بخوش: الرّهان على المورد البشري والاعتماد على التّخطيط الاستباقي أشاد وزير المالية لعزيز فايد، الخميس بالجزائر العاصمة، بدور الجمارك الجزائرية في حماية الاقتصاد الوطني، مبرزا أهمية برنامج الرقمنة الذي باشرته دائرته الوزارية لترقية الخدمة العمومية وتسهيل الإجراءات والمعاملات الإدارية. جاء ذلك في مداخلة للوزير فايد ضمن فعاليات إحياء اليوم العالمي للجمارك، الذي يصادف 26 جانفي من كل سنة، والمنظم بالنادي الوطني للجيش، تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بحضور عدد من أعضاء الحكومة ومسؤولين سامين في الدولة، وكذا إطارات قطاع الجمارك ومنظمات أرباب العمل. وأوضح الوزير أنّ جهاز الجمارك يؤدي دورا «فعالا وهاما» في «تنفيذ السياسة الاقتصادية والإسهام في حماية الاقتصاد الوطني والمواطنين ووقايتهم، وجذب الاستثمار ومحاربة الفساد وبالتالي بناء الاقتصاد». كما أكّد أنّ هذا الجهاز يضطلع بدور هام في تسطير السياسة العامة للبلاد، في شقها الاقتصادي، وتجسيد خطة عمل الحكومة «التي تعوّل على المساهمة الفعالة للجمارك الجزائرية، باعتبارها أحد الركائز الأساسية التي يعتمد عليها الاقتصاد الوطني، لاسيما عبر إرساء الأطر الكفيلة بتشجيع المنتج الوطني»، يضيف فايد. التّنسيق مع الأسلاك العسكرية والأمنية في هذا الإطار، ذكر الوزير بجهود الجمارك في حماية الاقتصاد الوطني من كل أشكال الغش والتهريب ومختلف الجرائم التي تهدّده، حيث أثنى على «المجهودات الجبّارة» التي يبذلها أبناء الجهاز في سبيل تأدية مهامهم بكل «تفان وإخلاص»، داعيا إياهم إلى مواصلة مجهوداتهم بالتنسيق مع كافة الأسلاك العسكرية والأمنية. وأبرز فايد أهمية برنامج الرقمنة الذي باشرته دائرته الوزارية، والذي شمل جهاز الجمارك «في ظل التحديات التي يواجهها داخليا وما تفرضه ضرورة أداء خدمة جمركية ترقى لمستوى تطلعات المرتفقين والمتعاملين الاقتصاديين». وأشار أيضا إلى أهمية الرقمنة في تأمين الاقتصاد والمواطن من جهة، وكذا مواكبة التطورات التكنولوجية والمعلوماتية على الصعيد الدولي التي تنعكس بدورها على الممارسات التجارية الدولية من جهة أخرى. كما لفت الوزير إلى ضرورة تعزيز العلاقات التشاركية المبنية على تبادل المعارف والخبرات بين المؤسسة الجمركية ومختلف شركائها، مع توسيع مجال هذه العلاقات نحو انخراط شركاء جدد. وذكر فايد أنّ وزارة المالية عكفت على تنويع وسائل حماية الاقتصاد الوطني، وتعزيزها لأجل خلق نمو اقتصادي «صلب ومستدام» وإنعاشه، وكذا تحسين مناخ الأعمال وتحفيز الاستثمار الوطني والأجنبي ضمن «بيئة اقتصادية آمنة»، عبر الإصلاحات التي تجسّدت في المشاريع والبرامج المسطرة من طرف الحكومة، «ممّا يستدعي اليقظة والسهر الدائم على تحقيق هذه الأهداف بقدر عال من الوعي والمسؤولية». في سياق متصل، أوضح فايد أنّه في ظل التحديات التي تمليها التحولات الحاصلة، لاسيما في المجال الاقتصادي والتجارة الخارجية، أصبح ''من اللازم العمل على تحسين استراتيجيات الحوكمة المالية الجيدة، في بعدها الإداري والاقتصادي على وجه الخصوص». واعتبر أنّ الحوكمة المالية تسمح بحماية الاقتصاد من المخاطر والعمل على تعزيز الثقة بين الجهات الفاعلة، مذكرا في هذا الإطار بالتدابير والإصلاحات وبالمسعى العام الذي تنتهجه دائرته الوزارية لإرساء حوكمة متجددة لقطاع المالية «الذي يرتكز على مبادئ التسيير المعتمد على تقييم الأداء». ولفت فايد إلى أن الأولويات المحدّدة للمديرية العامة تتمثل في تحسين مناخ الأعمال والمساهمة في دعم تنافسية