تحتضن الجزائر اليوم ثاني أكبر اجتماع لدول الجوار اللّيبي، ويأتي هذا الأخير في ظرف دقيق على اعتبار أنه ينعقد قبل أربعة أشهر فقط عن موعد إجراء انتخابات عامة منذ انفجار الأزمة في هذا البلد الشقيق، ومن المقرّر إجراء هذا الاستحقاق، نهاية ديسمبر المقبل، وفق مخرجات اتفاق برلين، موعد مصيري يُعلّق عليه اللّيبيون آمالا كبيرة لاستعادة الشرعية المؤسساتية والسيادة الشعبية، من خلال إعطاء الكلمة للشعب لاختيار ممثليه. اجتماع اليوم وبالنظر إلى بعض العقبات التي قد تعرقل انتخابات، يوم 24 ديسمبر من العام الجاري، فرصة سانحة لتفعيل دور دول الجوار واستعادة المبادرة لإعادة تنشيط هذه الآلية التي كادت أن تنهي محنة الشعب اللّيبي، لولا التدخلات الأجنبية والحسابات الإقليمية والدولية الضيّقة، التي لم تسمح- للأسف- لدول الجوار، المعنية مباشرة بالأزمة، باستكمال هندسة حل بعيدا عن التدخلات الأجنبية. اجتماع دول جوار ليبيا الذي تحتضنه الجزائر، اليوم وغدا، سيعمل على إزالة كل المتاريس التي قد تعترض الانتخابات وفي مقدمتها القاعدة الدستورية التي حال توصّل اللّيبيون إلى اتفاق بشأنها، يمكن القول أن الطريق نحو الانتخابات أصبح معبّدا. كما سيطرح ملف المرتزقة والتواجد العسكري الأجنبي وغيرها من النقاط على طاولة اجتماع، يعتبر بالنظر لأهميته وتوقيته، محطة تضع الأزمة اللّيبية على طريق الحل ومنه اللّبنة الأولى لإعادة بناء مؤسسات الدولة اللّيبية التي هدمها الحلف الأطلسي في 2011. أعتقد أن القناعة التي تبلورت لدى الجميع هي أن الحل الذي يمكنه أن يكون مستداما في هذا البلد المأزوم منذ عقد كامل، هو الذي ينبع حصريا من الداخل الليبي بعيدا عن أي شكل من التدخل الأجنبي وعن أي خيار عسكري ثان، بعدما تأكّد للجميع أن التدخل العسكري، أغرق ليبيا في دوامة الفوضى وكرّس منطق اللادولة. تثبت الجزائر مرّة أخرى، أنها كانت وستظل الملاذ الآمن للأشقاء اللّيبيين ولن تتخلى عن مسؤولية توفير الظروف الملائمة للحوار بين اللّيبيين والتأسيس لمصالحتهم الوطنية، فالشعب اللّيبي الشقيق وحده من يقرّر مصيره بكل سيادة وحرّية.
