أعلنت قيادة الأركان الفرنسية، أمس الأول، أنّها ستبدأ سحب قواتها من النيجر هذا الأسبوع على أن تنتهي العملية بحلول نهاية العام. وكان الرئيس إيمانويل ماكرون صرح في وقت سابق أن آخر العساكر الفرنسيين سيغادرون البلاد الواقعة في الساحل الإفريقي بحلول نهاية العام الجاري. ويشكل هذا الانسحاب ضربة قاسمة لنفوذ فرنسا في منطقة غرب إفريقيا. أوردت فرنسا على لسان قيادة أركان جيوشها، أنّها ستباشر عملية الانسحاب من النيجر هذ الأسبوع، بشكل منتظم وآمن، بالتعاون مع النيجيريين، وأضافت أن كل القوات الفرنسية وعتادها ستنسحب من النيجر وستعود إلى فرنسا، ولن يتم تحويلها إلى أي بلد آخر. وتعهّدت باتّخاذ كل الإجراءات لإتمام سحب قواتها في ظروف جيدة لمواجهة أي تهديدات أو محاولات لعرقلة العملية، مهما كان مصدرها أو طبيعتها. وكان الرئيس إيمانويل ماكرون قد أعلن في 24 سبتمبر المالي أن إتمام سحب القوات الفرنسية من النيجر سيكون بحلول نهاية 2023، وفقا لما طالبت به سلطات نيامي الجديدة. وتأتي خطوة سحب القوات الفرنسية بعد أيام من سحب السفير الفرنسي في نيامي، في انحناءات فرنسية متكررة لطلبات المجلس العسكري ومن ورائه شعب النيجر، الذي يصرّ على انهاء الوجود الفرنسي بسبب اخفاقه في اقرار الأمن ومواجهة الارهابيين، وهي المهمة الأساسية التي تقف وراء وجود القوات الفرنسية في النيجر وفي الساحل عموما. خطّة الانسحاب ولدى فرنسا 1500 عسكري في دولة النيجر، التي تحولت لمركز رئيسي في انتشارها الأمني بمنطقة الساحل بعد مغادرتها مالي في 2022. وتنتشر القوات الفرنسية في ثلاث مواقع رئيسية هي القاعدة العسكرية 101 بالعاصمة نيامي حيث كان يتواجد نحو ألف عسكري، فضلا عن "مركزي دعم" في منطقة تيلابيري. أماّ عن خريطة الانسحاب، ففي خطوة أولى سينضم الجنود 200 المتمركزون في مدينة ولام التابعة لمنطقة يبتاكو جنوب غربي النيجر إلى قاعدة نيامي الجوية، مركز الوجود الفرنسي بالنيجر، وفق مراقبين. ولاحقا سيكون من السهل نسبيا، بفضل عمليات النقل الجوي، إعادة القوات إلى فرنسا. أما بالنسبة للمعدات الثقيلة مثل المركبات القتالية والمحطات المتنقلة والمروحيات والمخزونات، فسيتعين على خبراء اللوجستيات في الجيش الفرنسي تنظيم قوافل برية كبيرة للوصول إلى موانئ كوتونو بالبنين أو أبيدجان في كوت ديفوار. بعد ذلك ستنقل تلك المعدات إلى فرنسا على متن القوارب، وذلك في ظل عدم وجود خطط لإعادة نشر المعدات إلى قواعد عسكرية فرنسية أخرى بأفريقيا. وبحسب تقارير فرنسية، ينكب حاليا المهندسون من ذوي الخبرة في الإعداد لهذا الرحيل الذي يشكل تحديا لوجستيا جديدا لباريس التي كان عليها في 2022 إعادة قوة "برخان" المؤلفة من 4500 رجل بمالي في غضون 6 أشهر. نهاية نفوذ في حين لا تزال فرنسا تحتفظ بقوات في تشاد وكذلك في السنغال وكوت ديفوار والغابون في غرب ووسط أفريقيا، فإن مستقبل وجودها العسكري في المنطقة يبدو غير مؤكد. ويقول محلّلون إنّ باريس تفقد نفوذها في جميع أنحاء القارة، خاصة مع تزايد نفوذ دول أخرى، ما يعني أنها بداية نهاية حقبة فرنسا. وعلى مدى ما يقرب من عقد من الزمن أرسلت فرنسا آلاف القوات إلى مالي وبوركينا فاسو والنيجر تحت راية محاربة الإرهاب، لكن الهدف لم يتحقق، وعلى العكس تماما زاد خطر الدمويين وتوسّعت مساحتهم، ما فجّر غضب السكان الذين انتفضوا ضدّ الوجود العسكري الفرنسي وأصرّوا على إنهائه، وهو الذي نراه يتحقّق على الأرض بعد أن استسلمت باريس للأمر الواقع.