لا شك في أنّ قيم التضامن والتكافل متجذّرة في المجتمع الوهراني، بل هي جزء لا يتجزأ من شخصيته وهويته وثقافته وحضارته، يظهر أثرها بوضوح في المناسبات الدينية، سواء من خلال المؤسسات الحكومية أو من الهياكل الدينية والمبادرات المجتمعية والأعمال التطوعية بأوجهها المتعددة، الهادفة إلى بناء علاقات اجتماعية قوية وسليمة بين أفراد المجتمع الواحد، لتمكين الفئات الضعيفة والهشة. تسلط "الشعب" الضوء في هذا الشهر الفضيل على نماذج ناجحة لمنظمات وجمعيات متميزة بوهران، تصب في مجالات عدة من الساحة الأدبية والثقافية أو المساهمة في إرساء أبعاد التنمية المستدامة وإشباع حاجة اجتماعية، أو تقديم الدعم الطبي والنفسي للمرضى، وبخاصة الأطفال، على غرار جمعية "القلب المفتوح"، التي يقف خلفها أب احترق قلبه حزنا على وفاة ابنته "لالا سهام" إثر عملية جراحية لتشوه القلب، في 9 مارس 2011، فكانت بمثابة الحافز الذي دفعه لتأسيس هذه الجمعية ذات طابع صحي اجتماعي في 28 ديسمبر 2011. وقد رافقت "الشعب" طاقم "لالا" ببعض المحطات البارزة ضمن المبادرات الرمضانية الخيرية في وهران، بما فيها توزيع "وجبات الإفطار" على المرضى ومرافقيهم المتواجدين بالمستشفى الجامعي الحكيم بن زرجب، والوقوف على الجهود المبذولة لجمع التبرعات من المواد الغذائية وألبسة العيد ولوازم الختان والأدوية، وغيرها من المساعدات العينية والطبية. وتفرض هذه الجمعية الطبية الإجتماعية نفسها بقوة في مختلف المجالات؛ حيث لم تكتف بتأدية المهام النبيلة المخولة لها، والمتمثلة في مساعدة الأطفال المرضى بالتشوهات الخلقية على مستوى القلب، وإنما تعددت وتنوّعت سبلها في العناية بالمحتاجين، ومدّ يد العون للمرضى وعائلاتهم، يقول مؤسّس ورئيس الجمعية، عبد القادر شتوان، مؤكّدا "العزم على مواصلة العمل التضامني الجاد والتعاون المثمر مع فعاليات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية لخدمة الوطن والمجتمع". ولخّص شتوان في تصريح ل "الشعب" المحاور الكبرى للبرنامج الرمضاني، المتمثلة أساسا في مشروع "الطرود الغذائية" و«إفطار المرضى" على مستوى المستشفى الجامعي، الحكيم بن زرجب، القادمين من خارج الولاية، ومشروع "كسوة العيد"، فيما تخص "هذه المساعدات تخصص بالدرجة الأولى المسجلين لدى الجمعية، وعلى رأسهم عائلات المرضى من الفئات الهشة"، كما قال. وأفاد بأنّ "نشاطهم متوغل في كل الأعمال الخيرية والإنسانية طيلة أيام السنة، بما فيها عمليات التشجير وتزيين المستشفيات بالتنسيق ومحافظة الغابات ومؤسسة وهران خضراء، ناهيك عن تنظيم زيارات دورية للمرضى، خاصة مصلحة الأطفال بمستشفى الحكيم بن زرجب، بهدف إحصاء الأطفال المحتاجين ودعمهم ماديا ومعنويا وبسيكولوجيا، على غرار توزيع الأدوية بالمجان والحفاضات والكراسي المتحركة والعكّازات، والمساعدة على توجيه مرضى القلب لأجراء العمليات الجراحية على مستوى العيادة المتخصصة ببوإسماعيل في الجزائر العاصمة، ومختلف المستشفيات المتعاقدة مع الضمان الاجتماعي. وأضاف أنّ جمعية "القلب المفتوح" تحرص كما دأبت منذ سنوات على "تنظيم عمليات الختان في المولد النبوي الشريف وليلة سبع وعشرين من رمضان، بالتنسيق مع مديرية الصحة ومستشفى الجامعي وهران وجمعية أم درصاف الاجتماعية"، مبرزا "ضرورة إرفاق الطفل بشهادة ميلاد وشهادة طبية والتحاليل اللازمة قبل هذا الإجراء الجراحي"، وفق تعبيره. واسترسل يقول: "إن اهتمام القائمين على الجمعية والعاملين فيها بالفئات دون سند عائلي يحتل مكانة هامة، وهو ما يظهر جليا في الزيارات الدورية إلى ديار الرحمة والعجزة والطفولة المسعفة، دون أن ننسى حملة شتاء دافئ، التي تستهدف الأشخاص بدون مأوى من خلال توزيع المساعدات والوجبات الساخنة بحسب الإمكانيات المتاحة"، موجها في الوقت نفسه "أسمى عبارات الشكر والثناء المحسنين والمتطوعين". وفي الختام، ناشد شتوان عبد القادر، الجهات المعنية توفير مقر دائم للجمعية، يساعد في توفير بيئة مناسبة لطاقم العمل من أجل الاستمرار بالعطاء التضامني، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة في أي إجراء ذي طابع إنساني وخيري يخفف آلام ومعاناة الطبقة المعوزة، سيما في مجال المساعدة الطبية الخيرية داخل الولاية وخارجها، مشيرا إلى ارتفاع أسعار الكراء، بما فيها المقر الحالي، المتواجد على مستوى 27 شارع إقامة "كليمونتين".