شهدت معظم المؤسسات العمومية الاقتصادية في الجزائر خلال السنوات الماضية نوعا من الانكماش والافلاس، وتعتبر المؤسسة العمومية الاقتصادية للدارجات والدراجات النارية والتطبيقات ''سيكما '' بقالمة من بين المؤسسات التي عرفت تدهورا وتراجعا في مردودية الإنتاج وتراكم الديون عليها، ممّا أدى إلى تراجع اليد العاملة بالمؤسسة. وحسب المعطيات التي تحصلت عليها ''الشعب'' من مسئولي المؤسسة، فإنّ ديون ''سيكما'' قدّرت ب 340 مليار سنتيم، تمّ مسح منها 25 بالمائة تمثل الديون الجبائية والباقي تم إعادة جدولة الديون، وتمّ ذلك بعد تقديم ملف للوصاية ودراسته بعد اتخاذ ضمانات من طرف وزارة الصناعة والمالية، حيث تمّ رهن المؤسسة وممتلكاتها لتقديم قروض لمركب ''سيكما'' للاستثمار. 50 ألف دراجة سوّقت بعد إعادة الهيكلة ويعود تاريخ إنشاء المؤسسة العمومية الاقتصادية ''سيكما الناتجة عن إعادة هيكلة شركة سوناكوم (الشركة الوطنية لصنع الآلات الميكانيكية) إلى 08 أفريل 1990 كشركة ذات أسهم برأسمال تحوزه كلية شركة تسيير المساهمات. وتتكون الطاقة الصناعية والتجارية لمؤسسة ''سيكما'' من مركب صناعي كائن بقالمة على بعد 60 كم من عنابة، شيّد سنة 1970 على أرضية مساحتها 13500م بقدرة إنتاج نظرية لزمرة واحدة 30 ألف دراجة نارية و34 ألف دراجة، 5 آلاف محرك ساكن و15 بالمائة قطع غيار مناسبة بنظام توزيع متزن عبر التراب الوطني متكون من 4 وحدات تجارية، 2 نقطتي بيع وشبكة ثانوية بأزيد من 300 عنون معتمد. عرفت المؤسسة سنة 1987 نشاطا مكثفا عقب التدابير المتخذة لإعادة انتعاشها، حيث سوقت 50 ألف دراجة نارية و46 ألف دراجة، لكن هذا الانتعاش لم يدم طويلا حسب ما ذكره مسؤلو المؤسسة، فقد عانت المؤسسة من الآثار المتزامنة للانكماش الاقتصادي وتطور المنافسة القوية فرضت عليها جراء الاستيراد، إذ بيعت ستة آلاف دراجة نارية و16 ألف دراجة سنة 1998 فقط. وللخروج من التقوقع الذي لازم المؤسسة كان لزاما على المؤسسة اعتماد استراتيجية جديدة لإنتاج تشكيلات تساعدها على استعادة حصتها في سوق متفتح تغزوه منتجات من كل الأصناف. بذلت ''سيكما'' جهودا ضخمة متعددة الأشكال، حيث وضعت بالسوق منتجات جديدة، ورصدت خطة تسويقية لترويج المبيعات تحكم متزايد في المصاريف سيما التعداد وكتلة الأجور، مكّنتها هذه الجهود من استئناف النمو في 1997 وبأرباح في 1999. وقد أكّد بن سليم رشيد، مدير مؤسسة ''سيكما'' هذه الحقائق، وقال في تصريحه ل'' الشعب'' بأنّ المؤسسة تحصلت خلال جوان 2012 على تطهير ومسح للديون، حيث منحت لها قروض لتسديد ديونها، بالإضافة إلى قرض للاستثمار في منتجات تسوق على مستوى الجزائر، ونجحت بفعل الإجراءات هذه في تسجيل رقم أعمال 9 ملايير سنتيم. وأضاف بن سليم في كشف إجراءات محل التحضير قائلا: ''سيتم اعتماد مكتب دراسات يرافق المؤسسة في وضع مخطط تنموي، يعمل على إيجاد صيغة جديدة يحدد أي منتوج سيتم إنجازه في أقرب وقت بغية الحصول على الرواج، واستعادة المكانة الاقتصادية في محيط ضيق بفعل المنافسة الشرسة للمنتجات الأجنبية''. الرهان على الشراكة للعودة إلى الواجهة
وقال رشيد بن سليم متحدثا ل ''الشعب'' بأنّ مسح الديون والبحث عن منتوج جديد لا يعني الاستغناء عن المنتوج الأصلي للمؤسسة، الذي يعدّ تاريخها وهويتها. ويبقى البحث لتزويد المؤسسة بوحدات صناعية ومنتجات أخرى، فحاليا المؤسسة تبحث عن مشروع يكون سباقا من تطوير دراجات للمعوقين، كراسي متحركة وسرائر للمستشفيات. وتسمح التشكيلات الجديدة محل الاهتمام للشركة بالمحافظة على مناصب الشغل وخلق مناصب أخرى مثلما يشدّد عليه المدير بن سليم قائلا: ''يوم فقدنا السوق فقدنا الاستقرار، حيث هدّدت المؤسسة بالغلق فسرّح الكثير من العمال وأحيل آخرون على التقاعد بسن 50 حاليا لا يتعدى عدد العمال 180 عاملا، منهم 140 عاملا على مستوى قالمة بعدما كان 1600 عاملا بالمؤسسة في السنوات الماضية''. وأضاف بن