قطاع المالية عرف إصلاحات جوهرية وحقق منجزات غير مسبوقة تقييم وجرد ممتلكات البنكين لتحديد قيمة الأسهم ب«البورصة" مجلس مساهمات الدولة والمجلس المصرفي والنقدي .. مراقبة ومتابعة تتواصل الإصلاحات المالية المصرفية، بداية من إصدار قانون جديد للنقد والصرف، وإتباعه مباشرة بنصوص تطبيقية خاصة بإنشاء شبابيك للصيرفة الإسلامية، وإجراءات تنظيمية أخرى تهدف إلى تحقيق الشمول المالي وتحرير السوق المالية من خلال استقطاب الأموال المكتنزة أو المتداولة بالسوق الموازية وتحويلها إلى السوق الرسمية، لتفتح الدولة، بتعليمات من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، المجال واسعا أمام الاستثمار في القطاع المالي من خلال إنشاء صناديق مالية سيادية، فتح رأس مال البنوك العمومية وتشجيع الخواص على إنشاء بنوك خاصة وتحرير البورصة، إضافة إلى فتح فروع بنكية جزائرية بدول إفريقية، تأكيدا منها على مرافقة المستثمرين المحليين والأجانب من خلال التسهيلات المصرفية. يرى الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني، أن المشهد المالي والاقتصادي في الجزائر سيتعزز بفتح رأس مال بنكين عموميين ممثلين في كل من القرض الشعبي الجزائري وبنك التنمية المحلية، تنفيذا لأوامر رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، خلال لقائه الأخير برجال ورواد الأعمال على هامش اختتام أيام المقاولاتية، ما يعبر عن ترسيخ التوجه الاقتصادي الجديد، وإعطاء مساحة أوسع لدور البنوك في تمويل الاقتصاد الوطني، وتحويلها من شبابيك لاكتناز الأموال - بحسب ما عبر عنه رئيس الجمهورية - إلى بنوك عصرية بمنظور ربحي استثماري. ووصف الخبير الاقتصادي سلسلة الإصلاحات التنظيمية والهيكلية التي عرفها قطاع المالية ب«الجوهرية"، تماشيا مع ما يقتضيه التوجه الاقتصادي الذي اعتمدته الجزائر في ظل التغيرات التي تعرفها المنظومة المالية العالمية، وما تفرضه من رهانات تسعى الجزائر - من خلال التعديلات التنظيمية التي تقرها تباعا منذ سنتين- إلى التأقلم معها وتعزيزها بمنظومة رقمية شكلت المحور الأهم ضمن المشاريع التي تلتزم الحكومة بتجسيدها خلال آجال زمنية لا تحتمل التأخير، نظرا لتدخلها المباشر في نجاح مسار التغيير الهيكلي والتنظيمي نحو العصرنة، وهو المسار الذي شمل جميع القطاعات بداية من الإدارة المحلية، الجمارك، الضرائب، وأملاك الدولة، البنوك والمصارف، وعلى ذكر هذه الأخيرة - يقول سليماني – فإنها قد استفادت من انجاز تنظيمي سيمثل طفرة فيما يخص نموذج التسيير الذي ستنتهجه مستقبلا، من خلال حرية أكبر فيما يخص سلاسة وانسيابية المعاملات المصرفية، لتتعزز اليوم بالإقدام على فتح رأس مال بنكين عموميين بنسبة لا تقل عن 30 %،حيث سيتم إدراجها ببورصة الجزائر كخطوة أولى، وستحقق ديناميكية وحركية أكبر فيما يتعلق بالأسواق المالية عن طريق تنشيط دور البنوك. الرقابة لها كلمة تقال.. وفيما تعلق بالآليات التقنية التي ستتم عبرها عملية فتح رأس مال البنوك، أوضح المتحدث أن أول خطوة من الناحية العملية، تتمثل في تقييم البنكين، من خلال جرد ممتلكاتهما وإعطائهما قيمة سوقية لتحديد قيم الأسهم، بمقتضى قرار صادر عن مجلس مساهمات الدولة والمجلس المصرفي والنقدي واللجنة البنكية والمالية المكلفة بملف التقييم الشامل للقيمة الحقيقية للبنكين، قبل تداول أسهمهما بسوق البورصة، وتمكين المستثمرين والمؤسسات الجزائرية وحتى المواطنين من الحصول على الأسهم. وأضاف أن العملية ستتم في ظروف جد شفافة عن طريق بورصة الجزائر، وتوزيع عادل للأسهم وفق قدرات المستثمرين الخواص، مما سيضمن استقطاب كتلة نقدية معتبرة - تناهز 9 مليار دولار متداولة على مستوى السوق السوداء إلى السوق الرسمية، وتوجيهها إلى الاستثمارات المربحة وريادة الأعمال لإنشاء أقطاب استثمارية ومالية. واعتبر سليماني