الغرب وجد في الجزائر الخيار الأمثل لحل الأزمة الروسية - الأوكرانية أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدبلوماسية الدكتور مبروك كاهي، أن كل الوساطات التي قامت بها الجزائر وساطات تاريخية كللت بالنجاح ووضعت حدا لمأساة كانت ستقع مستقبلا، مما جعلها محل ثقة المجتمع الدولي الذي وجد فيها الخيار للقيام بدور الوساطة لحل الأزمة الروسية الأوكرانية، انطلاقا من رصيدها التاريخي ومبادئها السامية. ذكر المحلل السياسي كاهي ل «الشعب»، بالوساطات التاريخية التي قامت بها الجزائر، والتي يشهد لها العالم، منها ما قامت به في سبعينيات القرن الماضي لحل النزاع بين إيران والعراق بسبب الحدود في فترة حكم الشاه أحمد رضا بهلوي، وانتهت الوساطة بتوقيع اتفاقية الجزائر المتعلقة بترسيم الحدود بين الدولتين، وقد وضعت نتيجة لذلك حدا لحرب كانت ستندلع في تلك الفترة. وهناك وساطة تاريخية أخرى قامت بها الجزائر يضيف المتحدث- بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدةالأمريكية، فيما يخص أزمة الرهائن الأمريكيين في السفارة الأمريكية بالعاصمة الإيرانيةطهران، والتي انتهت بالإفراج عن الرهائن المحتجزين في هذه الأخيرة، بعد أن كاد الأمر يؤدي الى حرب مدمرة في منطقة الشرق الأوسط. على الصعيد الإفريقي، فإن أبرز الوساطات التي قامت بها الجزائر، الوساطة بين إثيوبيا وإريتيريا، التي انتهت بالتوقيع على اتفاقية المصالحة بالجزائر العاصمة في نهاية تسعينيات القرن الماضي، أدت الى وضع حد للاقتتال بين البلدين الجارين ولمأساة الشعبين، بالإضافة الى المصالحة بين الفرقاء الماليين التي انتهت بتوقيع اتفاقية السلم والمصالحة بين الماليين في الجزائر العاصمة. ذكر كاهي بالمبادئ التي تقوم عليها الدبلوماسية الجزائرية والمتمثلة في تشجيع حل النزاعات عن طريق الحوار والطرق السلمية وتفادي النزاعات المسلحة والعنف الذي يؤدي الى نتائج وخيمة، ومن بيَن المنطلقات التي تقوم عليها الدبلوماسية الجزائرية الانخراط مباشرة في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين وكذلك إبعاد كل من شانه أن يمس بهذا المبدأ الأممي. ولفت الى أن الدبلوماسية الجزائرية تنطلق من مبادئ الثورة التحريرية في مساندة الشعوب في تقرير مصيرها وكذلك مساندة القضايا العادلة في العالم. ومن أبرز نقاط قوة الدبلوماسية الجزائرية، أنها لا تنحاز لطرف على حساب طرف آخر، ولا تتورط في نزاعات وفي فتن بين الدول، وهذا المبدأ أكسبها احتراما كبيرا لدى العديد من دول العالم، لأن الوساطة نابعة من القناعة ومن المبادئ السامية للدولة الجزائرية. وأشار الى تصريح رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي أدلى به لقناة «الجزيرة» القطرية، حيث قال إن «الجزائر لا تدخل في وساطات لا تكون نتائجها إيجابية». وأكد المتحدث في هذا الصدد، أن الوساطة ليست بالأمر السهل والعمل الهين، لأن في الوساطة تكون هناك محاولة الوقوف على نفس المسافة بين جميع الاطراف المتنازعة حتى تكون إيجابية وتؤدي الى الأهداف المتوخاة من أجلها. نظرا لهذا الرصيد الكبير والمشرف للوساطات التي قامت بها الجزائر، فإن هناك العديد من الدول تحاول أن تدفع بالأخيرة الى مستنقع النزاعات وتعمل على ان تكون طرفا فيها، قال كاهي إن الجزائر دائما تنأى بنفسها عن هذه السجالات والحسابات التي عادة ما تكون وراءها دول لها أهداف سيئة، تحاول إطالة أمد النزاع الذي تكون مستفيدة منه. فيما يخص إمكانية قيام الجزائر بدور الوساطة لحل الأزمة الروسية الأوكرانية، قال كاهي، إن هناك العديد من المؤشرات التي توحي أن بلادنا سوف تؤدي دورا كبيرا في إنهاء هذه الحرب، نظرا الى أن العديد من الوساطات استنفدت ولم تكلل بالنجاح، وكذا تورط الأطراف التي كان يعول عليها في حل النزاع، بخلاف الجزائر التي حافظت على مسافة وسط بين روسيا وأوكرانيا، رغم المصالح الإستراتيجية التي تربط بلادنا بدولة روسيا، مشيرا الى أن دول الغرب وضعت ثقتها كاملة في الجزائر من اجل إنهاء هذا النزاع وهذا ما يفسر عديد الزيارات لمسؤولين سامين، سواء أكانوا عسكريين أو مدنيين غربيين، الى الدولة الجزائرية، لطلب وساطتها في نزاع تجاوز الحد الأدنى والذي من شأنه أن يتطور ويهدد الأمن والسلم الدوليين. ويعتقد ان المجتمع الدولي قد وجد في الجزائر الخيار للقيام بهذا الدور، انطلاقا من رصيدها التاريخي ومبادئها السامية.