مآسي مخلّفات الإرهاب، سموم المخدرات والنزوح الريفي لم تعد الأرقام المسجلة لدى المصالح الأمنية تستقر على حالة واحدة بولايتي الشلف وعين الدفلى حتى يعلن عن جريمة أخرى أكثر فظاعة من الأولى، وإن كانت المحاضر المحررة من طرف الجهات المعنية لا تكشف في كثير من الأحيان عن الأسباب الكامنة وراء تسجيل هذه الحادثة وغيرها، فإنّ المختصين يرجعون مثل هذه الجرائم إلى مخلّفات همجية الإرهاب وما خلّفه من نزوح ريفي لأزيد من 20 ألف عائلة، وجدت في القصدير ملاجئ لترويج المخدرات التي تفنّنت الشبكات في توصيلها انطلاقا من الحدود باتجاه الولايات الوسطى، فيما يرجع آخرون المعضلات العائلية وتسجيل نسبة البطالة المتفاوتة في صفوف الشباب من منطقة إلى أخرى. اتّساع هذه الرقعة التي صارت تثير مخاوف الجميع كشفتها الأرقام المسجلة بولايتي عين الدفلى والشلف التي يتناقلها الشارع والعناوين الإعلامية لترسم خريطة ليست من قيم التجمعات السكانية بالمنطقتي. أزيد من 8 جرائم قتل خلال شهر فضاعة الجرائم وإن اختلفت طرقها وطبيعة منفذيها وأسبابها الكامنة وراء ارتكابها، فإنّ بشاعتها تستدعي التفكير في مواجهتها وطرق ردعها، فتجسيل مقتل تلميذ من طرف فتاة ببلدية الماين النائية بعين الدفلى تحت داعي الإنتقام من أخ الضحية الذي رفض الزواج منها بعد علاقة عاطفية جمعت بينهما، حيث دفعها الجرم الجنوني إلى رميه ببئر القرية. ولم تغمد الجراح حتى يعلن عن جريمة أخرى بمنطقة المرجة من ذات البلدية، ذهب ضحيتها شاب عمره 20 سنة بعدما طعنه مجموعة من الشباب في عرس شعبي كان احتساء الخمر من أسبابه، فيما كانت صور مأسوية أخرى تعلن بمنطقة سيدي عكاشة والشطية بالشلف والتي راح ضحيتها شاب يبلغ من العمر 22 عاما وشخص آخر يناهز 43 سنة، وهذا بعدما فعلت الخمرة مفعولها في حق المجرمين "س أ« 22 عاما و«ك ن« 21 سنة، فيما كان سبب الجريمة الثانية عراك بين عائلتين يمتهنان أفرادها المتاجرة بالمخدرات، في وقت تمّ العثور على شخص يبلغ من العمر 53 سنة جثة هامدة بالعطاف بعين الدفلى، ناهيك عن حالات مختلفة بعدة مناطق بالولايتين خاصة بالخميس التي تسجّل بها أكبر عدد من حالات الإجرام.
جرائم بالجملة الحصيلة التي تقدّمها يوميا المصالح الأمنية من شرطة ودرك وبدرجة أقل الجمارك الوطنية، توضّح مدى انتشار الظاهرة بشكل ملفت للأنظار التي تتناقل وقوع هذه الجرام دون تبدي استعدادها للمساهمة في ردع هذه الجرائم بالطرق الجوارية والتحسيس والتحلي بالمسؤولية لإبعاد شبحها والتخفيف من حدتها. هذه الحصيلة القثيلة من الموبقات كبيع الخمر بالطريقة الفوضوية وغير الشرعية كما هو الشأن بمنطقة بئر الصفصاف بواد الفضة أين تسجّل الجرائم والدعارة والتي تمكّنت مصالح الدرك في المدة الأخيرة من توقيف رأس عقلها المدبر المدعو "د ع« 34 سنة، غير أنّ شبكة هذا المجرم نقلت نشاطها إلى منطقة تدعى سيدي الديوان أين صار تحرك هؤلاء المجرمين يثير غضب واستياء السكان المحافظين بمنطقتي كوان والحمايد. ونفس الجرائم تسجّل بالخميس ووواد الشلف بعين الدفلى والروينة والعبادية والعطاف، أين صارت بعض من هذه الأمكنة مركزا للفسق والتناحر بالسيوف والخناجر، ممّا يفسح المجال أمال تسجيل ضحايا