يبدو لي أن الاهتمام بإنتاج الأفلام التاريخية والنصوص المسرحية، قد جاء متأخرا بالمقارنة مع ما وصلت إليه بعض الدول العربية والإسلامية في هذا السياق، غير أن الاستفاقة الحالية من غفوة تهميش الذاكرة الوطنية في الأفلام التاريخية والنصوص المسرحية قد ردت لها الاعتبار من طرف الجهات الوصية وفي مقدمتها وزارة المجاهدين وذوي الحقوق ووزارة الثقافة والفنون من خلال عودة الاهتمام بترسيخ قيم ومبادئ تاريخنا الوطني وتراثنا الحضاري بهدف الحفاظ على الهوية والذاكرة التاريخية للشعب الجزائري، وذلك من خلال رصد ميزانيات ضخمة من الأموال لإنتاج أفلام تاريخية ونصوص مسرحية تخلد امجاد وبطولات من صنعوا مجدنا وانتصاراتنا في الماضي، ومنها فليم الشهيد مصطفى بن بولعيد، والعقيد لطفي، وأحمد زبانة، خاصة وأن السينما الثورية الجزائرية كانت تعد رافدا أساسيا لوسائل الكفاح العسكري ضد الاستعمار الفرنسي، وكان لها اسهام كبير في التعريف بالقضية الجزائرية وتدويلها، ويمكن للباحثين في المجال التاريخي اعتمادها كمصدر للكتابة التاريخية، كونها تتناول بين مشاهدها شهادات حية لصنّاع الثورة والمقاومة الجزائرية، زيادة على تناولها لوثائق أرشيفية تعرض كنسخ مصورة في الفيلم، ولكن في ذات الوقت يتوجّب التعامل معها بحذر شديد لكونها تخضع لنزوات المنتج الفني مما سيؤدي بها إلى تزوير الحقائق التاريخية، وفي هذا السياق أظن ما قرّره رئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون في اجتماع مجلس الوزراء لشهر أوت الفارط، بإعادة إطلاق مشروع إنتاج فيلم «الأمير عبد القادر» باعتباره مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة وكونه رمزا عالميا، لهو دلالة على أهمية الأفلام التاريخية في الحفاظ على الذاكرة الوطنية، وبخصوص النصوص المسرحية المتعلقة بالتاريخ الوطني فهي لازالت بحاجة إلى اهتمام اكبر من طرف المؤلفين بالمقارنة مع ما يشهده المسرح الوطني من مسرحيات كثيرة ذات طابع اجتماعي ثقافي مستوحاة من الواقع اليومي للمجتمع الجزائري، ومن الحكايات المستمدة من التراث الشعبي، واعتقد لو تساءلنا كم عدد المسرحيات ذات طابع تاريخي وطني؟ لربما نعجز عن إيجاد أسمائها، نظرا لعدم تداولها ورواجها في مختلف الوسائط الرقمية، زيادة على ذلك وما يمثل من إشكالية للمهتمين والباحثين هو عدم وجود أثر كتابي لهذه النصوص التاريخية بهدف اعتمادها كمصدر للكتابة التاريخية، ومن هذا المنطلق يتوجب على الجهات الوصية البحث عن آليات جديدة لتفعيل الدور الحقيقي للمسرح التاريخي في ترسيخ الذاكرة الوطنية للشعب الجزائري.