معرض وبنوك ومناطق حرّة..رؤية جديدة ومفتاح استعادة الوحدة الإفريقية عملت الجزائر خلال سنة 2023 على تعزيز تواجدها الاقتصادي على الساحة الإقليمية، من خلال فتح معارض تجارية وفروع لبنوك جزائرية في الخارج والبداية كانت من موريتانيا والسنغال. هذه الخطوة - بحسب العديد من الخبراء - ليست مجرد توسع عملي للبنوك، بل تمثل أيضًا دلالة على الاستقرار الاقتصادي الذي تتمتع به الجزائر وفق مؤشرات نمو تتجاوز ال4 بالمائة سنويا، ورغبتها في دعم الأعمال التجارية وتسهيل العمليات المالية داخل المنطقة الإفريقية. وتعد عملية فتح الفروع البنكية في الخارج خطوة استراتيجية هامة للبنوك الجزائرية لتدارك التأخر الذي عرفته الجزائر في إعطاء منظومتها البنكية والمالية بعدا دوليا، وانفتاحها على الدول الإفريقية وحتى على أوروبا، لاسيما وأن بنك الجزائر الخارجي الدولي يعتزم فتح خمس وكالات في فرنسا، حيث تسعى هذه البنوك إلى توسيع قاعدة عملائها وزيادة فرص الاستثمار في الأسواق الإفريقية الناشئة. وجدير بالذكر أن هذه الخطوة تأتي في سياق تطور العلاقات الاقتصادية بين الجزائر ودول القارة الإفريقية، وتعزيز التكامل المالي والاقتصادي بينها. وتعكس هذه الخطوة أيضًا، ثقة البنوك الجزائرية في الاقتصادات النامية والفرص الاستثمارية المتاحة في دول غرب إفريقيا والساحل. ومن المتوقع أن يسهم وجود البنوك الجزائرية في تعزيز التجارة الثنائية وتعزيز التبادل التجاري بين الجزائر وهذه الدول في انتظار فتح فروع في دول أخرى. تكامل اقتصادي وتعاون إقليمي
بالتزامن مع هذه الخطوات الاقتصادية الهامة، شهدت الجزائر توقيع اتفاقية استضافة الدورة الرابعة للمعرض الإفريقي للتجارة البينية (IATF2025) يوم 15 أفريل 2024. ويعد هذا المعرض أحد أهم الأحداث الاقتصادية على مستوى القارة الإفريقية، حيث يجمع بين القطاع العام والخاص من مختلف دول القارة لتعزيز التجارة والاستثمار في القارة. وتعتبر استضافة الجزائر لهذا المعرض إشارة إيجابية إلى التزامها بالتكامل الاقتصادي في القارة الإفريقية وتثبيت دورها كلاعب رئيسي في دعم العلاقات التجارية الإفريقية. هذه الخطوة تمثل كذلك فرصة لتوسيع التبادل التجاري بين الجزائر وباقي دول القارة، ودعم التعاون الإقليمي وتطوير الشراكات الاقتصادية. ومن المتوقع أن يسهم معرض التجارة البينية الإفريقية 2025 في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وباقي دول القارة، وتعزيز فرص الاستثمار والتبادل التجاري. وبالتالي، فإن هذا الحدث يعكس التزام الجزائر بتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والتكامل الإقليمي في إطار الأجندة الإفريقية للتنمية المستدامة 2063. ويرى أستاذ الاقتصاد، الدكتور وليد سحقي، أن اختيار الجزائر لاحتضان الدورة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية، يُعدّ اعترافاً إقليميا ودوليا بمكانة الجزائر المتنامية كمركز اقتصادي إقليمي هام، ويُقدم المعرض فرصة استثنائية للجزائر لتعزيز حضورها على الساحة الاقتصادية الإفريقية والدولية بشكل عام، من خلال الترويج للمنتجات الجزائرية وجذب الاستثمارات الأجنبية، ومن المتوقع أن يجذب المعرض استثمارات أجنبية جديدة إلى الجزائر، ممّا يُساهم في تنويع الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة. وفي سياق ذو صلة، يرى أستاذ الاقتصاد التطبيقي الدكتور خالد طبيب، أن فتح فروع بنكية جزائرية في عدد من الدول الإفريقية له العديد من المزايا الاقتصادية حيث يعمل على تعزيز التبادل التجاري والاستثماري، مما يُسهل على الشركات الجزائرية ممارسة الأعمال التجارية والاستثمار في موريتانيا والسنغال، ويُحفز تدفقات التجارة والاستثمار بين البلدين، وتشير التوقعات إلى زيادة في حجم المبادلات التجارية بين الجزائروموريتانيا والسنغال خلال السنوات القادمة، كما يساعد ذلك على خلق فرص عمل جديدة، فمن المتوقع أن يُساهم افتتاح هذين الفرعين في خلق فرص عمل جديدة في كل من موريتانيا والسنغال، ممّا يُساهم في خفض معدلات البطالة وتعزيز النمو الاقتصادي في البلدين، بالإضافة إلى دعم التكامل المالي الإقليمي؛ لأن تواجد البنكين الجزائريين خطوة نحو تعزيز التكامل المالي الإقليمي في غرب إفريقيا، ممّا يُسهل حركة الأموال والتجارة بين الدول ويحفز الصادرات. ويضيف الدكتور طبيب أن الجزائر مُستعدة بشكل كامل لاحتضان معرض التجارة البينية الإفريقية 2025 حيث تمتلك كافة الإمكانات لاحتضان حدث دولي بهذا الحجم، بما في ذلك البنية التحتية اللازمة من مطارات وفنادق ومراكز مؤتمرات. وتُعدّ الجزائر من بين الدول الإفريقية التي تمتلك شبكة نقل بري وجوي متطورة. كما تمتلك خبرة واسعة في تنظيم المؤتمرات والمعارض الدولية، وقد سبق لها أن احتضنت العديد من الفعاليات الاقتصادية الهامة آخرها قمة الغاز العالمية مارس الفارط.