يستعرض الفنان التشكيلي محمد صحراوي المدعو «موحو» 44 لوحة، تروي تقاسيم العنوان العريض الذي اختاره لتشكيلة أعماله الموسوم ب»الحب والحرية» التي تستمر فعاليتها إلى غاية 30 من الشهر الجاري، كما يحاول صاحب المعرض من خلالها أن يربط الزائر الواقف على متن جسر من اللوحات التي استوقفت لحظاتها محطات من الزمن، لتروي مشاعر مترجمة فنيا بجذور استمدت قوتها من تاريخ الإنسانية، لاسيما ما تتميز به من ارتباط وثيق بتاريخ مصدر إلهامه بلده الجزائر، ويدعو الفنان الزائر في لوحاته للقاء بين الكتابة والموسيقى والرسم الذي يستخدمه. يطل الفنان التشكيلي العصامي المعروف ب»موحو صحراوي» برواق محمد راسم، على جمهوره بتشكيلة من لوحات مليئة بالألوان العاكسة للضوء والمعروضة بأحجام مختلفة حول جدران الفضاء، حيث سيلمح المار بينها ما اعتمده الرسام في عمله من تقنية قل نظيرها في عالم الفن التشكيلي ألا وهي «الرسم بالألوان على الرمال، ليقدّم من خلال تلك العناوين العميقة مواضيع ذات الدلالة بالحب اللامشروط بالوطن المرتكز على ثقافة كبيرة لشعب محب للحرية والتحرّر، والمحافظ على عادات وتقاليد لا تقبل الاستهجان، في حين ستستوقف الجمهور خلال جولته بين ثنايا اللوحات العديد من العناوين من بينها لوحة تتحدث عن الكارثة الوطنية عنوانها «فيضانات باب الواد نوفمبر2001»، وهي واحدة من الأعمال التي أعاد «موحو» رسمها، ولكن بطريقة جديدة مغايرة للأصلية، إلى جانب كل من لوحة «لميمة»، «النجمة»، «الهلال»، «الخامسة»، «ابنة الشمس»، «التبسيمة»، «لحْجَر»، «أصحاب الحرية» وهي لوحة تتضمن مجموعة 22 التاريخية التي أطلقت شرارة الثورة التحريرية المباركة. لوحات تتكلّم بلغة الأحاسيس وفي تصريحه ل»الشعب» قال الفنان التشكيلي محمد صحراوي، إن اللوحات المعروضة هي ترجمة تلقائية لأحداث ومواقف وظواهر عاشها وعايشها ورويت له وقرأ عنها، وأن بعضها في الأصل هو استرجاع لأعمال لوحات قديمة تعود إلى الأعوام 2004، 2005، 2006، حتى 2022، كما جاء في سياق كلامه: «حاولت من خلال مجموعة اللوحات أن لا أُجهد فكر الزائر في فهم محتواها، وسعيت على أن لا يتوه في تفاصيل مبهمة، والهدف من كل ذلك هو أن يجعله يغوص تلقائيا في جذور الإنسانية من خلال الكتابة الهيروغليفية التي تضمّنت كل لوحة، حيث سيستذكر عبر الألوان الدافئة الساطعة جمالية الكتب القديمة، لاسيما الرسائل المكتوبة على ألواح الطين، كما يمكن للزائر أن يتلمس حبيبات الرمل التي تشكل القاعدة الأساسية لكل رسمة». وفي ذات الصدد، استعرض موحو باختصار حكايته مع الفن والرسم وعالم التشكيل الذي رافقه منذ الصغر، والذي استمد عمومياته من والده الذي كان يعمل دهَّانا، أين تعلم منه أبجديات التناسق في الألوان، لاسيما بعض الأسرار اللطيفة عن فن التدرج والتمازج العفوي والساحر فيها كما تحدث التشكيلي عن سر علاقته بتقنية الأكريليك وبالرمال والوشم، وبعض الرموز الهندسية المعقدة ذات الصلة باللغة البدائية للإنسان، التي ترافق ريشته والألوان في كل أعماله أين ينقش عليها كتابات أعظم الشخصيات التي ألهمته، على رأسهم الكاتب المسرحي العظيم ومؤسس مجلة الأدب الجزائري الحديث «كاتب ياسين»، وإسياخم الفنان مصمم تقنية فن الجرافيك وأحد أبرز رواد الحركة التجريدية في العصر الحديث، كما تطرّق إلى الهدف الرئيسي وراء استخدامه لكتابة معينة في كل لوحة، حيث قال عنه «إنما هو بعد بصري تصويري موجود عند كل فنان، وأن كل لوحة بإيقاعات ألوانها وخطوطها ورموزها المتنوعة إيصال صوت مرئي غير مسموع منبعه وجوهره الإنسان». لوحات منبثقة من المدارس التشكيلية كما أشار الرسام «موحو» أن لديه لغة خاصة بالرسم، وهذا ما تمّ فعلا ملاحظته عبر أعماله التي وجدنا فيها ألوانًا جريئة، مثل الأحمر والأصفر، مع تفضيل درجات اللون الأزرق، لون يجعل إيماءة مبهجة للسماء أو حتى البحر الأبيض المتوسط، باختصار، وكما جاء على حدّ قوله «أعمالي ماهي سوى توليفة من الأساليب المتذبذبة بين التكعيبية والتجريدية والتعبيرية والانطباعية التي حدّدتها المدارس الفنية المختلفة التي أهتم بها، والتي ساهمت بشكل كبير في إثراء مسيرتي وعملي الذي آمن به الكثيرون الذين لهم فضل علي، خاصة في بداياتي التي كانت في ديسمبر من عام2001، وذلك من خلال أول معرض لي (عرض فردي) الذي يعود نجاحه إلى كل من دليل سامي مسؤول سابق لدى مؤسسة فنون وثقافة، حيث قمت حينئذ بعرض 44 لوحة وهو نفس عدد اللوحات المعروضة اليوم في هذا الفضاء الرائع «رواق محمد راسم «، كما يعود الفضل أيضا إلى الاستاذ مانو كحلام، والاستاذ فرَّاح الذين أشكرهما من خلال منبر جريدة «الشعب»، لاسيما بقية الشخوص التي لم تتوانى في تشجيعي لحظة». «موحو» في سطور للإشارة، الفنان التشكيلي محمد صحراوي «موحو»، ولد في الجزائر العاصمة عام 1965، متحصل على شهادة مهندس تخطيط استخدام الأراضي. وفي سنة 1992 استحوذ الفن التشكيلي على حياته، وامتهن خلالها العمل كرسام كاريكاتوري في جريدة «الجمهورية الجديدة» عبر مختلف أقسامها كالمجتمع وحقائق مختلفة، كما عرفت مسيرته بصمات في التصميم على الجرافيك، أول انطلاقة له كان عام 2000، وذلك من خلال معارض جماعية للفنون التشكيلية في كل من قسنطينة وسطيف، ليقوم في السنة التي تليها بمعرض شخصي في الجزائر العاصمة، أي قبل أن يقيم نهائيا في باريس سنة 2003. وفي عام 2003، قام ببحثه التشكيلي والجرافيكي في فرنسا، ووصل إلى حدّ إنشاء لوحات حية (عروض) مصاحبة للموسيقيين على خشبة المسرح، مثل انتشار ڤناوة أثناء الحفلات الموسيقية: غرونوبل في عام 2009؛ المركز الثقافي الجزائريبباريس 2011، سيجال في عام 2012؛ أورلي في حفل لدعم الأطفال الفلسطينيين عام 2013 والعديد من الموسيقيين الآخرين.