في خطوة عنصرية أخرى ترسخ سياسة العداء وهدر حقوق الانسان والتطهير العرقي والديني، قررت سلطات ميانمار ( بورما) منع مسلمي» الروهينغا« في ولاية أركان من انجاب أكثر من طفلين، لتكون هذه الدولة الوحيدة في العالم التي تفرض تحديدا للنسل على أساس طائفي وديني. وقد جعلت سلطات ميانمار تحديد النسل للأقلية المسلمة التي تمثلها طائفة الروهينغا، شرطا أساسيا للبقاء في المخيمات التعيسة التي يقيمون فيها، بعد أن أحرقت العصابات البوذية العنصرية المتطرفة بيوتهم وقراهم في أحداث عنف واضطهاد مازالت مناطق المسلمين عرضة لها منذ ماي 2012 وقد خلفت حتى الآن مقتل أزيد من 180 مسلم وتشريد 125 ألف يعيشون بمخيمات تفتقر الى أدنى شروط الحياة، خاصة مع إعاقة وصول المساعدات التي تقدمها المنظمات الانسانية، كما تعرّضت هذه الأقلية على أبشع أنواع التعذيب والاهانة والاغتصاب والاعتقالات الجماعية وهذا كله أمام سمع وبصر العالم الذي اكتفى ببعض الاستنكار المحتشم دون تحريك ساكن، طبعا فالضحية هنا التي تتعرض للتقتيل والاغتصاب والحرق والاعتقال والطرد والمطاردة وهدم دور عبادتها والمدارس القرآنية التي يتعلم فيها أبناؤها تعاليم دينهم الحنيف، مسلمة وليست مسيحية أويهودية وإلا لكان الأمر هزّ الدنيا ولم يقعدها ولحرّك الجيوش للقصاص والانتقام. ميانمار إذن افتكت السلاح الديمغرافي لتُجهز نهائيا على الروهينغا ومن خلالهم الاسلام والمسلمين بعد أن مارست العصابات البوذية بما فيها رهبان بوذيين، كل أشكال لعنف الطائفي للتخلص من هذه الأقلية التي وجدت نفسها تدفع ثمن الغل الذي يكنه كثيرون للمسلمين، وعرضة للانتقام بسبب بعض الجرائم والخطايا التي يرتكبها أشخاص محسوبين على الاسلام، وأشد انتقام تعرضت له هذه الطائفة المغلوبة على أمرها والتي يقارب عددها مليون مسلم، كان بسبب تدمير حركة طالبان للتماثيل البوذية في إقليم باميان الأفغاني عام 2001 . ومأساة الروهينغا، أن مظاهر العداء التي تطالهم لاتأتيهم من بوذيين متطرفين وعنصريين فقط بل هي مقنّنة وتساهم السلطات بسياسة التمييز واللاعقاب التي تتبناها في ترسيخها، ويكفي فقط الاشارة الى أن هذه الطائفة جرّدت عمدا من جنسيتها بمقتضى قانون جنسية تمييزي صدر عام 1982 ولا تتوافر أي إرادة سياسية لإلغائه، لأن المسؤولين أنفسهم يؤيدونه والتمييز ضد المسلمين في ميانمار متفشي من القمة الى القاعدة.. بل أن مأساة الروهينغا الكبرى هي اللامبالاة التي يبديها العالم لهذه الجرائم الطائفية التي تطال طائفة ذنبها الوحيد أنها مسلمة، وقد انتقدت منظمات حقوقية تنتمي للغرب حكومات أجنبية تتقدمها أمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي لكونها سارعت الى امتداح الاصلاحات السياسية في ميانمار والتي جعلتها مجرد درّ للرماد في العيون وقامت بتخفيف أو رفع العقوبات المفروضة عليها في حين أن سلسلة الانتهاكات بحق المسلمين متواصلة، كما أكدت شهادات وأدلة أن أفراد من الأمن ومسؤولين هامين تورطوا في العنف الطائفي ضد الروهينغا دون أن يحاسبوا أو يعاقبوا في خضم سياسة التطهير العرقي والتقتيل والعزل والابعاد المنظم التي تطال مسلمي الروهينغا، يبقى من الضروري دق ناقوس الخطر وتحرك العالم بالفعل لا الكلام لوقف هذه المأساة التي للأسف الشديد تغرس روح الانتقام لدى بعض الأفراد من المسلمين ليرتكبوا جرائم لا يمكن تبريرها، لكنهم يبرّرونها دائما بالقصاص لما يتعرض له المسلمون في ميانمار وأفغانستان وفلسطين والعراق.. أمام صمت مطبق وتواطؤ مفضوح لمن يرفعون شعار الدفاع عن حقوق الانسان والحرية والديمقراطية والمساواة ويجعلونها مجرّد واجهة للزينة فقط.