تمثل الصناعة الوطنية حجر الزاوية في مسار التنمية ومن ثمة يعول على القطاع الاقتصادي العمومي كثيرا في إعطاء نفس للصناعة بكافة ميادينها بما يعزز من وتيرة أداء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة خاصة إذا ما التف الشركاء الاقتصاديون حول مسار للشراكة بين القطاعين العمومي والخاص المنتج خاصة وان الظرف الراهن موات بشكل غير مسبوق بفضل المؤشرات الجيدة والموارد المتوفرة. لقد بدأت مرحلة جديدة في أعقاب تراجع مقلق للادء الصناعي الذي يرتقب أن يرفع من وتيرته بفضل ورقة الطريق لإعادة انتشاره وفقا لخيار إقامة أقطاب كبرى ترتكز على صناعات يمكن أن تحقق القيمة المضافة وتجر معها دواليب منظومة اقتصادية تستفيد من محيط استثماري واسع تلعب فيه الدولة الدور الأول من خلال المشاريع التي يجري انجازها بما فيها تلك التي تتم بالشراكة مع متعاملين أجانب أكدوا ثقتهم في السوق الجزائرية. غير أن إعادة إمساك الدولة بخيوط النهوض بالقطاع الصناعي العمومي خاصة لا يعني إطلاقا إعادة إنتاج تجارب سابقة أدت جراء أول صدمة للازمة الاقتصادية العالمية في منتصف الثمانينات إلى استنزاف موارد هي اليوم ذات قيمة للأجيال خاصة أمام التغيرات التي تطرأ على الأسواق العالمية وبشكل سريع مما لا يعطي فرصة للمؤسسة التي لا تواكب التطور التكنولوجي ولا تلتزم بمعايير التسيير الحديث. وفي هذا الإطار فان تحسين مستوى الموارد البشرية من خلال التكوين ومواكبة ما يجري حولها في أسواق إقليمية وعالمية أمر أكثر من ضروري ينبغي الحرص عليه في نفيس الوقت الذي ينتظر أن تؤسس فيه ثقافة الذكاء الاقتصادي الذي من شانه أن يعطي قيمة للعناصر المادية والمالية التي تضخها الدولة في مؤسسات يشكل بعضها رمزا للصناعة الوطنية وهي قابلة للانتعاش والنجاعة وتحقيق الأهداف المسطرة الاقتصادية منها والاجتماعية. ويمكن بلوغ هذا باعتماد المرونة والفعالية في ضوء ضبط محاور الإستراتيجية الصناعية بعيدا عن أوهام أو مغامرة وإنما بالعمل وفقا لخيارات موضوعية وباعتماد الواقعية بحيث يمكن إقامة صناعات محددة تملك فيها السوق المحلية موارد وقدرات سواء للإنتاج أو للتسويق مثل الإلكترونيك والميكانيكا والصناعة الغذائية ومواد البناء كالحديد والصلب والاسمنت وغيرها من المحاور التي يمكن الرهان عليها في إدماج المناولة المحلية وترتبط مباشرة بمنظومة التكوين المهني.