يشن نظام المخزن، مع تنامي الحركات الاحتجاجية في المغرب، حملة شرسة ضد الناشطين الحقوقيين والمعارضين، لترهيب الشعب المغربي وثنيه عن المطالبة بحقه في العيش الكريم، خاصة في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع. كما كثّفت الدولة المخزنية من حملة الاعتقالات التعسفية لمعارضي سياسة "الفساد والاستبداد"، والتي أصبحت العنوان الأبرز للوضع الراهن في المملكة، ناهيك عن تكثيف حملات "التشهير والتخوين" عن طريق فبركة الملفات وتلفيق تهم "لا أخلاقية "بهدف تشويه المعارضين وتكميم أفواههم. وفي هذا الإطار، أجلّت محكمة وجدة، الاثنين، محاكمة أيقونة حراك جرادة، آمال عيادي (17 سنة)، إلى يوم 23 جانفي القادم، والمتابعة هي ووالدتها، بتهم تنظيم مظاهرة غير مرخص لها، وإهانة هيئة منظمة وموظفين عموميين، وهي التهم التي وصفها حقوقيون بغير المنطقية، بالنظر إلى سنّ الناشطة الحقوقية. وأطلق نشطاء عريضة من أجل وقف متابعة عيادي، "في ظل تزايد الإعتداءات على الحقوق والحريات من قبل السلطات"، مشيرين إلى أنّ ذلك يعتبر انتهاكا صارخا لالتزامات المغرب بالمواثيق الدولية، ومطالبين بضمان واحترام حقوق الإنسان، وفي مقدّمتها الحق في الاحتجاج والتفكير وحرية التعبير. وتعرّضت أمال عيادي لتضييق كبير من طرف السلطات المخزنية بسبب نشاطها الحقوقي، حيث سبق وأن تمّ حرمانها من حقها في التعليم بسبب مشاركتها في الاحتجاجات التي شهدتها منطقة جرادة. وفي 7 ديسمبر الماضي، تمّ تأجيل محاكمة والدة الناشطة الحقوقية الى الفاتح من فيفري القادم، وهي التي تتابع بنفس تهم ابنتها. وفي سياق ذي صلة، وجّه الأمن المخزني بالقنيطرة استدعاء للناشط الحقوقي يوسف الحيرش، المعروف بتدويناته الجريئة ضد سياسة النظام، ومشاركته في مختلف الحركات الاحتجاجات المندّدة بغلاء المعيشة والتضييق على الحقوق والحريات والمطالبة بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين. وقبل تلقي يوسف الحيرش للاستدعاء، كان قد نشر على صفحته الرسمية على "فايسبوك" مقالا بعنوان "قانون المالية 2023..هندسة أوليغارشية وضحك على الذقون"، وجّه فيه انتقادات لاذعة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش. وكان الحيرش قد تعرّض قبل أشهر قليلة إلى محاولة قتل بالسلاح الابيض من قبل مجهولين بالقرب من مسكنه وفي وضح النهار، وأصيب على إثرها بجروح خطيرة كادت أن تودي بحياته، ولحد الساعة لم يتم تحديد هوية المتورطين. إجراءات انتقامية جدير بالذكر، أنّه يوجد حاليا 150 معتقلا سياسيا في السجون المغربية، كان آخرهم القيادي في جماعة العدل والاحسان، محمد باعسو، الذي لم تكتف السلطات باعتقاله فقط بل قامت بحملة "تشهير ممنهجة" ضده في وسائل الاعلام المخزنية. وتنديدا بالاعتقالات السياسية ضد المعارضين، نظّمت عدّة هيئات حقوقية وقفات احتجاجية، كما استنكرت الهيئة المغربية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير، تشغيل المخزن آلة التشهير المألوفة لتلطيخ سمعة الناقمين على سياساته، مطالبة بالإفراج عن المدافعين عن حقوق الإنسان. من جهة أخرى، تواصل السلطات المخزنية استهداف فاضحي الفساد، حيث توعّد وزير الداخلية المغربي من ينقل تردي الأوضاع في المدارس والمستشفيات والإدارات العمومية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ووصفت الجمعية المغربية لمحاربة الفساد، في منشور لها، تهديد وزير الداخلية ب "الخطير وغير المقبول بتاتا" في حق مواطنين مغاربة يتم المسّ بسلامتهم النفسية عبر الوعيد، والتلويح بالمتابعات القضائية التي قد تزج بهم الى السجون. وسلّط تحقيق صحفي مغربي مؤخرا الضوء على الممارسات القمعية والانتقامية التي تستهدف الحقوقيين وفاضحي الفساد في المملكة بتهم أبرزها التشهير، ما أدّى إلى ضعف معدلات التبليغ عن الفساد بسبب عدم الشعور بالأمان والخوف من الانتقام. وقدّم التحقيق الصحفي، تحت عنوان "أصابع الادارة على الزناد..إجراءات انتقامية تلاحق كاشفي الفساد"، نماذج لمدوّنين ومواطنين وجدوا أنفسهم أمام القضاء، بعد أن نشروا على مواقع التواصل الاجتماعي أخبارا عن تردي الخدمات في المستشفيات وواقع التعليم في بعض المدارس، كما هو الحال مع المدوّن والناشط الحقوقي مصطفى زروال.