وانتشار أمراض السيدة بفعل هذا الإنحلال الخلقي الذي يتطلّب تحسيسا من طرف العائلات التي تنصّلت من دورها وكذا الجمعيات المحلية. ومن جانب آخر، سجّلت أضرارا راح ضحيتها نساء وأصحاب محلات تجارية ومنازل عائلية بفعل السرقة والإعتداءات سواء عن طريق الشبكات أو أفراد منعزلين عن أي تنظيم إجرامي معروف لدى المصالح الأمنية لم يعد عملها كاف لتنطيف هذه الأفات الإجرامية إذا لم تلق الدعم من طرف المواطنين، حيث يصل عدد الإعتداءات إلى أكثر من 50 اعتداءً يوميا. ولم يسلم من الظاهرة النساء كما هو الحال بمنطقة ساحة التضامن بالشلف، حيث يمتهن مجموعة من الشباب هذا الآفة التي تقلق خطورة عن مداهمة المنازل ليلا وكذا المتاجر، حيث تعرّض تاجر مجموهرات إلى سرقة أملاكه بما فيها مبلغ مالي يفوق النصف مليار، والإستيلاء على سلاح ناري للضحية واستهداف منازال أخرى، حيث تمّ السطو على 100 مليون سنتيم والتحايل على شركة المعادن بمبلغ 330 مليون، ناهيك عن سرقة السيارات التي تم القبض على منفيذها خاصة بالطريق السيار والحواجز الأمنية الثابتة بكل من بوراشد ومنطقة المصالحة والخميس والعطاف وجليدة. كما تمكّنت ذات المصالح الأمنية من توقيف مجرمين يمتلكون صاعق كهربائي وسيوف تستعمل في عملية الإعتداءات، والغريب في الأمر أنّ طبيعة المجرمين لا تقف عند أعمار وإن كانت فئة الشباب هي العنصر الغالب في هذه العمليات الإجرامية. الإرهاب والنزوح وراء الظاهرة بنسبة كبيرة إنّ بشاعة العشرية السوداء وما انجر عنها من اغتيالات وأعمال إجرامية وإرهابية دموية أحدثت شرخا في نفسية الشباب والعائلات التي عرفت تفككا ومعاناة قادتها إلى الرحيل من مناطقها الأصلية إلى البيوت القصديرية التي أقامها النازحون بمحيط المدن بحثا عن الأمن وسط ظروف معيشية صعبة بعدما ضيعوا كل مصادر عيشهم. هذا الإنفلات والشعور بالغبن وتيه الأبناء الذين ولدوا بذات الفترة ترعرعوا في مناخ الخوف والدمار، وهو ما تسبّب في أزمات نفسية يقول المختصون في علمي النفس والإجتماع. هذا التسيّب في تربية الأبناء الذي ثبتت الإحصائيات بشأنهم أنّ بعض المجرمين من سن هؤلاء يكونون وراء هذه الحوادث، فصعوبة التكفل في ذلك الوقت جعل عددا كبيرا منهم عرضة لسموم الآفات الإجتماعية في انعدام مناصب الشغل في مثل هذه الظروف المعروفة بعدم الإستقرار، دفع هؤلاء يلجأون إلى البحث عن مصادر المال بشتى الطرق. هذه الأوضاع التي تقرّ بعض التقاريير الأمنية وتتجاهلها في كثير من الأحيان كونها أنّ وظيفتها وصلاحيتها محددة، يجعل عملية التحسيس من طرف الجميع هي السبيل الوحيد للخروج من هذه الظواهر المشينة. والظاهرة التي صارت لا تشرّف حسب معالي وزير الداخلية والجماعات المحلية، بعد تسجيل حالة الإجرام بكل أنواع بالأحياء والأسواق والشوارع وحتى الأرياف وفي وضح النهار، تستدعي منا جميعا الشعور بالمسؤولية وعدم ترك المصالح الأمنية بمفردها في الميدان بتقديم يد المساعدة كجمعيات وأفراد ومجتمع مدني من خلال التبليغ والتحسيس، كون أنّ العملية واجب وحق في نفس الوقت وشعور بالمواطنة الحقة، فالسكوت على الجريمة هي في الأصل جريمة أخرى وتشجيع على انتشارها حسب ذات الوزير حسب تصريحاته الأخيرة بولاية الشلف.