وغير بعيد عن معاناة ضريح إمدغاسن، نجد بعاصمة الأوراس باتنة “الغنية جدا" بالتحف الأثرية منطقة “غوفي" الساحرة التي تعاني اليوم في صمت رغم عراقة تاريخها، فشرفات “غوفي" أهم وأعرق معلم سياحي متميز ليس في الجزائر فحسب، بل في العالم كله والتي ذهل لرؤيتها الرئيس المجري والسفير الأمريكي خلال زيارتهما لها. تقع قرية غوفي جنوب لأوراس على حدود مدينة بسكرة، كان سكانها يعيشون على الزراعة كالنخيل والزيتون ويربون المواشي ولا سيما الماعز، لكنهم بعد استقلال الجزائر عام اندمجوا في الحياة الحديثة، وكان سحر شرفات غوفي كاف لتحويل القرية الصغيرة ذات الطابع الفلاحي إلى قرية سياحية بامتياز، حيث تمتد منطقة التوسع السياحي الخاصة بشرفات غوفي على مساحة فاقت 338 هكتار، منها 10 قابلة للاستغلال السياحي. وخصصت السلطات المحلية سابقا ما يقارب 8 ملايين دينار من أجل تهيئة الموقع، ولكن لا يجد الزائر اليوم سوى تلك الدعائم التي تعزّزت بها الأدراج كونها الممر الوحيد المؤدي إلى عمق صخري يقدر بنحو مائتي متر. تقع شرفات “غوفي" وسط ديكور طبيعي خلاب حيث يشبّهها العارفون في أمور السياحة بمنطقة الكولورادو الأمريكية، لكن ديكور شرفات غوفي أكثر تنوعا وجمالا، حيث تمتد سلاسل صخرية في تموجات بديعة ترتفع من أسفل الوادي بعلو 60 مترا، وقد حفرت العوامل الطبيعية أخاديد وبيوتا حجرية بديعة في الصخر المتناظر على ضفتي الوادي. واقع شرفات الغوفي اليوم “دليل آخر" على “غياب استراتيجية سياحية" واضحة في البلاد، عس ما يحدث في الشقيقة تونس التي تستغل كل طاقاتها الأثرية للساخحة وتطويرها وهو ما يدر عليها ملاين الدولارات ، وأينما أدرت وجه في باتنة تجد أثارها تعاني وتصرخ “هل من منقذ؟". وعليه فإنّ السلطات الولائية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بالعناية الخاصة، وتثيف الجهود الرامية إلى محاربة تهريب آثار المنطقة والمحافظة على المعالم التاريخية والحضارية بالمنطقة، بتشديد الرقابة وردع كل الأساليب المتبعة في نهب موروث الأمة والتطبيق الصارم للقوانين التي نتفاجئ أحيانا بجهل أغلب المسؤولين عن الشأن الثقافي لها.