إن الجزائر متقدمة في إرساء مخطط استراتيجيي للذكاء الاصطناعي، مقارنة بالدول المجاورة، بل أن بداية التفكير في تبني الذكاء الاصطناعي في الجزائر، لم يكن بالحديث، لأنه شرع في الحديث عنه وتشريح أهميته منذ عام 1977، أي من خلال المعهد الوطني للخرائط والكشف عن بعد، إنه مجال مذهل وعميق ومتطور ومدهش، غاص وتغلغل فيه الدكتور علي كحلان، مقدما آخر مستجدات الذكاء الاصطناعي التي من شأنها أن تسهل حياة البشر. أثار نادي الصحافة التابع للمتعامل الرائد في سوق الهاتف النقال "أريدو"، خلال دورة تكوينية جديدة لفائدة الصحفيين تحت عنوان: "التكنولوجيا، الإنسان والذكاء الاصطناعي"، العديد من المعطيات الجديدة ومختلف التقنيات التي صار يوفرها الذكاء الاصطناعي. علما أنه عكف على تنظيم هذه الدورة ال 74، أمس الاثنين، في أكاديميا، أي مدرسة التكوين ل "أريدو" الكائن مقرها بالعاصمة، ومن تنشيط الدكتور علي كحلان، مستشار ومكوّن في مجال التحول الرقمي وأمن المعلومات والذكاء الاصطناعي. وفي البداية افتتح رمضان جزايري، مدير شؤون المؤسساتية ل "أريدو"، الدورة التكوينية ال 74، مؤكدا أن الطبعة السادسة عشرة للمسابقة الصحفية "نجمة الإعلام"، مازالت تستقبل أعمال المترشحين لأنه آخر أجل لإيداع ملفات الترشح بتاريخ 27 جوان 2023 أي في حدود الساعة الخامسة مساءً. وفي محاضرة كانت ثرية بالمعلومات وقيمة بالأرقام، قام الدكتور علي كحلان بتقديم شرح مفصل للذكاء الاصطناعي ومستعرضا أصوله واستخداماته ومجالات ممارساته في الحياة اليومية، كما ذكر بالشخصيات الأربعة ا لتي مهدت ظهور الإعلام الآلي والذكاء الاصطناعي والتي تركت بصماتها عبر التاريخ من خلال أعمالها، على غرار الخوارزمي والجزري وآلانتورينج وكلود شانون. وأرجع الخبير في الذكاء الاصطناعي كحلان، كل الفضل إلى تطور الذكاء الاصطناعي إلى علم الرياضيات وكذا الخوارزميات، كونها تعد عصب الذكاء الاصطناعي، وكما لم يخف أن أعمال الخوارزمي منحت جميع أُسس هذا التخصص، بل وساهمت في تطوير الأدوات الرياضية اللازمة لخلق أنظمة ذكية. وعلى صعيد آخر، وقف كحلان باستفاضة عند التطور التسلسلي للذكاء الاصطناعي على مدى أكثر من 70 عاما، متحدثا عن المراحل الحاسمة التي أثّرت على تقدم الذكاء الاصطناعي على غرار "الشتاء الأول" (سنوات 1970) الذي تميز بنقص قوة أجهزة الكمبيوتر، وغلى جانب "الشتاء الثاني" للذكاء الاصطناعي (سنوات 1980-1990) المتميز بنقص التمويل. وشدّد أيضا على أن الذكاء الاصطناعي تطور كثيرا بفضل سرعة المعالجة وظهور الحوسبة السحابية والبيانات الضخمة وما إلى غير ذلك. ومن أبرز ما ناقشه الخبير علاقة الذكاء الاصطناعي بأجهزة الكمبيوتر، وكذا الذكاء الاصطناعي وروبوتات الصناعات والشركات والمؤسسات، فضلا عن الروبوتات الاجتماعية وبالإضافة غلى المُحوّل التوليديّ المُدرَّب مُسبقا للدردشة ChatGPT. وأثنى كحلان على إمكانات مورد الذكاء الاصطناعي الجزائري، المُدعّم بإرادة الدولة التي وضعت إستراتيجية وطنية قائمة على تطوير القدرات الوطنية في هذا المجال، خاصة فيما يخص التعليم والتكوين والبحث والتنمية. ولم يخف في سياق متصل أن العديد من الجامعات الجزائرية تقدم تكوينا في الماستر والدكتوراه في المجالات ذات صلة مع الذكاء الاصطناعي، وقال أنه تم تعزيز هذا النهج من خلال إطلاق سنة 2021 مدرستين متخصصتين في هذا المجال، وهما: المدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي والمدرسة الوطنية العليا للرياضيات. ومن بين مزايا هذا الذكاء الاصطناعي المرافق للتنمية الاقتصادية، أوضح الخبير، أن هذا الأخير يمكنه توفير فرص كبيرة لتحفيز التنمية الاقتصادية والمنافسة، وعلى جانب اعتماد منهجية أخلاقية وشفافة، وبتجنب التحفيزات الثقافية وبضمان حماية البيانات، لأنه يمكن إدماج الذكاء الاصطناعي بصفة متناسقة في المجتمع الجزائري، وتعزيز الرقي والازدهار. من خلال تبني الذكاء الاصطناعي بمسؤولية وبدعم التكوين والتحول المهني، بل اعترف الخبير كحلان أنه بفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن تقسيم فوائد التكنولوجيا بشكل منصف في المجتمع، معتبرا أن مستقبل الذكاء الاصطناعي واعد وملهم، لأنه يفتح الأبواب أمام إمكانيات غير متناهية لعالم أفضل وأكثر تطورا.