لا داعي لتضخيم الحدث نفسيا تفاديا لحالات التوتر والارتباك الشديدين قدّمت الأخصائية النفسية في العلاج السلوكي المعرفي شيماء مزغيش في لقاء أجرته مع جريدة "الشعب" مجموعة من النصائح المهمة للأولياء عن كيفية التعامل مع أبنائهم التلاميذ المقبلين على امتحان البكالوريا الذي يقابله بحسبها تضخيما إعلاميا ومجتمعيا فائق الحدود يحسب له ألف حساب كونه امتحانا مصيريا حقيقة لا غنى عنه في بناء مستقبلهم العلمي، مما يضع الطلبة المقبلين على هذه المرحلة الحياتية في وضعية لا يحسدون عليها نظرا لهشاشة نفسيتهم بسبب ما يعيشونه خلال هذه الفترة من ضغوطات وتوترات نفسية لا مثيل لها يمكن بكل سهولة تجاوزها إذا ما تم الإقبال على هذا الامتحان في ظروف خالية من الضغوطات النفسية واعتباره كباقي الامتحانات التي مروا عليها من قبل واجتيازه بكل أريحية. - الشعب: هناك عدد كبير من التلاميذ والطلبة عند اجتيازهم امتحانا مصيريا مثل امتحان البكالوريا يصابون بضغط نفسي وتوتر شديدين جراء تسليط الضوء عليهم في محيطهم المقرّب خاصة من طرف أوليائهم، بالرغم من تحضيرهم الجيّد للامتحان، هل حقيقة يمكن أن يتعثّر التلميذ في خطوته أمام النجاح بسبب ذلك؟ الأخصائية شيماء مزغيش: فعلا إن الفكرة المروّجة أن هناك تلاميذ يقومون بتحضير جيد من الناحية الدراسية والأكاديمية ومن ناحية تحصيل الدروس لكن يوم الامتحان يمكنهم أن يواجهوا أعراضا نفسية قد تتحوّل إلى أعراض جسدية تسمى في علم النفس بأعراض psycho- somatique أو أعراض نفسو- جسمية التي يعتبر مصدرها نفسي، لكن يعبر عنها على مستوى جسدي. إذا تكلمنا عن الأسباب وعلى الأخطاء التي يقع فيها الطلبة المقبلين على الشهادة أو قد بتسبب فيها أولياءهم بطريقة غير مباشرة والتي بإمكانها أن تؤدي إلى ظهور هذه المشاكل النفسية الجسدية بنسبة متفاوتة أو أكبر عند بعض التلاميذ أكثر من غيرهم فهي لا تظهر عند كل الطلبة لكن هناك طلبة أكثر عرضة لهاته المشاكل النفسية التي ينتج عنها أعراض جسدية يوم الامتحان، نجد نوعين من الأسباب المتعلقة بالطالب في حد ذاته وهناك أسباب تتعلق بالأولياء وبمحيط الطالب المقبل على اجتياز الامتحانات الرسمية.. - ما هي هذه الأسباب وما درجة تأثيرها على نفسية المترشّح لامتحان البكالوريا؟ نبدأ أولا بالأخطاء التي يقع فيها الأولياء والتي بإمكانها أن تساهم في تدهور الحالة النفسية للتلميذ - أوّل أمر تضخيم الحدث من طرف الأولياء والأشخاص المحيطين بالتلميذ، نجد العائلة كلها تقوم بتركيز انتباهها على الطالب وهذا الانتباه المبالغ فيه بإمكانه أن يكون بشكل سلبي حيث يتحوّل التلميذ إلى محور رئيسي بحيث يتكلمون عن تحضيراته كثيرا في محادثاتهم العائلية وتجمعاتهم مما يخلق لديه نوعا من التوتر والضغط النفسيين وأيضا المبالغة في التعامل مع الحدث من طرف الأولياء سواء في الأيام السابقة للامتحان المتعلقة بفترة التحضير أو في الأيام المتعلقة بأيام الامتحان أين يزيد الضغط على التلاميذ المقبلين على الامتحان. - وما رأيكم في المبالغة الإعلامية خاصّة في السنوات الأخيرة تسلّط الضوء على هذا الامتحان في وسائل التواصل الاجتماعي؟ المبالغة الإعلامية التي تطغى خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي قد تساهم بصفة غير مباشرة في رفع نسبة التوتر لدى الطالب وفي خلق أيضا حالة من التوتر والخوف لتستمر طيلة فترة التحضير، لأن ذلك يجعل الطالب يعتبر اجتيازه لشهادة البكالوريا شيء ضخم ففي حالة رسوبه قد تكون بالنسبة له نهاية العالم، وبالتالي نهاية حياته وهنا يبرز دور الأولياء الذين نجد من بينهم من هم أيضا يضغطون على أبنائهم خلال فترة التحضير وحتى أيام اجتياز الامتحانات ويرسخون لديهم فكرة نهاية العالم في حالة الرسوب في امتحان الشهادة، فالأولياء يعتقدون من خلال الضغط على أبنائهم أنهم يحفزونهم على العمل والمثابرة بل بالعكس في الحقيقة هناك من التلاميذ من لا يمكنهم تحمل ذلك الضغط النفسي بل نجدهم يدخلون في دوامة الخوف التي تتسبب في إرباكهم أكثر يوم الامتحان. - كيف يمكن التعامل مع هذه الوضعية الحرجة التي يمكنها أن تضع التلميذ في دوامة نفسية قد تعيق نجاحه؟ فعلا، بإمكان هذه العوامل أن تؤثر على الصحة النفسية لدى عدد معتبر منهم لأن الرسوب في هذا النوع من الشهادات الرسمية يمكنه اعتراض مردودهم الدراسي وقد يتسبب ذلك في تعثر بعضهم وعدم تحقيق رغبتهم في النجاح ودورنا نحن كأخصائيين نفسانيين التركيز على محاولة تبسيط مفهوم الامتحان بأكبر قدر ممكن لدى الأولياء والتلاميذ لكي لا يعطى الأمر أهمية فوق الحجم الذي يستحقه، لأنه يبقى مجرد امتحان فالأولياء يعتبرون ذلك تحفيزا للتلاميذ لكن في الحقيقة نرى أنه يمكن أن يتحوّل ذلك التخويف إلى خوف شديد بسبب فرط الحساسية لديهم، كما يمكن أن يكون هناك تلاميذ يمكنهم التعامل مع الأمر بطريقة مقبولة وإيجابية وبشكل عادي لأنه صحيح هذا الامتحان مهم لكنه يبقى مجرد امتحان لذلك لا يجب المبالغة في إعطائه فوق حجمه لأن الأمر هذا قد يوصل التلميذ إلى نتائج سلبية بعيدة كل البعد عن النتائج الايجابية التي يسعى لتحقيقها بمرافقة أوليائه الذين يظنون بأنهم يحفزون أبناءهم بهذه الطريقة لكي يولون الأمر أهمية ولكن يمكن أنا يخيفهم هذا أكثر علما أن هناك تلاميذ لديهم فرط حساسية فيشعرون جراء ذلك بالخوف والتوتر وهناك على العكس من يتقبلون الأمر بشكل عادي. - ما هي النصائح التي تقدّمونها للأولياء حتى يكون التحفيز للأبناء بطريقة إيجابية وفعّالة لأبنائهم قبل وخلال أيام اجتياز الامتحان؟ كلنا نشاهد الأجواء التنظيمية المخصصة لأيام اجتياز امتحان شهادة البكالوريا من تسليط للضوء بصفة مكثفة إعلاميا وتخصيص تغطية أمنية كبيرة بتواجد رجال الأمن في المراكز المخصّصة للامتحان، ضف إلى ذلك الازدحام المروري إضافة إلى ذلك خوف الأولياء المبالغ فيه على أبنائهم علما أن ذلك الخوف يمكنه أن ينتقل إلى الأبناء ويمكن اعتباره بالخوف المعدي إذا كان ذلك الطفل أو التلميذ لديه تحضير جيد ورأى أمه خائفة (.. وترتعد) فأكيد أن ذلك الخوف سينتقل إلى الابن ويحسّ بنفس الخوف أو أكثر وبهذه الطريقة يمكن للاولياء أن ينقلوا مشاعرهم السلبية بطريقة غير مباشرة هذا من جهة ومن جهة أخرى هناك أمهات أو آباء يقومون بتخويف ابنهم من خلال إلقاء اللّوم عليه من خلال الملاحظات المقدّمة إليه بعدم قيامه بالمجهودات اللازمة وبعدم إعطاء الأمر أهمية وهذه طريقة سلبية في التعامل مع الابن المقبل على اجتياز الشهادة. - ما هو التصرّف السليم حتى تمرّ مرحلة امتحان البكالوريا بسلام على الجميع؟ يتوّجب في هذه النقطة التأكيد على تقدير المجهود المبذول من قبل التلميذ والتشجيع على القيام بالأفضل بتوجيه خطاب تشجيعي يدعم المجهود المبذول ويحفز الابن من خلاله على القيام بالمزيد والأفضل وإظهار مواطن النقص أو أنه يحتاج لمضاعفة المراجعة الفعّالة لأن المخاطبة السلبية تنعكس على مردود الأبناء بحيث حتى ولو أنهم كانوا في حالة استعداد جيّد للامتحان إلا أن ذلك يؤثر على أفكارهم ويجعلهم يفقدون الثقة في أنفسهم وتترسخ في عقلهم ونفسيتهم فكرة عدم الاستعداد الجيد للامتحانات وهنا تكون برمجة سلبية من طرف الأولياء لأبنائهم بطريقة غير مباشرة وبشكل غير واعي من قبل بعض الأولياء الذين لا يقدرون مجهود أبنائهم ويركزون فقط على الأوقات التي لم يكن يراجع فيها، لذلك يمكن تسجيل أعراض واضطرابات جسدية مختلفة يوم الامتحان مثل الاغماءات وصداع وآلام في البطن مع اسهال أو قيء وهي تعكس جسديا ما يعاني منه التلميذ من ضغوطات نفسية شديدة مرّ بها في الأيام السابقة وأيضا يوم الامتحان وكان بالامكان تفاديها لو أخذت بعين الاعتبار الحالة النفسية للأبناء من قبل