قرار فتح رأس مال البنوك العمومية، خطوة كان لابد منها لتحقيق الشمول المالي، بعد إصدار قانون النقد والصرف الجديد، وبعد إنشاء فروع بنكبة بالخارج تحديدا بكل من العاصمة السنغالية "دكار" والعاصمة الموريتانية "نواقشط"، ستليها فروع بنكية بكل من كوت ديفوار وفرنسا، وفتح مكاتب عمومية لصرف العملة الصعبة لتحرير الدينار الجزائري من هيمنة السوق السوداء، واستحداث الدينار الرقمي.. وهذه انجازات مالية تنظيمية، يعتبرها سليماني تحفيزا قويا للمؤسسات المالية لجزائرية من أجل تغيير نموذج تسييرها وتبني رؤية استثمارية ربحية تكبح البيروقراطية وتحقق الشمول المالي. وقال محدثنا إن فتح رؤوس أموال البنوك العمومية، سيدعم الاقتصاد الوطني ويسمح باستقطاب الأموال، سواء تلك المكتنزة أو تلك المتداولة على مستوى السوق السوداء، المقدرة بملايير الدنانير، وتحويله إلى تجارة حقيقية رسمية، وكان رئيس الجمهورية – يقول محدثنا - قد أعطى كل الضمانات لأصحابها بإدخالها بكل سلاسة إلى المنظومة المالي الرسمية، دون أي ضغوطات. إلى جانب ذلك، حث المستثمرين على دخول عالم الاستثمار في المؤسسات المالية واستحداث بنوك خاصة استثمارية، وهي فرصة يتوجب على المستثمرين ورجال الأعمال اغتنامها في ظل قانون الاستثمار الجديد وما جاء به من ضمانات أخذت بعين الاعتبار الانشغالات والعراقيل التي يمكن أن تعترض المستثمر، وأهمها عدم الاستقرار التشريعي، حيث غالبا ما تصطدم المشاريع الاستثمارية بتغييرات تنظيمية تتسبب في عرقلتها، وأحيانا توقفها، وهذا ما تم تداركه. إلى جانب وضع جميع الميكانيزمات التي تكفل الخلاص من البيروقراطية، وحاليا – يواصل محدثنا - تجري مكافحة البيروقراطية على جميع الجبهات بتعميم الرقمنة وتكريس الشفافية. التغيير يفرض التأقلم.. وقال سليماني إنّ فتح رؤوس أموال البنوك العمومية، واستحداث بنوك خاصة، متخصصة في مختلف مجالات الاستثمار، مثل بنوك خاصة متخصصة في السياحة، وأخرى في الإسكان والبنى التحتية والفلاحة وغيرها من القطاعات التي تعرف حاليا انتعاشا فيما يخص المشاريع المدرجة، سيُحدث قفزة استثمارية ويحرر السوق المالية، من خلال تمويل مشاريع البنى التحتية، والمؤسسات الناشئة، مشيرا إلى أن تمويل المؤسسات العمومية، في ظل التوجه الجديد الذي تعرفه، أصبحت تتطلب آليات جديد للتمويل تتكافأ مع حجم الرهانات المستقبلية المنتظر أن تخوضها تجسيدا للمشاريع الكبرى المهيكلة المدرجة ضمن أجندتها التي أصبح يطغى عليها الطابع الاستعجالي، مما يتطلب صيغا تمويلية ومرافقة مالية بخدمات أكثر فعالية وشمولية، يمكن تجسيدها من خلال بنوك خاصة وصناديق مالية سيادية وتحرير أكثر لبورصة الجزائر وللأسواق المالية والأوراق النقدية، وفتح رأس مال البنوك العمومية، الذي يعتبر - بحسب المتحدث- مكسبا للاقتصاد الوطني، مما سيفتح المجال واسعا أمام المنافسة الخدماتية للبنوك العمومية والخاصة، كما سيفتح المجال - في الوقت نفسه - أمام الفاعلين الاقتصاديين الخواص للرفع من جاذبية الاستثمار بالجزائر، والرفع من فرص خلق الثروة. بالمقابل، يتوقع سليماني أن يدعم فتح رأس مال البنوك تحرير التجارة الخارجية وتشجيع التصدير من خلال التوجه الربحي الذي ستعتمده البنوك العمومية في المرحلة القادمة وما ستضمنه من مرافقة للمصدر الجزائري، مدعومة في ذلك بمنظومة رقمية تضمن الشفافية والعدالة التحفيزية من حيث حصول المتعاملين الاقتصاديين على الامتيازات المرافقة للعملية التمويلية حيث أن تغيير نمط التسيير الكلاسيكي للبنوك العمومية إلى نمط "منجمانتي" جديد، تميزه الحوكمة والمردودية الاقتصادية والمالية والنجاعة، في ظل المتابعة الرقابية المفروضة على المسؤولين القائمين على تسيير مختلف المؤسسات الاقتصادية والمالية لتحقيق الربحية من خلال اختيار المشاريع الأكثر ربحية وتقديما للقيمة المضافة.