المؤسسات الاقتصادية الوطنية، تأمين إيرادات الجمارك، حماية الإقليم والمواطن، وكذا تحديث التنظيم الداخلي والإسراع في التحول الرقمي. وأكّد أنّه تم تحديد، لكل هيكل من هياكل وزارة المالية، أهداف فرعية وأنشطة دقيقة في إطار التزام تعاقدي بين المدراء العامين ووزير المالية، مجسدة في عقود الأهداف والنجاعة. تحوّلات استراتيجية من جهته، أكّد المدير العام للجمارك عبد الحفيظ بخوش، أنّ الجمارك الجزائرية تستعد لتحديات مستقبلية وتحولات استراتيجية هامة، من خلال الاعتماد على التخطيط الاستباقي واعطاء الأولوية للمورد البشري. أوضح بخوش في كلمة بالمناسبة أنّ «جهاز الجمارك سيشهد تحولات استراتيجية هامة في سبيل تحقيق عدة أهداف مبنية على إنشاء نظام تسيير قائم على التخطيط الاستباقي وتقييم تحقيق الأهداف، باستخدام مؤشرات قياس أداء يقوم على أساس معايير الكفاءة والنجاعة». ويرتكز هذا التوجه أساسا، يضيف، على «مراعاة الدور الحيوي للمورد البشري وأهمية الشراكة مع كافة القطاعات والفاعلين، بالإضافة إلى تعزيز آليات الرقابة الجمركية بكافة أشكالها، بالموازاة مع تسهيل التجارة الدولية عبر الحدود لتحسين مناخ الاستثمار». ويطمح الجهاز لأن يكون «قطبا إقليميا في التكوين الجمركي، لاسيما مع الاهتمام المتزايد للعديد الدول الشقيقة والصديقة، العربية منها والإفريقية، بتكوين أعوانها في مختلف المدارس الجمركية الجزائرية التي يشرف على إعداد ومتابعة برامجها البيداغوجية إطارات كفؤة باعتماد معايير دولية عصرية ومتطورة تتماشى ومتطلبات المهنة الجمركية»، يضيف بخوش. وفي إطار تعزيز التعاون المؤسّساتي في سبيل حماية الاقتصاد الوطني من كافة أشكال الغش والتهريب والجرائم العابرة للحدود، تطمح الجمارك الجزائرية إلى تحيين بعض الاتفاقيات التي أبرمتها في مجالات عدة، لاسيما تلك المتعلقة بتبادل الخبرات والمعلومات والتكوين وتبسيط الإجراءات الإدارية. وفي السياق ذاته، أضاف بخوش أن الجمارك تطمح أيضا الى «توسيع رقعة علاقاتها التشاركية من خلال إقامة روابط جديدة متينة برؤى موجّهة، تمكّنها من مواكبة المتغيرات الاقتصادية التي تتطلب تلاحم الجهود من جهة وتكاتفها من جهة أخرى». حجز أكثر من 10 أطنان من الكيف المعالج في 2023 أكّد بخوش في حديثه عن إنجازات الجمارك خلال سنة 2023، أنّ مصالحه سجّلت «حصيلة نوعية» في مجال مكافحة التهريب بشتى أنواعه بالتنسيق المحكم مع مختلف الأسلاك الأمنية وعلى رأسها الجيش الوطني الشعبي، والتي أفضت إلى «إفشال محاولات إجرامية عديدة لإدخال السموم إلى الوطن، تمّ من خلالها حجز أكثر من 67 كلغ من الكوكايين وأكثر من 10 أطنان من الكيف المعالج». وفي سبيل تحقيق التحول الرقمي الذي يعد من أبرز أولويات الجمارك لتحسين خدماتها، ذكر بالمركز الوطني للإشارة ونظام المعلومات للجمارك الذي تمّ تدشينه مؤخرا، والذي سيسمح «بإنجاز وصلات مع الأنظمة المعلوماتية لمختلف الشركاء والفاعلين ضمن السلسلة اللوجيستية للتجارة الخارجية، والتي بدورها ستسمح بتسهيل تبادل المعلومات بين المتعاملين الاقتصاديين والهيئات الحكومية ذات العلاقة بالنشاط الجمركي». وبالمناسبة، أشاد بخوش بالجهود المبذولة من طرف منتسبي القطاع في سبيل حماية الاقتصاد الوطني والمواطن وخدمته، مؤكّدا على «التجند الدائم والتام لمصالحه في سبيل ترقية النشاط الجمركي بالتنسيق مع جميع الفاعلين في تأطير التجارة الخارجية». وقد تمّ إحياء اليوم العالمي للجمارك هذه السنة تحت شعار «من أجل جمارك تجنّد شركاءها التقليديين والجدد حول أهداف واضحة».