أولت الجزائر لحقوق الإنسان أهمية قصوى، وادرجتها في قائمة المستعجلات، بالمصادقة على التشريعات الدولية، تطبيقا للمبدأ المقدس بناء دولة الحق والقانون وإعلاء شأن العدل تاج الملك على الدوام. وأكدت الجزائر طول الوقت على شمولية حقوق الإنسان، وتوازن مبادئها وقيمها، ودقة مفهومها، رافضة سياسة الإنتقائية، والكيل بمكيالين. وظلت الجزائر تردد على المسامع من أعلى المنابر، بأن حقوق الإنسان واحدة موحدة، ومن الخطأ إقامة حواجز فاصلة بين السياسية وغير السياسية. فهي بقدر ما تعتبر من الزواية السياسية الحق في اختيار من يحكم البلاد والعباد، ويسير أمور الرعية باستقامة واعتدال، وهي بقدر ما تحمل الكلمة من معنى ترسيخ دولة ديمقراطية تتنافس فيها الاحزاب على ما هو أجود وأفيد برنامج للتكفل بقضايا الأمة وانشغالات المجتمع، وهموم المواطن، تعني كذلك الحق في التعليم والتكوين والصحة والشغل.. وكلها حقوق مقدسة باتت تتصدر العناية، ومؤشر لعدالة الحكم وقوته ومصداقيته. ولم يعد ممكن في ظل المتغيرات تجاهل هذه الحقوق الأساسية، التي يستند اليها في قياس مدى تقدم الدول من تأخرها،، وتظهر المؤشرات أن هذه المسائل محور أساسي في ترتيب الدول وفق النظرة الحديثة، وإدراجها في قائمة الدول الناشئة من عدمها، بعيدا عن الطرح التقليدي الذي تجاوزه الزمن. ولم يعد يعتمد على المعيار الثابت في التصنيف، ودقته. من هنا، تحركت الجزائر، ووضعت سياسة حقيقية، لوضع في الحسبان، أنشغالات ومشاكل متراكمة، زادتها تعقيدا العشرية السوداء، وتعهد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، بالإضافة إلى وقف نزيف الدم والدمع بالمصالحة والتضامن، فعل المستحيل من أجل إرساء معالم دولة تسيرها المؤسسات وليس الأشخاص، همها الواحيد تحسين الخدمة العمومية، والخروج من حالة الرداءة والبريكولاج، والبايلك بأسرع ما يمكن. ولم تكن غاية السياسة الحقوقية التباهي، والبهرجة التي يستدعيه البريستيج، لكن تحمل مضامين التغيير والإصلاح، والعودة بالبلاد الى سابق عهدها من الرقي والاحترام والعزة.. وفي ظرف قصيرتحولت الجزائر التي تكفلت بالحقوق السياسية وغير السياسية الى ورشة للاصلاح، تتسابق كبريات الشركات للاستثمار فيها، بعدما هاجرتها لسنين تحت دفع حصار مجموعة شنغن.. وتعد ديمقراطية التعليم أكبر المؤشرات وأقواها نجاعة وصدق، للتكفل بحقوق الجزائريين في التعليم، ومرافقتهم في كل الأشواط رغم الظروف الصعبة والمتحولات.. وتزويدهم بسلاح العلم والمعرفة مفتاح التطور والبناء.. وترصد الأموال الطائلة في سبيل تخرج كفاءات جامعية ذات قدرة فائقة على التسيير والقيادة المباشرة دون المرور الاجباري برسكلة أخرى وكلفة للوقت والمال. بهذا الإهتمام بالنوعية، اقتناع راسخ لدى صانع القرار الوطني، بأن النخبة هي بناء التغيير على الاطلاق، وحاملة هموم بناء مجتمع متشبع بقيم الأصالة والخصوصية متفتح على المحيط. يرفض جعل من الماضي حاجز الانطلاق نحو الحاضر والمستقبل، يرفض أن يبقى أسير الماضي الى يوم الدين.. ولا يحمر وجهه ازاء الاخفاقات والتعثر، ويتخذ من الهفوة أرضية انطلاق نحو الأحسن والأمتن.. وقد شدد الرئيس بوتفليقة دائما على خريجي الجامعات والباحثين في التكفل بمشاكل المواطنين، باعتبارهم نخبة النخب، مناشدا اياهم بكسر التردد، والخروج من المرثيات في حل تعقيدات الظرف، اعتمادا على الحلول الوطنية المحظة دون انتظار وصفات خارجية.. وكرر هذا الطرح في افتتاح الموسم الجامعي من تلمسان. ودعا بصريح العبارة إلى جدية تسوية اشكالية العلاقة بين الجامعة والمجتمع، بين التكوين والتشغيل، واستلام سلطة القرار كهيئة اقتراح حلول لمشاكل معقدة.. وبهذا، تصبح الجامعة كشريك في تعميم حقوق الانسان، وتجسيدها الميداني، دون ابقائها مجرد شعارات وكلام يروج بلا معنى، وبلا تطبيق.. بفضل العلاقة الجدلية بين الجامعة والمجتمع، تتكسر حالة الجمود، والانعزال في البرج العاجي. وتمتلك الجامعة كل مؤهلات العمل والنشاط الحقوقي، وتكون مسؤولة في إعادة الحق المقدس لحقوق الانسان. ويتعلق الأمر بحق التعليم وتولية المناصب مهما علت، وفق قاعدة الكفاءة بعيدا عن أي أوصاف أخرى، ومزايا الانتساب، وتحالفات أخرى، ومزايا الانتساب، وتحالفت المصالح والنفوذ.. وتبقى الجامعة حجرة في ظل هذه الثوابت على منح طرائق التفكير، ومنهجية العمل الصائب. وتروج لفكرة العمل الصائب. وتروج لفكرة التسامح والتصالح بعيدا عن الحقد الأعمى، والتراشق بألفاظ العنف والكلمات النارية المولدة لكل روح الانتقام والضغينة والاقصاء، عشنا مرارة تجربتها على مدى أزيد من عشرية، ونحمل حرقة آثارها في الذاكرة. ------------------------------------------------------------------------