تشهد شعبة إنتاج فاكهة التفاح بولايات الأوراس على غرار باتنة وخنشلة تراجعا نسبيا في الإنتاج خلال السنوات الأخيرة بسبب موجة الجفاف التي ضربت المنطقة، والتأخر الكبير في تساقط الأمطار، إضافة إلى توجه بعض الفلاحين للإستثمار في شعب أخرى تتناسب وطبيعة المنطقة على غرار الزيتون وغيرها، وبالرغم من ذلك تبقى باتنة تحافظ على ترتيبها الوطني الأول في إنتاج هذه الفاكهة التي أصبحت تُصدر للخارج بعد نجاح بعض التجارب من منطقة أريس وإشمول بباتنة. تشهد في مقابل ذلك عدّة شعب فلاحية أخرى تطورا ملحوظا بتحقيقها لنتائج جيدة كزراعة الزعفران والثوم، وهي شعب فلاحية واعدة، بفضل الدعم الكبير المقدم من طرف الدولة لقطاع الفلاحة الذي تُراهن عليه لبدائل ثروة جديدة وتحقيق الإكتفاء الذاتي. وتعتبر شُعبة التفاح من بين تلك الشعب التي تم تصدير دفعات منها لبعض الدول التي فتحت أسواقها لتفاح الاوراس بمختلف أنواعه نظرا لجودته العالية. تحوّلت منطقة الأوراس بولايتيها باتنة وخنشلة إلى قطب وطني رائد في إنتاج فاكهة التفاح، حيث أصبح تجار الجملة يحُجّون إليهما لإقتناء التفاح وتوزيعه وطنيا وتصدير الأجود منه، حيث يقوم التجار باقتناء كميات كبيرة منها للاستهلاك المباشر أو تخزينه في غرف التبريد المخصصة لذلك، وبيعه لاحقا في المواسم المخصصة لذلك على غرار ما يحدث حاليا خلال الشهر الفضيل بأسعار مرتفعة جدا. ارتفاع قياسي للأسعار خلال رمضان تعرف أسعار الفواكه الموسمية هذه الأيام بالموازاة مع دخول شهر رمضان المعظمة بولاية باتنة ارتفاعا قياسيا خاصة فاكهة التفاح، التي تعتبر باتنة قطبا وطنيا رائدا في انتاجها، على الرغم من قرب جني محاصيل هذا الموسم الفلاحي الجديد، حيث تبدأ عملية الجني في منتصف شهر جويلية من كل سنة عبر بوابة المناطق الجنوبية لعاصمة الأوراس المعروفة بارتفاع درجة الحرارة فيها، على غرار بريكة والجزار، وفي الأشهر التي تليها المناطق الشرقية لباتنة التي تتسم بطابعها الجبلي، على غرار وادي الطاقة وإشمول وإينوغيسن وفم الطوب. وقد فاق سعر الكيلوغرام الواحد منها 650 دج وأكثر ببعض الأسواق والمحلات التجارية، حيث دفع هذا الإرتفاع الكبير لأسعاره بالمواطنين إلى التعبير عن استيائهم من ذلك، حيث أرجع الفلاحون أصحاب المزارع المنتجة لهذه الفاكهة الموسمية السبب إلى النوعية الجيدة لهذا المنتوج، وكذا قلته بالسوق الوطنية والنقص المسجل في عدد الأسواق الجوارية، الأمر الذي سمح لمنتجي التفاح ببيعه مباشرة للمواطنين في الطرقات والشوارع الرئيسية، ما يساهم في رفع هامش الربح. وتتصدّر الولاية باتنة الترتيب الوطني في إنتاج هذه الفاكهة التي تُغطي إحتياجات أغلب ولايات الوطن، نظرا للمساحة الإجمالية المغروسة من أشجار التفاح، التي شهدت توسعا كبيرا في السنوات الاخيرة، رغم موجة الجفاف. وتتوفر الولاية على مساحة إجمالية لإنتاج هذه