بدأ ملايين الأمريكيين العدّ العكسي لتوقّف الرّواتب والإعانات الاجتماعية خلال أيام مع اتّجاه الأمور في الكونغرس نحو "إغلاق" مؤسّسات حكومية بعد عرقلة جمهوريين يمينيين مساعي إقرار الميزانية. بعد أربعة أشهر على تجنّبه تخلّف كارثي عن سداد الدّيون، يقف أكبر اقتصاد في العالم مرّة جديدة على شفير أزمة، مع توقّع أن تبدأ مفاعيل الإغلاق بالظهور في هذا الأسبوع. وتعذّر على الجمهوريّين الذين يحظون بالغالبية في مجلس النواب إقرار مجموعة مشاريع القوانين المعتادة التي تحدّد ميزانيات الإدارات للسنة المالية المقبلة التي تبدأ الأحد، بعدما أعاق جهودهم متطرّفون في الحزب يطالبون بخفض كبير للإنفاق. ولا تحظى قيادة الحزب بالأصوات اللازمة للدفع قدماً بمشروع قانون تمويل قصير الأجل يستند إلى مستويات الإنفاق لعام 2023، لضمان استمرارية تمويل المؤسسات الفيدرالية. ومن شأن الإغلاق أن يضع في مهبّ الريح الموارد المالية المخصصة للعاملين في المتنزهات الوطنية والمتاحف وغيرها من المواقع التي تعمل بتمويل فيدرالي، كما يمكن أن تكون له تداعيات سياسية خطيرة على بايدن في سعيه للفوز بولاية ثانية في انتخابات 2024. وقال الرئيس الأمريكي في تصريح للصحافيين في البيت الأبيض، إن "تمويل الحكومة هو من المسؤوليات الأساسية للكونغرس". وتابع "إن لم يبادر الجمهوريّون في مجلس النواب لأداء عملهم فعلينا أن نتوقّف عن انتخابهم". وحذّرت إدارة بايدن من أنّ سبعة ملايين شخص يعتمدون على برنامج المساعدات الغذائية للنساء والأطفال قد ينقطع التمويل عنهم. ونجمت الأزمة عن رفض جمهوريّين في مجلس النواب مضيّ الحكومة قدما بالإنفاق استناداً إلى المستويات المتّفق عليها بين بايدن ورئيس مجلس النواب كيفن مكارثي، زعيم الجمهوريين في الكونغرس. تضاف إلى ذلك مسألة شائكة أخرى تكمن في طلب مساعدات إضافية لكييف، بعدما أجرى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي زيارة للكونغرس في الأسبوع الماضي، وطلب مزيداً من الأسلحة لقتال القوات الروسية في الحرب المستعرة في بلاده منذ 18 شهراً. ويؤيّد الحزبان في مجلس الشيوخ مشروع قانون المساعدات البالغة قيمتها 24 مليار دولار، لكنّ مجموعة من الجمهوريين المتشدّدين في مجلس النواب يهدّدون بعرقلة إقرار أيّ إجراءات تمويل بما في ذلك المساعدات. وجاء في منشور للرئيس السابق دونالد ترامب على منصّته تروث سوشيال ليل الأحد "إن لم تحصلوا على كل شيء فأغلقوها"، في إشارة إلى المؤسسات الفيدرالية. وغالباً ما يتحوّل التصويت على الميزانية في الكونغرس إلى مواجهة يستخدم فيها أحد الحزبين شبح الإغلاق لانتزاع تنازلات من الخصم، لكنّ هذه المناورات عادة ما تبوء بالفشل. وترامب المرشّح أيضاً للرئاسة في استحقاق العام المقبل فرض إغلاقاً للمؤسسات الفيدرالية لمدة 35 يوماً على خلفية الضوابط الحدودية في العام 2018، إلا أنّ المؤسسات الفيدرالية عاودت عملها في نهاية المطاف بعد فشل الإدارة في انتزاع أيّ تنازل من الديمقراطيّين. وعادة ما تُحّل المعضلة قبل تحوّلها إلى أزمة، إلا أنّ احتمالات إغلاق المؤسسات الفيدرالية هذا العام يفاقمها استقطاب حادّ في الكونغرس.