سليم: ''بعد تسديد المديونية وجب علينا البحث عن حلول بالعمل الجاد وتكاثف الجهود بالعمل الجماعي، وعلى كل عامل أن يخلص في عمله ولا يكون حضوره شكليا، فبتكاثف الجهود من إطارات ومسيرين وعمال ستكون الاستمرارية''. وأبرز بن سليم أهمية التدابير المتخذة من السلطات العمومية لإعادة النسيج الاقتصادي إلى الواجهة تطبيقا للإستراتيجية الوطنية للتصنيع، وقال أنّ عمل الدولة ينصب بالدرجة الأولى على حماية المنتوج الوطني وخلق مناصب الشغل، فحالة السوق الجديدة والاحتمالات حديثة العهد للإدارة العمومية بالجزائر أوجبت على مؤسسة'' سيكما'' أن تحدّد لنفسها الأهداف التي من شأنها أن تحسن المردودية وخاصة لما تملكه من مؤهلات ممثلة في المركب الصناعي القوي، جيد الموقع ومرتبط بشبكة نق هائلة ومتشبّعة، مجهّزة بآلات شاملة تغطي جميع التكنولوجيات الضرورية، مع إمكان قاعدتها الصناعية للتطوير، كما تضم المؤسسة أفواجا بالغة الأهلية ذات تكوين أصلي ومستمر مع عمل ميداني طويل، بالإضافة إلى التحكم في التقنيات القاعدية (ميكانيك، لحام، تطريق على البارد، سباكة، ألمنيوم، معالجات حرارية سطحية وتركيب). لكن كيف تكسب المؤسسة رهان المنافسة الحادة؟ بالنسبة لمدير ''سيكما'' فإنّ بلوغ الأهداف التي تتوخّاها المؤسسة يحتم تكييف المنتجات مع المتغيرات والاستجابة لمتطلبات السوق، ويفرض عليها تجديد تشكيلة المنتجات وتوسيعها، باقتناء طرق ووسائل إنتاج جديدة منها مراكز الاستصناع وورشات مرنة بغية إعطاء أداة الإنتاج أكثر مرونة وقوة، تحسين الهياكل ونفعية الخدمات بعد البيع، تطوير وتصدير منتجات رفيعة. كما أوضح بن سليم بأنّ من الأهداف المسطّرة الاستعانة بالشراكة لدعم قواعد نموها بصفة أكيدة وثابتة، وتمكين المؤسسة بوضعها بالسوق الوطنية والدولية من منتجات قابلة المنافسة من وجهة الجودة والأسعار. كما أكّد بن سليم على أن مؤسسة ''سيكما'' تراهن على الشراكة تزيدها قوة وانتشارا، وقال أنّ الشراكة مفتوحة مع متعاملين مواطنين أم أجانب، وتشمل عقود للمدى الطويل للتموين أو الخدمات فيما يخص التركيبات، المساهمة في رأسمال الشركة ب 49 بالمائة، أن تكون المؤسسة الشريكة لها وزن على المستوى العالمي، لابد أن يكون منتوجها ينافس المنتجات الأخرى، بالإضافة إلى العمل على تكوين العمال الشرط الأساسي للاستمرارية، لأنّ المشكل الكبير الذي يعاني منه المركب نقص الخبرة العالمية، لا يكفي التكوين فقط فالمؤسسة بحاجة ليد عاملة تحمل خبرة كافية ترفع من خلالها تحديات المنافسة الخطيرة. وحسب بن سليم، فإنّ الشراكة محل الرهان تصب أيضا في إمكانية إنشاء شركة فرعية مشتركة، شراء علامات وترخيصات أو معاملة باطنية لصنع منتجات متممة لصانعي العلامات من مركبات بمحرك للمعوقين، كراسي متنقلة ودراجات المنزل. تدابير وقائية لضمان السلامة خلال جولتنا بمختلف أقسام المركب الصناعي ب ''سيكما'' قابلنا مجموعة من عمال المصالح وسألناهم عن ظروف النشاط ومتى يتكفل بهم؟ صرّح مخلوف خميسي، رئيس فوج إصلاحات التقطيع بأن الحماية متوفرة لكافة العمال، وقال بأن هناك أدوات ووسائل وظّفت بطريقة تحمي العامل من الأخطار أثناء النشاط. من جهته، ذكر مجحود جمال بغرفة الخراطة والتفريز بأنّ العمل يحتاج لجهد واجتهاد أكبر لإيجاد البدائل، فبواسطة الخبرة والمهنية والدقة يمكن تجاوز الصعوبات، فبعض الآلات تتوقف ممّا أوجب الخبرة والمهنية للتحكم فيها للعمل على رفع القدرة الإنتاجية وتحسين النوعية لتجد نجاح مقرون برفع المبيعات. من جهته، تحدّث حفيظ كحل الرأس بمكتب صناعة النماذج حول المخطط الجديد الذي سيتم طرحه قريبا في الأسواق، وهو نموذج لدعم فئة المعوقين وتوفير لهم الحماية الأمنية. وأضاف أنّ هذا المنتج يتمثل في دراجة نارية من نوع سكوتر ب 3 عجلات ''س 906'' بأنّها ستجد صدى بالسوق، حيث تم إنجازها حسب الطلب وتتماشى مع التطور العصري بتجهيزها وتحديثها لتوفير الحماية والراحة لفئة المعاقين.