لا تراجع عن تعزيز قيم الشفافية والكفاءة متابعةً لمدى تقدّم برنامج رقمنة إدارة الأملاك الوطنية أكد وزير المالية، لعزيز فايد، خلال آخر خرجة ميدانية له على ضرورة استكمال برنامج رقمنة إدارة الأملاك قبل نهاية سبتمبر المقبل، مشيرا إلى أهمية هذا البرنامج في الرفع من فعالية العمليات وتحسين نوعية الخدمات في مجال العقار وكذا تعزيز قيم الشفافية والكفاءة التي يجب أن تسود بين مستخدمي إدارة الأملاك الوطنية. يأتي هذا بعد تركيز وتشديد رئيس الجمهورية في مختلف المناسبات على ضرورة رقمنة المؤسسات التابعة لوزارة المالية، على رأسها الجمارك، الضرائب وأملاك الدولة. وفي هذا الصدد يؤكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن هادف، أن رقمنة قطاع المالية تعتبر أكبر ورشات مشروع التحوّل الرقمي في الجزائر، لما يكتسي القطاع من أهمية بالغة من جهة، وتعقيد منظومته المعلوماتية التي تدخل في سير كل المجالات من جهة أخرى، ويضيف هادف أن هناك إرادة سياسية كبيرة وحقيقية لرقمنة قطاع المالية، وكان رئيس الجمهورية قد أعطى آجالا محدّدة لإنهاء المرحلة الأولى من ورشة رقمنة القطاع، وهو ما دفع وزير المالية للوقوف شخصيا على مدى سير العملية بالوتيرة المطلوبة. ويرى المتحدث أن وتيرة رقمنة قطاع المالية بمختلف مؤسساته من بينها أملاك الدولة بطيئة نوعا ما، وهذا يرجع إلى تعقيدات المهمة التي تستدعي منظومة تسمح بالتشغيل البيني ووضع النصوص المرجعية الخاصة بالأنظمة المعلوماتية، وهي الخطوة التي تعطّل تجسيد مشروع الرقمنة، كما أن الأمر لا يقتصر على استعمال واستخدام الأدوات والتطبيقات الرقمية يردف الخبير الاقتصادي - ولكن يتعلّق بتحيين جوهري وعميق للمنظومة القانونية لمواكبة التحولات التي تفرضها التكنولوجيات الرقمية الحديثة في هذا المجال، وإصلاح شامل لنظام الحوكمة والتسيير والإنتاج ومعالجة ظاهرة مقاومة التغيير، وفي نفس الوقت تمكين الكفاءات وأصحاب الخبرة من أخذ زمام المبادرة وإقرار الخيارات التكنولوجية الواجب اتخاذها وتنفيذها. من جهته، يوضح الخبير الاقتصادي، الدكتور هواري تيغرسي، أن الجزائر عانت في مراحل سابقة من مشاكل مرتبطة بالعقار الذي يعتبر أحد الشروط الأساسية لنجاح العملية الاستثمارية، وعليه فرقمنة مؤسسة أملاك الدولة من شأنها أن توفر حلول ناجعة بالنسبة لطلبات الرخص والعقود بمختلف أنواعها، علاوة على ضمان الشفافية التامة في مسألة تسجيل ومسح الممتلكات. ويردف المتحدث قائلا، إن رقمنة مصالح أملاك الدولة ستسمح بتوفير المعطيات الحقيقية والدقيقة التي يكمن الاعتماد عليها في تطبيق واحدة من بين أهم المواد التي جاءت في قانون المالية والمتعلقة بالضريبة على الثروة، وقد سبق وأن تمّ التوقيع على برتوكول التعاون وتبادل المعلومات بين المديرية العامة للضرائب والمديرية العامة لأملاك الدولة بداية شهر أوت الحالي بهدف تكريس استغلال البيانات المسحية كمرجع أساسي لإرساء الرسم العقاري ورسم رفع القمامات المنزلية والضريبة على الثروة، ما سيمكّن إدارة الضرائب من الاستفادة من أولى الخدمات الرقمية للمديرية العامة للأملاك الوطنية في مجال تبادل المعلومات والبيانات المسحية. وكان رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء المنعقد في الثاني أفريل 2023 قد أعطى الحكومة مهلة 6 أشهر كأقصى تقدير لرقمنة مصالح أملاك الدولة والضرائب والجمارك في مرحلة أولى قبل المرور للرقمنة الشاملة، مؤكدا أن الهدف من الرقمنة ليس تحديث وعصرنة المعاملات الإدارية التي تعتبر تحصيل حاصل في هذا المجال، بل هي قضية أمن قومي وخدمة لمصالح المواطن، كما سبق وأمر بتأسيس بنك معلومات جزائري، بشكل فوري ومستعجل من قبل وزارة المالية، يسهّل على مختلف مصالح الدولة، ممارسة مهامها وأداء واجبها تجاه مواطنيها، بأمثل وأنجع أسلوب، موضحاً أنه يمكن الاعتماد في تحقيق هذا الهدف الحيوي بالنسبة للدولة، على أحسن الخبراء والكفاءات الوطنية ومكاتب الدراسات دولياً. وبهدف تسريع وتيرة التحوّل الرقمي الذي يعبر خطه، وفق ما أعلن الرئيس خلال لقائه الدوري مع وسائل الإعلام، عن قروب استحداث المحافظة السامية للرقمنة التي ستكون تابعة لرئاسة الجمهورية، تعطى لها من الصلاحيات ما يكفي لتنفيذ التزامات الرئيس في شقها المتعلق بالرقمنة، حيث ينتظر أن تسند إليها مسؤولية إعداد إستراتيجية مدروسة للتحوّل الرقمي في مختلف مؤسسات الدولة، وهو الهدف الذي يعمل الرئيس جاهداً لتحقيقه في تجسيد لقوله إن "الرقمنة ستطبق بالإرادة أو بالقوة". من جانب آخر، أتى القانون الجديد المحدّد لشروط منح العقار الاقتصادي التابع لأملاك الدولة الموجه لإنجاز مشاريع استثمارية بآليات جديدة تهدف إلى تحرير كلي للاستثمار من المسار الإداري، وإرساء أكثر شفافية وسرعة في معالجة طلبات الحصول على العقار الاقتصادي، حيث يشترط للحصول على العقار الاقتصادي التسجيل المسبق من طرف المستثمر لطلبه عن طريق المنصة الرقمية للمستثمر المسيرة من طرف الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار، كما سيكون بإمكان المستثمرين عبر المنصة الرقمية للمستثمر الاطلاع على كل المعلومات الخاصة بالوفرة العقارية، وهو الإجراء الذي من شأنه أن ينهي الممارسات السابقة التي خلت من الشفافية في منح العقار.