تداهم الأيام والسنوات أعمار الأسرى مسرعة وهم مازالوا في غياهب السجون، في زنازين معتمة تكاد تغيب عنها الشمس والتي طالما حلم مئات الأبطال منهم برؤيتها دون أن يحجبها عنهم قضبان السجن وسياسات السجان. ما يقارب من خمسة آلاف أسير في هذه السجون، نهشت أجسادهم الأمراض ونخرت عظامهم رطوبة جدران زنازين وغرف السبع وجلبوع وحرقت جلودهم شمس النقب ونفحة، أمضى22 أسيرًا منهم أكثر من ثلاثون عامًا (أسرى اعتقلوا قبل توقيع اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال)، إضافة إلى أنّ خمسمائة وثمانية وخمسون أسيرًا منهم محكومون بالسجن المؤبد أو عشرات من المؤبدات أكثرهم حكمًا على مستوى العالم الأسير عبد الله غالب البرغوثي والمحكوم ب 67 مؤبد إضافة إلى 5200 سنة أيّ ما يعادل 11833 سنة، على أساس أنّ المؤبد الواحد يعني حسب القانون الصهيوني 99 سنة، وحتى بعد موت هذا الأسير كما هو حادث مع 11 أسيرًا يحتجز الاحتلال جثامينهم داخل ثلاجاته. مازال هؤلاء الأسرى يبحثون عن بصيص أمل وخيط رفيع يتمسكوا به للخلاص من هذا السجان وسجونه وسياساته الفاشية، ولا خيارات كثيرة أمام أسرى المؤبدات كي ينتظروا عقود جديدة في الأسر حتى تتحقق لهم الحرية، فالأفق السياسي مازال مغلقًا بشكل كامل في ظل حكومة يمينية فاشية ترفض حتى الجلوس للتفاوض عن أيّ عملية سياسية قد تفضي لتحرير الأسرى، وكما أنّ عملية التبادل بين المقاومة والاحتلال مازالت في علم المجهول في ظل تعنّت الاحتلال بتقديم أيّ مقابل للأوراق التي تمتلكها فصائل المقاومة. لذلك وبعد كل هذه المشاهد السوداوية التي فرضها الاحتلال حول ملف الأسرى عمومًا وأسرى المؤبدات تحديدًا، فإنّنا نؤكد مجددًا بأنّ المطلوب هو العمل وبشكل عاجل ومن جميع الفصائل ومن سلطتنا الوطنية ومن أسرانا المحررين ومن شرفاء وأحرار هذا الوطن وفي ظل هذا النفق المعتم الذي يحيا به هؤلاء الأسرى بأن يكون هناك أولًا انتفاضة في كافة الميادين الدولية وضمن خطة مكتملة الأركان تفضح ما تنتهجه المحاكم الصهيونية وأحكامها القاسية والتي تتم بالتساوق مع أجهزة أمن الاحتلال ضد الأسرى، ممّا قد يؤسّس بعدها لخلق حراك دبلوماسي وحقوقي وقانوني وأيضًا شعبي لضمان وقف الأحكام الجائرة بحقهم، وتحديد سقف للحكم المؤبد، وعدم تكراره وبالتالي خلق أمل بفجر وشمس جديد للحرية لهم قبل فقدان أعمارهم في هذه الكتل الإسمنتية القاتلة، كما حدث مع العشرات منهم.