السيد تاقجوت يشيد بالتزام رئيس الجمهورية بتعزيز مكاسب العمال والحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة    42 بالمائة من المياه الصالحة للشرب ستؤمن من مصانع التحلية    المجلس الشعبي الوطني: وزير الثقافة والفنون يستعرض واقع وآفاق القطاع أمام لجنة الثقافة والاتصال والسياحة    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48346 شهيدا    رئيس الجمهورية: تأميم المحروقات حلقة مكملة لروح التحرر وتمكين للاستقلال الوطني الكامل    الرئيس ابراهيم غالي يؤكد مواصلة الكفاح على كل الجبهات حتى استكمال سيادة الجمهورية الصحراوية    سايحي يستقبل وفدا عن النقابة الوطنية المستقلة للقابلات الجزائريات للصحة العمومية    الوزير الأول يشرف بحاسي مسعود على مراسم إحياء الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات    العاصمة..المديرية العامة للأمن الوطني تطلق الحملة الوطنية للتبرع بالدم    القنوات السمعية البصرية مدعوة خلال رمضان إلى تقديم برامج متنوعة وراقية    نعم انتصرت المقاومة وإسرائيل تتفكك رويدًا رويدًا    مراد في زيارة رسمية إلى إسبانيا ابتداء من اليوم    تأميم المحروقات من اهم القرارات الحاسمة في تاريخ الجزائر المستقلة    حمدي: قرار تأميم المحروقات..نقطة تحول في مسار التنمية وتعزيز للمكانة الجيو-سياسية للجزائر    ياسع يشارك بالصين في أشغال الجمعية العامة للهيئة الأممية للتغيرات المناخية    محروقات: وكالة "ألنفط" تعتزم إطلاق مناقصة دولية جديدة في أكتوبر المقبل    المعهد الوطني للصحة العمومية ينظم يوما إعلاميا حول الأمراض النادرة    بوغالي يعزي في وفاة ثلاثة عسكريين أثناء أداء واجبهم الوطني بعين تيموشنت    كرة القدم (داخل القاعة): المنتخب الوطني يشرع في تربص اعدادي بفوكة (تيبازة)    المجلس الوطني الفلسطيني: استخدام الاحتلال للدبابات في "جنين" يهدف لتدمير حياة الفلسطينيين    كرة القدم/ الرابطة الأولى موبيليس (الجولة ال 17): مولودية الجزائر تفوز على نادي بارادو (3-1) وتعمق الفارق في الصدارة    مدير البريد والمواصلات لولاية الجزائر    ارتفاع حصيلة المراقبين الدوليين الذين طردهم المغرب    محطات تحلية المياه مكسب لتحقيق الأمن المائي    نشيد بدور الجزائر في حشد الدعم المادي للقارة    ترقية التعاون جنوب-جنوب في مجال الطوارئ الكيميائية    رؤية شاملة لمواصلة لعب الأدوار الأولى    رؤية استشرافية متبصرة لريادة طاقوية عالمية    سعيدة : فتح ستة أسواق جوارية مغطاة تحسبا لرمضان    "إسكوبار الصحراء" تهدّد مملكة المخدرات بالانهيار    دورة تكوينية للنواب حول المالية والإصلاح الميزانياتي    "طيموشة" تعود لتواصل مغامرتها في "26 حلقة"    بونجاح وعبدلي يؤكدان جاهزيتهما لتصفيات المونديال    خارطة طريق جديدة للقضاء على النفايات    الدخول المهني: استحداث تخصصات جديدة تواكب سوق العمل المحلي بولايات الوسط    هذه هي الجزائر التي نُحبّها..    وفد عن مجلس الأمة يشارك في مؤتمر عربي    توقيف لاعبَيْ مولودية الجزائر واتحاد بسكرة 6 مقابلات    تتويج زينب عايش بالمرتبة الأولى    الشوق لرمضان    سيطرة مطلقة للمنتخب الجزائري    تقديم العرض الشرفي الأول لفيلم "من أجلك.. حسناء" للمخرج خالد كبيش بالجزائر العاصمة    الطارف : انطلاق التربص التكويني لمدربي كرة القدم FAF1 بالمركب الرياضي تحري الطاهر    هناك جرائد ستختفي قريبا ..؟!    هذا جديد مشروع فيلم الأمير    سايحي يتوقع تقليص حالات العلاج بالخارج    عشرات الأسرى من ذوي المحكوميات العالية يرون النّور    تراث مطرَّز بالذهب وسرديات مصوَّرة من الفنون والتقاليد    مدرب مرسيليا الفرنسي يوجه رسالة قوية لأمين غويري    نادي ليل يراهن على بن طالب    استعمال الذكاء الاصطناعي في التربية والتعليم    صحة: المجهودات التي تبذلها الدولة تسمح بتقليص الحالات التي يتم نقلها للعلاج بالخارج    تسخير مراكز للتكوين و التدريب لفائدة المواطنين المعنيين بموسم حج 2025    اختيار الجزائر كنقطة اتصال في مجال تسجيل المنتجات الصيدلانية على مستوى منطقة شمال إفريقيا    هكذا تدرّب نفسك على الصبر وكظم الغيظ وكف الأذى    الاستغفار أمر إلهي وأصل أسباب المغفرة    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متسولون مزيفون يشقون الطريق نحو الثراء بتيبازة

عند بروز أولى علامات يوم جديد تبدأ أفواج المتسولين تتدفق على شوارع وأحياء مدينة تيبازة فيتوجه كل فرد إلى زاويته المفضلة لمباشرة المهنة التي اختارها للاسترزاق أو للغنى كما يرى المتتبعون لهذه الظاهرة التي بالتأكيد لم تعد حكرا على المعوزين فحسب بل شملت فئات أخرى من المجتمع منهم شباب مفتولو العضلات مؤهلون لجميع الوظائف ما عدا التسول.
