطار في الهكتار رغم أهميتها الاستراتيجية في تحقيق الأمن الغذائي.