الفاكهة تتجاوز 5000 هكتار، وينتظر أن تتوسّع أكثر مع الوعود بتوفير مياه السقي الفلاحي التي تعتبر هاجس الفلاحين، ومكّن الخطر على مستقبل هذه الفاكهة، حيث أكّد بعض المنتجين أنه في حال تم توفير مياه السقي، فسيتم استغلال كل المساحة المخصصة للتفاح في المواسم الفلاحية القادمة، خاصة ما تعلق ببعض أنواع التفاح الجيد كتفاح القولدن والستار المعروفة عالميا، وتشتهر بها الولاية. وتسبّب الإرتفاع الجنوني في الأسعار إلى عزوف المواطنين عن اقتنائه، بالرغم من كثرة إستعماله في الشهر الفضيل ببعض الأطباق التي تزين موائد سكان الجزائريين، متسائلين عن غياب فرق مديرية التجارة عن مراقبة المحلات التي تبيع مختلف أنواع الفواكه التي غالبا ما يمر موسمها، وتشهد تكدسا وتلفا بسبب غلاء أسعارها وعدم بيعها للمواطنين وغياب غرف حفظ الإنتاج، وتدخل الوسطاء الذين يخزنونها ويعيدون بيعها بأسعار مضاعفة من جهة أخرى، نظرا لعدم تجاوز سعر بيع التفاح من طرف المنتجين ل 350 دج. شهرة تجاوزت الحدود الوطنية تتواجد أهم بساتين التفاح بمناطق جبلية بكل من ولايتي باتنة وخنشلة كجبل شيليا وجبل بولغمان، ما سمح لهذه المواقع بأن تكون مركزا مهما لإنتاجه، بفعل خصوبة الاراضي والمناخ المناسب والموقع الجغرافي الممتاز، وتشتهر الطرق الوطنية للولايتين بعرض التفاح بمختلف أنواعه على طاولات مختلفة الأحجام والأشكال تأسر عيون المارين رغم غلائه حاليا، خاصة تفاح روايال المعروف عالميا وكذا القولدن دلسيوز وستاركريمسون، وغيرها من أجود الأنواع التي باتت محل إقبال منقطع النظير من طرف المواطنين والتجار وحتى المصدرين. وتتواجد هذه الأنواع بوفرة في مناطق إشمول وإينوغيسن وآريس وفم الطوب ووادي الطاقة، وكذا مريال بنواحي سيدي معنصر وعيون العصافير، التي تعد حسب مصالح مديرية الفلاحة بولاية باتنة بمثابة الأقطاب الفلاحية الرادة في إنتاج هذه الشعبة، تضاف لها منطقة حيدوسة والرحوات بمروانة، الأمر الذي جعل من ذات المصالح تراهن فعلا على تطوير هذه الشعبة بكل ما أوتيت من امكانيات من خلال تشجيع الفلاحين والمستثمرين على ذلك. وأكدت مصالح مديرية الفلاحة بباتنة تجاوز المساحة المغروسة حالياً بأشجار فاكهة التفاح ال 5000 هكتار، 135 هكتار منها عبارة عن غراسات جديدة تمت في الموسم المنصرم 2021، تشكل نسبة 20 بالمائة من إجمالي مساحة الأراضي المخصصة للأشجار المثمرة بالولاية والمقدرة ب 25388 هكتار، الأمر الذي سمح بتسطير أهداف لخلق بدائل ثروة وطنية جديدة من خلال عملية التصدير لهذا المنتج الذي تجاوزت شهرته الحدود الوطنية. وقد دفع هذا التحدي بمديرية الفلاحة إلى توسيع المساحة المخصصة لهذه الشعبة كل سنة، ومواجهة التحديات التي تفرضها ندرة المياه وتراجع منسوبها بغالبية الآبار بالمنطقة، من خلال التدخل لدى مصالح مديرية الري لمنح رخص حفر أبار جماعية وتوفير الموارد المائية