صدر للكاتب الدكتور مشري بن خليفة مجموعة شعرية حملت عنوان «تجليات طين الصمت» في طبعة أنيقة من الحجم المتوسط، تنوّعت وتعدّدت تجلياتها الشعرية الخمسة، فحمل كل تجلي سياقه وموضوعه الابداعي مثلما أرادها الشاعر أن تكون، كفاتحة لباكورته الشعرية، مستلهما من تجربة مولانا جمال الدين الرومي صوفية المعنى وزهد اللغة، حيث تغوص في عوالم الروح والسكينة تناجي الكون في ثنائية فلسفية عميقة تتدلى مخارجها عن نهاية كل قصيد. جاءت المجموعة الشعرية «تجليات طين الصمت» موزعة عبر 95 صفحة من الحجم المتوسط، صادرة عن دار خيال للنشر والترجمة لصاحبها الروائي رفيق طيبي، بتوقيع السنة الحالية 2022، وعلى غلاف المجموعة أبدعت الفنانة التشكيلية مسعودة فرجاني بلمستها الإبداعية، فاختارت لوحة فنية تمازجت في طينها الألوان وتعدّدت الإشارات بألوان مفتوحة وداكنة، متداخلة في تفاسيرها كل المعاني والتجليات حتى وإن غلب عليها اللون الأزرق السماوي، فإن لون الطين الفاتح حين يكون تربة مبللة ببقايا الغيث يفتح سماواته ويتجرد من لونه البني ليميل إلى لون مخالف أكثر دكانة وانفتاحا، كأنه يقول للكون دعني أحيا في الملكوت. تعدّدت تواريخ المجموعة الشعرية «تجليات طين الصمت» فكتبت عبر سنوات متفارقة وهو ما يلاحظ من خلال هوية النصوص اللغوية، أنها كلها كتبت في الألفية الثانية ما بين سنة 2004 وسنة 2021 مثل قصيدة «النهار يغسل وجهه من الغبار» في الصفحة 82، حين يقول الشاعر مشري بن خليفة في مطلع النص «أرمم الصمت وأخيط وجعه / لعله يصرخ من ألمه / شفتاي معلقتان على حبل الغسيل / ومن شرفتي يطل جسدي المتعثر بزرقته / حقيبتي تلبس الموج عباءة / وأنا أتهجى الماء في صمت وأكتبه،/ إلى أن يقول في المقطع الأول من القصيدة: ضاع مني الطريق في زحمة الغياب / ومراكبي ابحرت في الخوف والحرب على الابواب تنهش صوتي، قصيدتي، وكل الصباحات/. أصر الشاعر مشري بن خليفة أن يؤرّخ لبعض القصائد تاريخيا، فمنحها تاريخ ميلادها بالشهر واليوم، ولعله يحتفظ في ذاكرته باللحظة ذاتها حين أدركته ملكة الشعر، إلا أن بعض النصوص جاءت خالية من التاريخ، لكن المتمعن بين أسطر القصائد يدرك جيدا السنة بالتقريب، وذلك من خلال اللغة ومفرداتها، لذلك «نقول أن المفاتيح اللغوية لم تكن متباعدة زمنيا، بل متقاربة، بدليل تعدد الكثر من الكلمات بين النصوص» كتب الشاعر مشري بن خليفة.