ب.صلاح الدين
المتجول في شوارع وأزقة مدينة القليعة لا شك في أنه قد لاحظ هذه الظاهرة الاجتماعية التي عرفت في الفترة الأخيرة تناميا محسوسا استغربها الكثير من المواطنين الذين لطالما سئموا الإزعاج الذي عادة ما يسببه لهم الأطفال الصغار الذين يتشبثون بهم ولا يتركونهم إلا عندما يمنحونهم بعض الدريهمات، فأينما ولينا بصرنا خاصة بالأماكن التي تعرف توافد المواطنين لاسيما بمحطات نقل المسافرين، مراكز البريد، الأسواق الشعبية وبالقرب من بيوت الرحمن إلا وشد انتباهنا جموع من المتسولين من الجنسين على اختلاف أعمارهم بمن فيهم الأطفال الصغار مرتدين ألبسة رثة ومتسخة أضفت على الأمكنة البؤس والآلام بجميع أشكاله وصوره كما يعكس في الوقت ذاته مدى تردي الأوضاع الاجتماعية للآلاف من العائلات التيبازية التي لم يجد أفرادها من بد لضمان لقمة العيش غير مد أيديهم للغير بعد أن يئسوا الحصول على منصب عمل يجنبهم مذلة السؤال ويحفظ ماء وجههم.
التسول كظاهرة اجتماعية أصبحت حقيقة قائمة بذاتها بعد أن كانت وإلى وقت غير بعيد حكرا على المعوزين والفقراء الذين دفعتهم ظروفهم الاجتماعية القاهرة التي لا يحسدون عليها إلى مد أيديهم إلى الغير بعد أن يئسوا كسب قوتهم بالطرق التي تحفظ كرامتهم. غير أن ما يلاحظ في وقتنا هذا أن هذه الظاهرة لم تعد حكرا على تلك الفئة فقط بل شملت حتى الشباب الذين يتمتعون ببنية جسدية قوية تؤهلهم لعمل أي شيء عدا التسول الذي أصبح حرفة الكثير من المواطنين الذين من المؤكد جدا أنهم قد وجدوا فيه ضالتهم إلى حد جعل بعض المتسولين يترددون على الحانات لتناول المشروبات الكحولية ذات النوعية الرفيعة دون أي حياء أو خجل حسب ما أكدته ل«البلاد» مصادر موثوقة فيما مكن الآخرين منهم من التمتع بما لذ وطاب من مأكل ومشرب وملبس وهو ما وقفنا عليه من خلال عملنا واحتكاكنا يوميا بالمواطنين إذ إن الكثير من المتسولين أصبحوا يختارون ويفضلون الأمكنة التي تعرف إقبالا من طرف مختلف شرائح المجتمع وبالأخص المساجد التي أصبحت تعج بالمتسولين خاصة في الأعياد وعقب صلاة الجمعة حيث يعمد هؤلاء إلى التنكر في أزياء بالية تظهرهم في شكل يرثى له حتى يثيروا الشفقة والاستعطاف في نفوس المواطنين الذين عادة ما يتأثرون بالعبارات التي يرددها هؤلاء المتسولون الذين يتقنون جيدا فنيات إثارة القلوب المرهفة الإحساس التي تدفع بهم إلى التصدق عليهم. ونتيجة لسهولة هذه الطريقة غير المتعبة التي تدر أموالا معتبرة على أصحابها فقد أصبح الكثير من المواطنين يفضلون ويحبذون التسول على العمل للاعتبارات السالفة الذكر. وقد أشارت المصادر إلى أنه بإمكان المتسول الواحد كسب أضعاف ما يجنيه العامل في اليوم الواحد.
