نظمت تحت الرعاية السامية لفخامة رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، احتفالات عميدة الصحف الجزائرية «الشعب» بالذكرى الخمسين من تأسيسها في جوّ حميمي حضره عديد الشخصيات السياسية، وعلى رأسها وزير الاتصال، محمد السعيد، ووجوه إعلامية وثقافية، الذين لم يفوتوا المناسبة لمشاركتها فرحتها، معبرين من خلال مداخلاتهم في الفترة الصباحية، التي خصصت لتقديم محاضرات، حول (العنوان الرمز) الذي ينتمي إلى الإعلام العمومي. بالرغم من الحميمية التي ميّزت احتفائية نصف قرن من الوجود والعطاء لعميدة الصحف الجزائرية، إلا أن المداخلات التي قدمت خلالها اتسمت بالصراحة، حيث قدم كل متدخل رأيه وتحليله لواقع الإعلام العمومي المكتوب، في ظل التحديات المفروضة. وقد تردد على المنصة عدة شخصيات منها وزراء سابقين أمثال محمد عبو وزير الاتصال الأسبق الذي اعتبر أن الصحافة العمومية كمرجع، حيث أثار من خلال مداخلته عدة مسائل تحتاج حسبه إلى نقاش وتدقيق منها ما يتعلق بالموضوعية، والاحترافية، مشيرا إلى خصوصية «المنتوج الإعلامي» الذي يختلف كل الاختلاف عن المنتوجات الأخرى، لأنه سريع الاستهلاك، وبالتالي يتطلب سرعة في التوزيع، غير أن هذا الأخير، أصبح مشكلا يؤرق الإعلام العمومي. أكد محمد عبو وزير الاتصال الأسبق بأن الصحافة العمومية منها «الشعب» تقوم بوظيفة لا يعطى لها الاهتمام الكافي ولا تذكر، وتتمثل في (التوثيق)، ما يجعلها تستحق أن تكون مرجعا، مؤكدا على أهمية الخدمة العمومية التي تقوم بها، بالرغم من ما تكابده من انتقادات من قبل البعض قائلا «لا ينبغي إلقاء اللوم على الصحافة العمومية، بل ينبغي معرفة من المسؤول عن إنزوائها»، مضيفا أن «الصراحة التي تقال فيها لا يجب أن تتجاوز الحدود». ولم يستسغ الوزير الأسبق، في الكلمة المرتجلة، التي ألقاها بالمناسبة، وضع الصحافة العمومية في قفص الاتهام من قبل، وقد ألقي عليها كل اللوم في الحالة التي بلغتها اليوم من ضعف في الانتشار بسبب مشكل التوزيع، والتذبذب في جانب التمويل، في ظل المنافسة الشرسة التي تواجهها من قبل إعلام خاص، مبرزا انه لا يمكن المقارنة بين الصحافة العمومية والخاصة، بل يجدر الحديث عن الموضوعية للوصول إلى الاحترافية المطلوبة، مشيدا بالدور الكبير الذي قامت به في مجال الخدمة العمومية. وفي نفس الموضوع، تحدث الأستاذ رشيد فريح، عن مفهوم الخدمة العمومية في وسائل الإعلام، التي ترتكز حسبه على 3 نقاط: التعليم، التربية والترقية، وهي قيم يبدو حسبه اندثرت، مبديا تأسفه كون هناك صحف وقعت في فخ ما يطلبه الجمهور، متخلية بذلك عن الوظائف التي انشئت من أجلها. واعتبر المتحدث أنه بالرغم من ظهور عوامل جديدة مؤثرة في الصحافة كالإثارة، إلا أن جريدة «الشعب»، بقيت محافظة على القيم الاجتماعية، وهي لسان حال المواطن، ولم تنساق وراء الربح التجاري، بالرغم من أن ذلك كلفها تراجعا عن مواقع اكتسبتها سابقا في الساحة الإعلامية التي يصل عدد العناوين فيها إلى 127 عنوان. ومن جهته، تحدث يوسف فرحي أحد الوجوه التي واكبت تأسيس جريدة «الشعب»، عن الظروف الصعبة والمخاض العسير الذي (ولدت) فيه (أم الجرائد)، مقدما بعض التفاصيل عن تلك الفترة التي لم تكن أدنى الإمكانيات متوفرة لإعداد وطبع جريدة، معرجا على المحطات التي سبقت إنشاءها، ومشيرا إلى قوة الصمود أمام المشاكل التي واجهتها في بدايتها، وهي تشق طريقا صعبا لم يكن مكللا بالورود، لكن الإرادة القوية وعزيمة مجموعة من الصحفيين آنذاك كانت كافية لإصدار هذا العنوان، الذي بقي صامدا نصف قرن من الزمن.