احتفل العالم كما الجزائر، أمس، باليوم العالمي للسياحة. لكن هل علينا الاكتفاء بالجانب الاحتفالي الذي كان باهتا كما هو واقع السياحة عندنا، التي لم تفلح - للأسف - حتى في استقطاب السائح المحلي، فما بالك بالسيّاح الأجانب؟ وراء هذا الواقع أسباب جعلت الفرد الجزائري يبحث عن أي وجهة لقضاء عطلته بعيدا عن وطنه، بالرغم مما تنام عليه بلادنا من وجهات رائعة، بعضها ضرب من الخيال، إضافة إلى خاصية سياحة الفصول الأربعة، عكس بلدان أخرى تجني ملايير الدولارات وتستقبل ملايين السيّاح كل عام، بعضها بحجم ولاية جزائرية؟ سمعنا كثيرا عن برامج للنهوض بالقطاع وأخرى لاستقطاب السيّاح الأجانب، لكن دار لقمان على حالها وإلا كيف تفسير أن يفضّل الجزائري قضاء عطلته في الشقيقة تونس أو في بلد آخر، طبعا، لأسباب موضوعية، من أسعار مغرية وخدمة نوعية، ناهيك عن محيط الفنادق والمركبات السياحية، توفّر خدمات تكميلية للإيواء، فالسياحة ليست توفير وسادة للنوم فقط، لكن كل ما يحتاجه السائح من فضاءات للترفية...إلخ. ثم ماذا عن الأولويات وما هي السياحة التي نريد؟، هل يعقل أن نعمل على استقطاب سياح أجانب، بينما لم نتمكّن حتى من إيقاف الهجرة الجماعية أثناء عطلة الصيف. ويكفي أن أكثر من مليوني جزائري يتوجهون إلى تونس سنويا حتى لا يدفعوا ضعفي أو ثلاثة أضعاف ما ينفقونه في بلادهم مقابل خدمات أدنى، وما يصرف هناك يكفي لبناء مركبات أو قرى سياحية؟!. الأولوية اليوم استرجاع الجزائريين الذين ينزحون سنويا إلى بلدان أخرى وفي جعبتهم الملايين من العملة الصعبة، لا أحد يستطيع تقدير القيمة الحقيقية لها لأنّها آتية من السوق الموازية، بسبب منحة سفر هزيلة لا تغطي مصروف ليلة واحدة في فندق وبهذا تضيع على الدولة فرصة مراقبة حركة الأموال. ولأنّ السياحة كل مترابط، يجب إصلاح كل هذه الاختلالات إذا كانت هناك إرادة حقيقية للنهوض بالسياحة وأولى مؤشرات هذا النهوض هي عندما يصبح الجزائري يفضّل بلده على أيّ وجهة أخرى.