وفي هذا السياق أكد ل«البلاد» العشرات من أصحاب المحلات التجارية بالقليعة أن المتسولين قد أصبحوا يترددون عليهم يوميا عند آخر النهار لاستبدال النقود بالأوراق النقدية حتى تسهل عليهم عملية التخزين. وكأمثلة حية على هذا النوع من المتسولين الذين يصطادون في المياه العكرة أحد المتسولين الذي يعيش رفقة زوجته بإحدى المدن الشرقية لولاية تيبازة الفذي ظل سنوات طوالا يعرض على أحد الحلاقين بالمدين ذاتها
عند آخر النهار ما قيمته ألف دج ليستبدلها له بالأوراق المالية. كما دلتنا مصادر أخرى على امرأة طاعنة في السن تعمد إلى استغلال أحفادها الصغار في ممارسة التسول مع أن أولادها ميسورو الحال يمتلكون سيارات فخمة. المشهد نفسه تقريبا يتكرر مع شيخ تعود بدوره التسول منذ أن كان كهلا حيث أدمن عليها طوال حياته وقد كان ينفق من عائداتها على ابنه الوحيد الذي تجاوز عمره حاليا ال45 سنة استغل جل وقته في مطاردة بائعات الهوى بمحطات نقل المسافرين.
عجوز احترق شبابها بأرصفة محطة نقل المسافرين بالقليعة حيث قضت حياتها وظلت ترتدي حذاء من «النيلون» صيفا وشتاء لاستعطاف ذوي القلوب الرحيمة الذين كانوا يرأفون لحالها، غير أن دهشتهم كانت كبيرة جدا يوم وفاتها عندما تركت لأبنائها أموالا طائلة أحدثت طفرة في مسيرة حياتهم التي تغيرت كلية ونقلتهم الأموال التي تركتها لهم أمهم إلى عالم البذخ والترف وقد مكنتهم من تشييد قاعة شاي ومحلات تجارية فخمة وفيلا بحي بن عزوز بالقليعة، فضلا عما يمتلكونه من سيارات من آخر طراز. والمنطقة حافلة بالأمثلة المشابهة التي تعكس الحقيقة المرة للمجتمع الذي أصبح لايهمه شيء سوى المادة لا غير حتى وإن حقق ذلك بأرذل الطرق.
وفي سياق آخر أصبح الكثير من المتسولين، خاصة النساء، يعمدن إلى استغلال البراءة بشكل فظيع حتى يثرن الشفقة في نفوس المارة بعد ترويضهم على ممارسة التسول وذلك بتلقينهم عبارات الاستعطاف التي كانت في وقت مضى حكرا على الغجر غير مباليات في ذلك ببراءتهم ولا بصغر سنهم ولا حتى بطفولتهم التي احترقت بالشوارع والأرصفة حيث أرغموا على مقاومة العوامل المناخية القاسية وحاجياتهم البيولوجية المتنوعة، فيما يعمد متسولون آخرون وما أكثرهم إلى إرسال أبنائهم إلى المقاهي وقاعات الشاي وباقي المرافق العمومية لطلب الصدقة من أهل البر والإحسان بطرق مخزية للغاية يندى لها الجبين وتقشعر لها الأبدان وهذا بالنظر إلى الحقيقة المرة التي تخفيها هذه الظاهرة التي تستغل فيها البراءة أيما استغلال ويتعلم من خلالها الطفل رجل المستقبل التواكل وطلب الرزق من الغير مع أن ولي أمره ليس بالضرورة محتاجا إلى الحد الذي يرغمه على انتهاج هذا المسلك غير السوي.
وفي ظل هذا الواقع المر الذي أًصبح فيه التسول مهنة قائمة بذاتها تمارسها شبكات متخصصة في ترديد عبارات الاستعطاف والرأفة والشفقة على نطاق واسع، فإن مختلف الحالات السالفة الذكر تبرز إلى حد كبير مدى استغلال العديد من غير المحتاجين ظاهرة التسول لكسب أموال طائلة في وقت قصير نسبيا والحصول عقب ذلك على مزايا اجتماعية عديدة دون عناء أو تعب ودون أية مراقبة أو متابعة من أحد، إلا أن العديد ممن عايشوا الظاهرة عن قرب أكدوا أنه وبالرغم من كل هذا وذاك تبقى أرحم من السرقة التي باتت تصنع الحدث بمختلف مدن تيبازة في الليل والنهار خاصة في الفترة الأخيرة التي شهدت تهافتا مفرطا للكسب السريع من طرف الشباب خصوصا أن هذا الواقع المعيش لا ينفي إطلاقا وجود متسولين شرعيين دفعتهم الفاقة إلى التسول تحت ضغط البطالة والإخفاق في ضمان لقمة العيش، إلا أن هؤلاء جميعا وقعوا ضحايا بلا تأمين ولا رعاية لقطعان المتسولين المزيفين المنعدمي الضمير.
وقد أجمع الكثير من المهتمين بهذا الموضوع على أن المتسولين المحتاجين فعلا لا يلتحقون بالشارع للتسول مطأطئين رؤوسهم لا يسألون ولا يستعطفون فإن أعطوا شكروا وإن منعوا عادوا إلى ذويهم خائبين، غير أنه وللأسف الشديد فقد أصبح معظم المتسولين في الوقت الراهن على الأقل من غير هذه الفئة التي تبقى أحوج من غيرها من شرائح المجتمع إلى التكفل والرعاية من لدن الجهات المعنية بالتضامن والتكافل الإجتماعي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.