اللازمة، حيث يُعتبر هاجس نقص مياه السقي أكبر مشكلة تواجه تطور هذه الشعبة الفلاحية المهمة. ويُقدّر حسب مديرية الفلاحية دائما عدد الفلاحين الناشطين في مجال إنتاج التفاح بحوالي 1570 فلاح، وهو رقم يعكس رغبة فلاحي المنطقة في مواصلة الإستثمار في إنتاج هذه الفاكهة رغم العراقيل الكثيرة المسجلة في الواقع، خاصة مشكلة المياه والتخزين في انتظار تخصيص مساحات أكثر لإنتاجه وتوسيع المساحة الفلاحية المختصة لهذه الفاكهة. وتشير معطيات إلى فتح آفاق تصدير جديدة بعد نجاح بعض التجارب خاصة بماليزيا وفرنسا وتونس وعدة دول تحضّر لعقد شراكات نوعية مع الجزائر في هذا المجال، بالموازاة مع إنتاج أنواع جديدة من لتفاح مطلوبة عالميا، حيث أنتجت باتنة الموسم الفلاحي المنصرم 1.7 مليون قنطار، حيث يتوزع انتاج هذه الشعبة الفلاحية الهامة على كل البلديات، حوالي 45 بالمائة منها مغطاة بالشباك المضاد لحبات البرد، في حين تشتهر المناطق الجبلية بمنطقة إشمول الجبلية بجودة المنتوج حيث تتصدر الترتيب المحلي من حيث المساحة المخصصة للتفاح ب 480 هكتار، وتتوفر على أكثر من 75 غرفة تبريد من إجمالي 200 غرفة تبريد عبر الولاية تقوم خلال هذه الفترة من السنة بتخزين المنتوج، حسب معطيات مديرية المصالح الفلاحية بباتنة. المزارع النّموذجية حتمية دفعت التطورات المتسارعة في إنتاج فاكهة التفاح عالميا بفلاحي منطقة الأوراس إلى التوجه نحو إطلاق تجارب المزارع النموذجية من خلال توفير الظروف الملائمة لاستمرارها بزرع نوعية مميزة من شجيرات التفاح يتم استيرادها من دولة إيطاليا، ثم تركيب كافة اللواحق الخاصة بها بما فيها الأعمدة والشبكة الواقية من البرد، بالإضافة إلى شبكة السقي مع تطبيق برنامج السماد البولندي المعروف بجودته العالمية رغم ارتفاع تكاليف استيراده، والحرص على المتابعة الميدانية لها من طرف بعض المهندسين المختصين في الزراعة. وتُعتبر طريقة الزراعة المكثفة لشجيرات التفاح وفق التجربة البولندية حسب بعض الفلاحين الطريقة الاحسن لضمان وفرة ونوعية في انتاج التفاح، بهدف إنتاج أكثر من 200 قنطار في الهكتار الواحد خلال السنة الثانية من هذه التجربة على أمل أن ترتفع مردودية الاستثمار مع السنة الثالثة لتصل إلى إنتاج 600 قنطار في الهكتار الواحد، إلى جانب ذلك، أسهمت، الأساليب الحديثة المعتمدة في الري الفلاحي وإدخال المكننة الحديثة واستعمال المواد العضوية، خاصة وسائل السقي الحديثة في تطور الإنتاج. والهدف من إطلاق هذه التجارب النموذجية حسب مديرية الفلاحة، بعث شراكة ناجحة لتحقيق تطور في الشعبة، ما يسمح برفع كمية الإنتاج وتحسين نوعيته، وبالتالي توفيره بأسعار مقبولة جدا للمستهلك وتنافسية للتجار بغية اقتحام عالم التصدير بعد تغلب التفاح المحلي على الأجنبي المستورد بفضل مجهودات الفلاحين، الذين أنجزوا غرفا للتبريد بإمكانياتهم الخاصة.