أكد مختصون في الصحة العمومية أن احترام المصابين بالأمراض المزمنة للإرشادات الطبية التي نصح بها أطباؤهم قبل وأثناء شهر رمضان الفضيل، كفيل بتلافي بعضهم تعقيدات ومضاعفات صحية خطيرة، والحيلولة دون الضغط على مصالح الاستعجالات الطبية عبر مستشفيات الوطن. أوضح الدكتور رمزي بوبشيش، وهو طبيب عام في الصحة العمومية، أن قطاع الصحة الجزائري يضطلع بدور محوري ومهم في تحقيق الأمن الصحي الوطني والحفاظ على حياة الإنسان، كونه هيئة طبية مناوبة بدوام عمل كامل 24/24 ساعة، خصوصًا قسم الاستعجالات في كل المناسبات والظروف. وقال الدكتور رمزي بوبشيش، في تصريح ل "الشعب"، أن الاستعجالات الطبية تُسخَّر لخدمة المريض في شهر رمضان قبل وبعد الإفطار، بجاهزية وسرعة في التدخل بخبرة الأطقم الطبية في العلاج، حيث تتوفر على المواد الطبية ووسائل الحالات المتصلة بانعكاسات الصيام على أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن والأطفال حديثي عهد الصوم. ومن أبرز الحالات التي تستقبلها الاستعجالات الطبية، كما أضاف بوبشيش، الصائمون المصابون بالأمراض المزمنة مثل السكري، نظرا لتعرض العديد منهم لانخفاض حاد في نسبة السكري خاصة من يتعالجون بالأنسولين لخطورة الصيام عليهم، ومريض السكري ممن لم يلتزم بميزان غذائي متوازن وتناول وجبات إفطار غير صحية متبوعة بسلوكيات وعادات غذائية غير مناسبة تتسبب في ارتفاع السكري، بالإضافة إلى مرض الضغط الدموي الذي يمس أكثر كبار السن. وتابع محدثنا: "كل تلك الحالات المرضية تجد لها طواقم طبية واستعجالية مهيأة في الخدمة، باعتبار كثرتها وتَعوَّد الأطقم عليها بناءً على تجربة وخبرة السنوات السابقة، كما تستقبل الاستعجالات الطبية بعض الحالات المعقدة ما بعد الإفطار نظرا لسلوكيات الأكل غير المناسب، وهي حالات طبية وجراحية هضمية تمس الجهاز الهضمي المعدي والمعوي، تتعلق تحديدا بالأيام الأولى من شهر رمضان". ورغم كل الجهود المبذولة ودور الاستعجالات الطبية في التكفل بالحالات المرضية، اعتبرها بوبشيش، غير كافية وتتطلب ترقية للخدمات من خلال تحقيق استقلالية تامة للمصلحة عن باقي الأقسام، وتدعيمها بأطقم طبية وشبه طبية خاصة بالاستعجالات فقط، مع تدريبها وتكوينها دوريا للتكيف مع كل الظروف والمناسبات ومنها شهر رمضان. كما اقترح المختص ذاته، تفعيل نظام الرقمنة والتكنولوجيا لإتاحة تسيير أحسن والتكفل الجيد بالحالات الحرجة لتأخذ حقها ودورها من الحالات غير المستعجلة، وتوسيع مصالح الاستعجالات برفع عدد الأسرة الطبية تماشيا مع زيادة الكثافة السكانية، وكذا تدعيمها بسيارات إسعاف للحالات الحرجة للوصول بسرعة لبيوت المواطنين والتكفل بهم سواءً في المنزل أو في السيارة المجهزة بالوسائل الاستعجالية. فضلاً عن ذلك، العمل على تحقيق الوعي الصحي والوقائي في المجتمع من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ومضاعفة الجهد الطبي التوعوي الإرشادي للتقليل من حدوث الحالات الحرجة والمستعجلة، يضيف الدكتور رمزي بوبشيش. ومن جهته، أبرز المختص في الصحة العمومية، الدكتور كواش امحمد، أن الضغط على الاستعجالات الطبية في شهر رمضان الفضيل يرتبط بذروات مختلفة، حيث تكون شدة الإقبال في الفترة المسائية ما بعد العصر، ثم تهدأ قليلا مع وقت آذان المغرب، ليعود الضغط بعد الإفطار ويستمر إلى غاية منتصف الليل. وأشار كواش في تصريح أدلى به ل "الشعب"، إلى أن الحالات التي تصل مصالح الإستعجالات في تلك الفترات تحمل الطابع الاستعجالي في أغلبها، ولها خمسة أنواع، أولها يتصل بحوادث المرور التي تعرف ذروة من ذرواتها في شهر رمضان بفعل وضعية الصائمين الناجمة عن القلق والتوتر وقلة النوم وضعف التركيز والإرهاق وانخفاض نسبة السكر في الدم، في حين يتعلق النوع الثاني بالمصابين بالأمراض المزمنة المختلفة لا سيما كبار السن المرضى الذين يُصرون على الصيام ويتعرضون لمضاعفات صحية. أما النوع الثالث، فيرتبط بحوادث العمل والمنزل على غرار حالات الجروح والاحتراق والسقوط، والرابع يكون غالبا ناجما عن المشاكل الهضمية المختلفة نتيجة التخمة والإفراط في الأكل والتعرض للتسممات الغذائية، كما يرتبط النوع الخامس بحوادث وإصابات الشجارات بسبب الضغوطات والتفاعل السلبي مع الصيام لكثير من المواطنين خاصة في الأسواق والأحياء الشعبية.