تسعى فرنسا جاهدة إلى ربط وتمتين العلاقات مع الجزائر في مختلف الميادين السياسية منها والاقتصادية، وحتى في المجال الثقافي، الذي انطلق في إطار اتفاقية الشراكة الموقعة بين البلدين في ديسمبر 2007 . تواصل فرنسا في تحقيق وتجسيد هذا التعاون، حيث تعد الجزائر من الدول الأولى التي تحضى باهتمامات فرنسا لنشر ثقافتها، وعلى هذا الأساس سعت إلى فتح مراكز ثقافية عبر مختلف ربوع الوطن وصلت إلى خمسة في كل من الجزائر العاصمة، عنابه، وهران، قسنطينة وتلمسان، على أمل إعادة أيضا فتح معهد ثقافي فرنسي بتيزي وزو قريبا، ليكون مقره بشارع شيخي عمر. ويعد المركز الثقافي الفرنسي بالعاصمة همزة وصل بين الجزائروفرنسا، والذي يحتضن مختلف النشاطات الثقافية والفنية، كما أنه يساعد الجزائريين على تعلم اللغة الفرنكفونية . ولترسيخ التبادل أكثر تم دمج المراكز الثقافية الفرنسية الخمسة ومصالح التعاون الجامعي والتربوي والثقافي، التابعة لسفارة فرنسابالجزائر فيما بينها، والتي أصبحت منضوية تحت لواء المعهد الفرنسي بالجزائر، حيث اعتبر السفير الفرنسي كزافييه ديريانكور هذه المبادرة استجابة لخيار الحكومة الفرنسية لدعم المساعي الثقافية الفرنسية عبر العالم، ضمن ما يسمى بالدبلوماسية الثقافية، بهدف تحقيق إصلاح شامل يعطي العمل الثقافي الفرنسي بالجزائر دفعا وفعالية أكثر. وفي هذا الصدد تم تخصيص لعمل المعهد 14 مليون أورو، 44 بالمائة من هذه الميزانية للتعاون الجامعي والعلمي بين البلدين، بينما خصصت نسبة 17 بالمائة لتدريس اللغة الفرنسية، ونفس النسبة لتنظيم النشاطات الثقافية. ويهدف المسؤولون الفرنسيون أيضا إلى فتح معهد ثقافي فرنسي بالجنوب الجزائري، وذلك كله في إطار دعم ونشر الثقافة الفرنسية ولغتها عبر برامج التعاون الخاصة باللغة الفرنسية ومن خلال مقررات مصالح تدريس اللغة، ووضع برنامج ثقافي وتربوي لغوي، عبر تنظيم أنشطة مختلفة من معارض، سينما، حفلات موسيقية، عروض راقصة، مسرح، دروس اللغة ولقاءات فكرية بداخل وخارج مقرات المعهد. إضافة إلى ذلك خصصت فرنسا مركزا ثقافيا جزائريا بباريس يديره الروائي الكبير ياسمينة خضرا، حيث يعمل على تعزيز الروابط الثقافية بين الجالية المغتربة والوطن، أين يستضيف مختلف الأدباء والكتاب الجزائريين، وسمح للجزائريين المغتربين الاحتفاء بخمسينية استرجاع السيادة الوطنية، كما يسعى في كل مرة إلى مضاعفة جهوده ليكون فضاء لاكتشاف مختلف أوجه الثقافة الوطنية، وقد تدعم لأجل تكثيف النشاطات بمكتبة مرقمنة تسمح لمستخدمها بالقيام ببحوث حول الموسيقى وتعلم اللغة العربية، ونشرية «كليلة» توضع بين يدي المثقفين كل 3 أشهر. ولا تقتصر مهمة المركز الثقافي الجزائري بباريس عند النشاطات الثقافية، بل يعمل أيضا على تسليط الضوء على الفن السابع والرابع في الجزائر بتقديم آخر الأعمال الفنية، إضافة إلى ذلك ربط المركز علاقات مع مختلف الجمعيات المتواجدة بفرنسا لتجسيد التعاون بين مختلف المؤسسات الجزائرية للنهوض بالثقافة الوطنية وتشبع الجالية المغتربة بها . وللتسيير المحكم للمراكز الثقافية المتواجدة خارج الوطن أقرت الجزائر مرسوما رئاسيا يهدف إلى إعادة هيكلتها بوضعها تحت وصاية وزارة الشؤون الخارجية، على أن تضبط نشاطها بما يتماشى والسياسة الثقافية للجزائر، وتكون وزارة الثقافة شريك في عملية التسيير لتجربتها في هذا الميدان. وينص المشروع على أن تقيد ميزانية المراكز الثقافية من قبل وزارة الشؤون الخارجية على أن يسير كل مركز من طرف مجلس إدارة يرأسه السفير، ورئيس البعثة الدبلوماسية إلى جانب ممثل عن وزارة الثقافة، وعدد من ممثلي الوزارات التي لها علاقة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على غرار وزارة المالية، السياحة، التربية الوطنية، وكذا وزارتي المؤسسات الصغيرة والصناعة التقليدية، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ونص المرسوم على أن مدير المركز يعين بمرسوم رئاسي .