تتعرض صناعة الجلود في الجزائر إلى الكثير من المصاعب التي تهدد بغلق الكثير من المصانع، وتسريح مئات العمال في ظل استمرار تهريب المادة الأولية عبر الحدود وبروز منافسة غير شريفة بالإضافة إلى الكثير من الأسباب الأخرى التي وقفت عليها “الشعب” والتي تحتاج إلى معالجة لحماية إحدى أقدم النشاطات الصناعية في الجزائر التي كانت إلى وقت قريب تصدر منتجاتها نحو أوروبا. كشف كمال لطرش مسؤول في شركة السيخاتة والملابس الجلدية بالشراقة عن العراقيل التي تحول دون تطوير صناعة الجلود في الجزائر، موضحا بأن ندرة المادة الأولية -جلود الماعز والغنم- تعتبر أكبر عائق لمواصلة نفس وتيرة الإنتاج وإشباع السوق الوطنية بما تحتاجه المؤسسات والمواطن بصفة خاصة. وأضاف نفس المصدر أن قلة المادة الأولية تتسبب في توقيف الإنتاج في الكثير من المرات وأرجع لطرش الندرة إلى بروز منافسة غير شريفة من القطاع الخاص الذي يعمل جلهم بطريقة غير شرعية ويستحوذون على معظم المادة الأولية بفعل شبكات منظمة تسيطر على تجميع الجلود من الموالين والممونين الذين يفضلون بدورهم التعامل في الخفاء حتى يتهربوا من دفع الضرائب، كما أن مطالبتنا بالفواتير عند اقتناء الجلود زاد من متاعبنا مع مجمعي المادة الأولية. وتساءل في سياق عن القرارات التي تسمح بتصدير الجلود نصف مصنعة للخارج الذي زاد من تأزيم الأوضاع فيما يخص توفير ما نحتاجه في صناعتنا، ويحدث هذا في ظل منع تونس والمغرب لأي تصدير للجلود نحو الخارج لتغطية احتياجات المصانع هناك. وقالت السيدة بداوي، مسؤولة بمدبغة رويبة، ل “الشعب” “إن الصناعات الجلدية تتعرض لمشاكل كبيرة أبرزها تهريب المادة الأولية عبر الحدود وغلاء أسعارها وهو ما زاد من المتاعب” وأضافت”لقد راسلنا السلطات المعنية لتحسيسهم بالمشكل وتلقينا وعودا وردودا ايجابية للتدخل، للتقليل من استنزاف المادة الأولية”. إعادة هيكلة المؤسسات لم تشفع للنهوض بالقطاع عرف قطاع الصناعات الجلدية الذي تم إنشاؤه في 1968 إلى إعادة هيكلة في سنوات التسعينيات من خلال تقسيم المؤسسة الأم إلى فروع منها “مدبغة رويبة” و«مجمع جيجل” للمواد الأولية و«العامرية” بالجلفة و«ماكسوم” بجاية لصناعة الأحذية بالإضافة إلى وحدة “نڤاوس” بباتنة لصناعة الأحذية الجلدية الرياضية من أجل إعادة بعث النشاط ومنح أكبر استقلالية في التسيير وسهولة التأقلم مع تحولات السوق غير أن هذه الخطوات فشلت في ظل الفوضى التي عرفها ويعرفها الاقتصاد الوطني. وأثنى القائمون على الصناعات الجلدية في الجزائر على المؤسسات الرسمية التي تبقى الزبون الأول والوفي فمؤسسات الدرك والشرطة والحماية المدنية تتقدم بطلبياتها لنا وتفضلنا على الاستيراد أو اللجوء لمؤسسات أخرى وهو ما ساعدنا على التنفس ماليا من خلال هذه الأسواق الهامة. ومن بين الأسباب التي تقف دون تطوير هذه الصناعة تدني مستوى المعيشة التي تحرم المواطن من اقتناء المنتجات الجلدية التي تعتبر أسعارها مرتفعة نوعا ما بالمقارنة مع الملابس الأخرى. والى وقت قريب كان الجزائريون يقبلون كثيرا على الملابس والأحذية الجلدية غير أن التحولات الاقتصادية والاجتماعية جعلت الكثيرين يتخلون عنها، كما أن بروز ورشات غير شرعية لا تخضع للمراقبة تكون قد ضيقت علينا عمليات التسويق والتعريف بالمنتوج. ووجدت المؤسسات الناشطة في الصناعات الجلدية في المعارض الفضاءات اللازمة لإعادة التعريف بالمنتوج واستقطاب زبائن جدد مثلما تحدث عنه السيد كمال لطرش من مؤسسة السيخاتة والملابس الجلدية بالشراقة، كما قامت مختلف الفروع بإنشاء مواقع عبر شبكة النات لتدارك العجز في الإشهار والترويج. وطرحت السيدة بداوي من مدابغ الرويبة حرمان المؤسسات الوطنية من نقاط بيع “ديستريش” التي كانت تضمن لنا تسويقا للمنتجات بطريقة فعالة خاصة وأنها كانت متواجدة عبر مختلف ربوع الوطن. وتأمل المؤسسات الوطنية من الوصايا أن تأخذ ظروفها الاقتصادية الصعبة بالحسبان للسماح لها بالمشاركة في المناقصات الوطنية من خلال تخفيف شروط المشاركة التي تقف دائما في وجه المؤسسات الوطنية للظفر بأسواق جديدة تمكن الصناعات الجلدية من الارتقاء بالنشاط وتوسيع نشاطها وخلق مناصب عمل جديدة. ومن المطالب التي طرحها متعاملي الصناعات الجلدية نظرا لضعف التكنولوجيات المستعلمة وضعف القدرات المالية اقتناء تجهيزات جديدة، كما أن غياب التكوين وانعدام خلف في المهنة يجعل من هذا النوع من الصناعة مهدد بالزوال وهو ما عجل بغلق وحدة بومرداس.