يتطلّع سكان معسكر أن تجد السلطات العمومية حلاّ جذريا لحديقة باستور الموصدة أبوابها أمامهم منذ سنوات طويلة، فقد تحوّلت إلى وكر للمنحرفين ومدمني الكحول، ومكبا للنفايات، بعد أن كانت فضاء للنزهة والترفيه لاسيما في الفترات الصيفية، حتى خلال العشرية السوداء، حيث كان المسبح المتواجد بها يستقبل المئات من الباحثين عن الاستجمام من مختلف الشرائح العمرية، رغم الظروف الأمنية التي سادت في تلك الفترة، كما كانت فضاءً لإقامة الحفلات في سنوات خلت، ومقصدا للتمتع بمناظرها الطبيعية الخلابة. تعتبر مدينة معسكر، الأوفر حظا من حيث وفرة الحدائق والساحات العمومية، التي يتجمّع فيها المواطنون طلبا للظل والهواء اللطيف، على غرار حديقة "تيفاريتي"، حديقة "بني شقران"، وساحة "الركابة" المقابلة لجامع الاصلاح، التي تقع على مقربة من حديقة باستور المتربّعة على مساحة 5 هكتارات من الغطاء الغابي والنباتي المتنوّع وتتوسط قلب مدينة معسكر، حيث تعتبر هذه الأخيرة مكسبا بيئيا وسياحيا هاما، لم ينل العناية اللازمة، لاسترجاع صيته وأمجاده، وحتى تشمل منفعته البيئية والسياحية، المواطن والسلطات على حدّ سواء. وجدّد سكان معسكر، في الآونة الأخيرة، مطلبهم بالالتفات إلى حديقة باستور، معبرين عن شغفهم بهذا المرفق الذي مازالت ذكريات الشباب والطفولة، عالقة على أغصان نخيله وأشجاره المعمرة لمئات السنين، وعلى أطلال ما تبقى من المسبح الذي يتوسّط الحديقة العمومية، التي يخترقها مجرى مياه منبع طبيعي يقصده رواد الحديقة للاغتسال، مخلفين فوضى عارمة مشكلة من أكياس النفايات والقوارير البلاستيكية، على مرأى من أعين المارة بجسر يعلو الحديقة، في منظر يسلب العقول والأنظار. وتحوّلت هذه الحديقة الذائعة الصيت، إلى مكب للنفايات، ومقصد للمنحرفين، حتى أصبحت منطقة يحظر فيها التجوال على العائلات، تجنبا للاعتداءات المباغتة لمحترفي السرقة، ما يحرم الراغبين في النزهة عبر مسالك الحديقة المهترئة، من متعة الاستجمام والاسترخاء والتمتع بهدوئها، حيث تتوفر هذه الحديقة، على بعض الأصناف النباتية ذات خاصية امتصاص الضجيج، ومنها أصناف نادرة من النباتات والطيور المهاجرة. ويحاول بعض الشباب الناشط على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لفت انتباه السلطات العمومية، إلى حديقة باستور، من أجل تهيئتها واستغلالها، الأمر الذي كان محل عدة دراسات وجلسات عمل، بادر بها المجلس الشعبي الولائي بالتنسيق مع السلطات الولائية، قبل أشهر، للنظر في الطبيعة القانونية لملكية الحديقة، بهدف ايجاد حلول لاستغلالها، وتحديد الجهة المسيرة لهذه الملكية العمومية، التي تقاسمت بلدية معسكر ومحافظة الغابات مسؤولية الاشراف عليها، من حيث الحفاظ على التنوّع النباتي والحيواني بالنسبة لإدارة الغابات، وتثمين الممتلكات العقارية الموجودة بها، بالنسبة للبلدية، على غرار حضانة الأطفال، ومقرات لجمعيات ونوادي شبانية. وبعد مرور أشهر من المبادرات الرسمية للسلطات، لم تظهر أي تدخلات ملموسة على أرض الواقع، لتعلو أصوات المواطنين من سكان معسكر، لاستغلال هذا الفضاء الترفيهي وتهيئته، في ظلّ غياب مزمن لمرافق الترفيه، بولاية تجاوز تعداد سكانها، حسب الاحصاء السكاني الأخير، المليون نسمة، حيث يقترح سكان مدينة معسكر، عدة حلول لتثمين هذا المرفق العمومي الترفيهي، أساسه إعمار حديقة باستور، وتخليصها من الإهمال الذي أوقعها في قبضة المنحرفين. وتقوم أغلب مقترحات السكان، على إعادة فتح المسبح البلدي، المغلق منذ سنوات طويلة لأسباب تقنية، تتعلّق بعدم قابليته وعدم توفره على مقاييس السلامة، حيث يقول سيد احمد.ب، أن مسبح باستور كان قبلة للشباب والأطفال وفضاء للمتعة والاستجمام، قبل غلقه، وبهذا القرار أغلقت أبواب الحديقة أمام العائلات والمواطنين، واوضح المتحدث، الناشط ضمن نادي ثقافي، أن "الطبيعة تخشى الفراغ"، ولهذا السبب، اكتسبت حديقة باستور سمعة سيئة، وحامت حولها المخاوف من الاعتداءات والسرقات، حيث يعتقد سيد أحمد، أن إعمار حديقة باستور يكون بإعادة تنشيط الهياكل التي تتوفّر عليها، على غرار المسبح والنوادي المتواجدة بها، في حين، يرى يوسف.س، أن مدينة معسكر، تفتقد إلى أماكن ترفيه تلائم العائلات، التي تضطر إلى قطع مسافات طويلة بين الولايات، للنزهة والحصول على المتعة والراحة، بينما تتوفر مدينة معسكر، على حديقة خصبة كاملة الشروط، لإقامة مشروع للألعاب المائية على سبيل المثال، أو على الأقل تهيئة مسبح باستور لاستقبال الشباب ومختلف الفئات، فضلا عن ذلك، اقترح يوسف.س، التفكير في إعمار حديقة باستور، ووضعها تحت تصرف المواطنين، من خلال انجاز قاعة للحفلات، تكون مرفقا لإقامة التظاهرات والنشاطات الرسمية، وحتى للأعراس والحفلات العائلية، بهدف كسر حواجز الخوف والقلق من دخول الحديقة، وبالتالي استعادتها من يد مرتاديها الحاليين.