تضمّن التعديل الوزاري الأخير، استحداث وزارة جديدة في حكومة أيمن بن عبد الرحمان، ويتعلق الأمر بوزارة الري، التي تمّ فصلها عن الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية. ويرى الخبراء أن استحداث هذه الوزارة يتماشى مع استراتيجية الدولة لمواجهة ظاهرة الجفاف، ويحول دون أي عجز مفترض في مادة الماء، قد تعرفها الجزائر ومنطقة شمال إفريقيا بشكل عام بسبب التغيرات المناخية. يتماشى هذا التغيير مع استراتيجية رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، من أجل الوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المحاصيل الزراعية في قادم السنوات، ويرتبط كذلك برؤية حصيفة تعمل على تجنّب أي نقص ممكن في المادة الحيوية.. مواجهة خطر الجفاف والتّغيّرات المناخية تسعى الجزائر في الفترة الحالية وفي قادم السنوات، للوصول إلى تحقيق الأمن المائي ومواجهة المخاطر المتعلقة بالتغيرات المناخية الخارجة التي لا يمكن استرافها، وتملك الجزائر مخزونا من المياه السطحية يقدر ب 4 مليار متر مكعب، فضلا عن احتياطاتها من المياه الجوفية; والتي تقدّرها بعض الجهات ب 10 آلاف مليار متر مكعب، وكذا إنتاجها من مياه البحر المحلاة، هذه الاخيرة تمثل أكثر من 20 ٪ من مجموع الاستهلاك الوطني من المياه الصالحة للشرب، مع سعي دؤوب لرفع هذه النسبة في السنوات المقبلة. تحلية مياه البحر من الاستراتيجيات التي وضعتها الجزائر لتحقيق رهان الأمن المائي، هو تحلية مياه البحر، وتعد الجزائر رائدة في هذا المجال عربيا، بعد كل من المملكة العربية السعودية والإمارات، وفي سنة 2020 وضعت الحكومة هدف الاستراتيجية الوطنية للمياه 2021-2030 بقصد تلبية احتياجات السكان من الماء الشروب عن طريق تحلية مياه البحر بنسبة تصل إلى 60 بالمائة، وستعمل الوزارة الجديدة على تحقيق هذا الهدف، لاسيما وأنّ عدة محطات جديدة دخلت حيّز الخدمة. كما أطلقت الجزائر وكالة مستقلة لتحلية مياه البحر في إطار مساعي حكومية لتحقيق الأمن المائي ومواجهة خطر الجفاف والتغيرات المناخية، ويهدف نشاطها إلى تدعيم القدرات الوطنية في إنتاج المياه قصد توفير الأمن المائي، كما تعتبر «وسيلة لتنفيذ السياسة الوطنية في مجال تحلية المياه». تحقيق الاكتفاء.. علاوة على ذلك، فإنّ مشكلة المياه مرتبطة بالقطاع الفلاحي بشكل مباشر؛ فالإنتاج الزراعي في الجزائر يتأثّر بشكل كبير بتساقط الأمطار لاسيما في المحاصيل الاستراتيجية مثل الحبوب، وتسعى الجزائر الى تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذه الشعبة من خلال استراتيجية وطنية شاملة عبر تحسين مردودية الهكتار، وزيادة المساحات المسقية مع ضرورة الحفاظ على الموارد المائية وتجنب السقي الجائر والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة. ووفقًا لتقرير معهد الموارد العالمية (WRI) نشر في 6 أوت من العام الماضي، هناك عدة دول عربية تعاني من نقص مياه حاد من بينها الجزائر، وجاءت في الترتيب 27 عالميا كأكثر الدول تأثرا بنقص المياه، ويقول الخبراء إن الاحتباس الحراري يسيء الوضع في هذه الدول بمرات، وحسب بيانات البنك الدولي، بحلول عام 2050 ستتكبد المنطقة أكبر الخسائر الاقتصادية بسبب نقص المياه المتصل بالمناخ، والذي يقدر بما يتراوح بين 6 و14 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، لهذا تعمل الجزائر على الفوز بهذا الرهان من الآن كإجراء استباقي، يضمن الأمان ويفي بالحاجة إلى المياه.