تعرف ظاهرة التسول هذه الأيام انتشارا مقلقا بسيدي بلعباس وتستفحل أكثر خلال الأعياد الدينية، حيث ينتشر المتسولون الآخذة أعدادهم في التزايد في كل مكان متخذين من المساجد والمقابر واجهتم المفضلة مطالبين باستعطاف السكان. مشهد مألوف حسب شهادات السكان ل«الشعب»، قائلين أن نفس الوجوه تتردد يوميا على الأحياء وشوارع المدينة، خاصة وأن هذه المهنة باتت الصفقة الرابحة لدى أناس من عديمي الضمير لدرجة أنه في الوقت الراهن يصعب علينا التفريق بين المحتاج الحقيقي والممتهن لمهنة التسول المزيف وبعض المتسولين يملكون فيلات ومزارع وأغنام وحتى سيارات فاخرة لكن يتسولون. وتشير المعلومات المتداولة إلى أن المتسول الواحد يكسب أضعاف ما يجنيه العامل في اليوم الواحد، حيث يصل دخلهم اليومي إلى ما يقارب 10000 دينار جزائري حسب بعض الآراء وبعملية حسابية يتجاوز دخلهم الشهري 30 مليون سنتيم، غير أن المناسبات والأعياد تعد الفرصة الذهبية للمتسولين، حيث يتم تحقيق أرباح خيالية وفي وقت قصير جدا عبر اللجوء إلى البكاء واستخدام عبارات تؤثر في القلوب الرحيمة والسخية. ورصدت «الشعب» في جولتها الاستطلاعية سلوكات مثيرة، حيث يبتكر كل متسوّل طريقة له ويحاول استعطاف واستمالة المارة بكل ما يملك من بلاغة وفصاحة، ويمطر صاحب المحفظة بوابل من الأدعية مستهدفين في الغالب النساء أكثر من الرجال، غير أنه في كثير من الأحيان يكون المتسولون سبب إزعاج المارة وأصحاب السيارات، من خلال الإلحاح والإصرار. كما يلجأ بعض المتسولين إلى الحيلة باستعمال وصفات طبية ووثائق هوية وفي الكثير من الأحيان أوراق مكتوب عليها تقرير مختصر عن الحال حتى لا يكلف المتسول نفسه عناء الحديث، وإن نطق فإنه يتحدث عن الغبن والمرض دائما، وتجده يعدّد أمراضه من إصابة بداء السكري وضغط الدم ومرض القلب إلى السرطان والروماتيزم وغيرها من الأمراض المزمنة، والغريب في الأمر أنه يحمل وصفات طبية كثيرة يثبت بها كل هذه الأمراض. وإلى جانب ذلك برزت ظاهرة التسول بالأطفال، خاصة في الشوارع والمساجد، مما أثار حالة من الاستياء والتذمر للمواطنين مصحوبة بنوع من الرأفة والشفقة تجاه أطفال دفعت بهم الظروف والأقدار إلى التسول على قارعة الطرقات بدل التواجد في قاعات التمدرس، حيث أصبح الكثير من المتسولين خاصة النساء منهن يعمدن إلى استغلال البراءة بشكل فظيع لإثارة الشفقة في نفوس المارة بعد ترويضهم على ممارسة التسول وذلك بتلقينهم عبارات الاستعطاف التي كانت في وقت مضى حكرا على الغجر غير مباليات ببراءتهم ولا بصغر سنهم ولا حتى بطفولتهم التي احترقت بالشوارع والأرصفة، حيث أرغموا على مقاومة العوامل المناخية القاسية وحاجياتهم البيولوجية المتنوعة. وفي المقابل يعمد متسولون آخرون إلى إرسال أبنائهم إلى المقاهي، وقاعات الشاي، وباقي المرافق العمومية لطلب الصدقة من أهل البر والإحسان بطرق مخزية للغاية يندى لها الجبين وتقشعر لها الأبدان وهذا بالنظر إلى الحقيقة المرة التي تخفيها الظاهرة التي تستغل فيها البراءة أيّما استغلال ويتعلم من خلالها الطفل رجل المستقبل كل مناحي التواكل وطلب الرزق من الغير مع أن ولي أمره ليس بالضرورة محتاجا إلى الحد الذي يرغمه على انتهاج هذا المسلك.