حذّرت العديد من الدول، أمس، من تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، داعية لتحرك المجتمع الدولي والبلدان الكبرى نحو تهدئة. جاء ذلك، غداة تشييع جثامين 3 شهداء فلسطينيين في جنين، قتلوا برصاص الجيش الصهيوني. أعربت مجموعة الدول عن قلقها البالغ مما تشهده الأراضي المحتلة من أعمال عنف بوتيرة متزايدة تستهدف أبناء الشعب الفلسطيني، وآخرها استشهاد 3 فلسطينيين بمدينة جنين فجر الخميس. وأضافت أن «العام الحالي شهد أكبر عدد من الشهداء الفلسطينيين منذ سنوات عديدة حيث تجاوز 200 شهيد». واعتبرت أن ذلك «ينذر بمخاطر تدهور الأوضاع نحو المزيد من العنف وإراقة الدماء». ودعت «المجتمع الدولي والدول الكبرى إلى تحمل مسؤولياتها نحو تهدئة الأوضاع وعدم التهاون مع تنامي خطاب التصعيد أو التشدد المؤدي إلى العنف». والخميس، جددت فصائل فلسطينية، منها حركتا «حماس» و«فتح» تمسكها بالمقاومة الشعبية الشاملة لمواجهة الانتهاكات الصهيونية بحق المواطنين، بمناسبة الذكرى ال35 ل«انتفاضة الحجارة». وكانت قوات صهيونية خاصة دخلت مخيم جنين للاجئين بهدف اعتقال أحد المطلوبين، فقتلت 3 فلسطينيين في العملية. وأعلن الفلسطينيون أن صدقي زكارنة (29 عاماً)، وطارق الدمج (29 عاماً)، وعطا الشلبي (46 عاماً) قضوا برصاص الجيش الصهيوني. ويرفع الشبان الثلاثة عدد الذين استشهدوا منذ بداية العام الحالي إلى 216، منهم 164 في الضفة الغربية، و52 في قطاع غزة. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن «حكومة الاحتلال الصهيوني تحاول إشعال المنطقة من خلال مواصلة جرائمها ضد شعبنا الفلسطيني»، محملاً هذه الحكومة مسؤولية التصعيد الخطير المتواصل الذي يدفع بالمنطقة نحو مزيد من التوتر وتفجر الأوضاع. توفير الحماية والمحاسبة وطالب أبو ردينة الإدارة الأمريكية بالتوقف عن «صمتها تجاه هذه الجرائم، وتحويل أقوالها إلى أفعال؛ لأن غير ذلك يعني استمرار هذه الجرائم بحق شعبنا». كما دعا رئيس الوزراء محمد أشتية، المجتمع الدولي، إلى توفير الحماية للشعب الفلسطيني، في ظل استمرار الجرائم وعمليات الاغتيال اليومية، واستباحة الدم الفلسطيني. وطالب أشتية بتقديم الجناة للعدالة الدولية، معتبراً أن شعورهم بالإفلات من العقاب، الذي تعززه سياسة المعايير المزدوجة، هو الذي يشجعهم على ارتكاب جرائمهم. وبحث أشتية موضوع الحماية الدولية مع منسقة الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية لين هاستينغز، في مكتبه برام الله. وقال أشتية للمنسقة الأممية، إن ثمة حاجة إلى إطار سياسي يقود إلى حل الدولتين وإنهاء الاحتلال ووقف تغوّل الكيان الصهيوني على الحقوق الفلسطينية، كون الأممالمتحدة مسؤولة عن إحلال السلام على مستوى العالم. وجاءت عملية الصهاينة في جنين في ظل تقديرات بتصعيد أكبر مرتقب في الضفة الغربية مع وصول الحكومة الصهيونية اليمينية. ومنذ بداية العام، اعتقل الجيش أكثر من 2500 فلسطيني في إطار حملة «كاسر الأمواج» التي تستهدف قتل واعتقال فلسطينيين رداً على سلسلة عمليات ضد صهاينة. وسجل الجيش نحو 300 هجوم إطلاق نار ومحاولات هجوم في الضفة هذا العام، مقارنة ب91 في العام الماضي. وأمر الجيش الصهيوني فرقة الضفة الغربية العسكرية، برفع حالة التأهب في صفوف القوات؛ تحسباً من تنفيذ عمليات انتقامية رداً على العملية العسكرية في جنين. تطور أساليب المقاومة في السياق، أظهرت الاشتباكات الواسعة في جنين شمال الضفة الغربية، تطوراً في أساليب المقاومين الفلسطينيين في مواجهة الاقتحامات، بطريقة أثارت قلق الجيش الصهيوني من تحصينات أكثر دقة وتعميم التجربة في مناطق أخرى في الضفة. وقالت وسائل إعلام صهيونية، إن الفلسطينيين تجهزوا الخميس قبل وصول قوات الاحتلال إلى مخيم جنين، وكانوا نصبوا حواجز «مفخخة» على مداخل المخيم ومخارجه، ونجحوا في وضع جيش العدو تحت وابل من العبوات. وقالت إذاعة الجيش الصهيوني إن قوات الجيش تعرضت لعبوات متفجرة قبل خوض اشتباكات مسلحة مع الفلسطينيين في المخيم. ووصف موقع «واينت» الصهيوني ما جرى بأنه تطور تحول معه مخيم جنين إلى حصن للمقاومين، الذين نشروا المتاريس ونقاط المراقبة، واستخدموا حتى الكاميرات لمراقبة وصول وتحرك الجيش والتصدي له. واعتبر الموقع أن ما جرى في جنين علامة فارقة في تطور طرق مواجهة الفلسطينيين للجيش الصهيوني، الذي يقتحم المناطق كل يوم، ويعتقد أنه لا توجد نهاية لسلسلة الأحداث، ولذلك ثمة مخاوف من انتشار «التحصين» إلى مناطق أخرى في الضفة. خطته للتهجير وتقسيم الأقصى كشف النائب الصهيوني المتطرف، إيتمار بن غفير، عن خطة يعدها لطرد الفلسطينيين وجلب مزيد من اليهود إلى الأراضي المحتلة، وتقسيم الأقصى، بعد أن يحصل على حقيبة في الحكومة المقبلة برئاسة بنيامين نتنياهو. وفي برنامج على قناة صهيونية، قال العنصري بن غفير إنه سيمحو السلطة الفلسطينية، وسيضم الأراضي المحتلة المقامة عليها مستوطنات يهودية إلى الكيان الصهيوني، وسيترك الفلسطينيين ليديروا أمورهم بأنفسهم في «تجمعات خاصة بهم»، لكن دون سلطة ولا امتيازات.