يتّجه قطاع البيئة إلى تعزيز خارطة الطريق الخاصة به من خلال التركيز على الاقتصاد الدائري باعتباره أحد أنماط التنمية الاقتصادية لضمان تدفق المواد الخام المسترجعة، مع احترام المبادئ البيئية والاستخدام الرشيد للموارد الطّبيعية لضمان التنمية المستدامة، ومنع إنتاج النّفايات عن طريق إعادة استخدامها، واعتماد التسلسل الهرمي لطرق معالجتها. تستند خارطة الطريق الخاصة بالقطاع على خمس محاور رئيسية تنطلق بداية من الخروج من دائرة رمي كل شيء، تحسين المعلومات وزيادة الوعي بين المستهلكين، ومكافحة النفايات، وإنتاج أفضل، حيث يقدّم مجموعة من التدابير المتماسكة والمتوازنة والمنظّمة، والتدابير الملموسة لتحقيق هذه الأهداف. تهدف الخارطة المعتمدة على الاقتصاد الدائري، إلى تقليل استهلاك الموارد الطبيعية، وكميات النفايات غير الخطرة التي تمّ إدخالها إلى مكب النفايات بنسبة 30 ٪ في عام 2024 مقارنة بعام 2019، والانتقال نحو 15 ٪ من المواد البلاستيكية المعاد تدويرها بحلول عام 2024، تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وخلق 70 ألف فرصة عمل إضافية. ويعد الانتقال إلى الاقتصاد الدائري مشروعا اجتماعيا حقيقيا يهدف لتغيير ممارساتنا المعيشية وابتكار أنماط جديدة للإنتاج واستهلاك أكثر استدامة، بداية باستخراج الموارد واستغلالها، التصميم الإيكولوجي، البيئة الصناعية، الاستهلاك المسؤول، وزيادة عمر الخدمة، الاستخدام، الوقاية، الإدارة وإعادة تدوير النفايات. ولتطبيق الاقتصاد الدائري بشكل ملموس، تمّ الشّروع في تعديل الإطار التنظيمي، والمتمثل في مشروع القانون المتعلق بإدارة النفايات والسيطرة عليها والتخلص منها، وهو حاليا على مستوى الأمانة العامة للحكومة، والذي جاء نتيجة عمل طويل من التشاور مع المتدخلين، ما سيضع أهدافا جديدة، ومن ذلك فرض حظر تدريجي للحد من استخدام البلاستيك أحادي الاستخدام، وتحسين المعلومات وزيادة الوعي بين المستهلكين لتسهيل فرز النفايات. وعزّز مشروع القانون مكافحة إهدار الطعام، بالإضافة إلى تخصيص قسم مهم لتنظيم القطاعات الخاضعة لمسؤولية المنتج الممتدة من إنشاء قنوات استرداد جديدة، شفافية أفضل، وأهداف هيكلية جديدة تتعلق بمنع وإدارة النفايات، والتقليل التدريجي لمدافن النفايات والنفايات الخاضعة للرقابة. في المقابل، يصطدم تغيير النموذج الخطي من تصنيع، استهلاك ورمي كل شيء باستنفاد الموارد، ما يجعل منه هدرا لحصة اقتصادية هامة، لهذا يشكّل الاقتصاد الدائري صناعة حقيقية تستلزم تشجيعها على الابتكار من أجل إنشاء أسواق جديدة، خاصة وأن تقنيات إعادة التدوير والاستعادة موجودة. وتشكّل النفايات بحكم طبيعتها وتكوينها، مادة خام لمختلف الأنشطة الاقتصادية أو الزراعية أو الحرفية أو الصناعية، حيث تجمع الجزائر سنويا 34 مليون طن من النفايات من جميع الأنواع، بما في ذلك 14 مليون طن من النفايات المنزلية وما شابهها، ومع ذلك فإنّ جمع، نقل ودفن النفايات مكلف جدا بالنسبة للخزينة العمومية، وبالتالي يصبح الانتقال الفعّال إلى الاقتصاد الدائري أمرا ضروريا، بالإضافة إلى استلام مراكز الطمر الفنية التي كانت مخصّصة فقط للنفايات النهائية. وتواجه الجزائر حاليا كميات هائلة من النفايات بجميع أنواعها دون فرز مسبق، بالإضافة إلى تشبّع مراكز الردم، وعدم وجود أرضية جديدة لإقامة مشاريع مماثلة، ممّا سيزيد من انتشار مكبات النفايات العشوائية في الهواء الطلق.