لايزال ملف السكن الهش يؤرق القائمين على تسيير الحظيرة السكنية بولاية تيبازة، باعتبار معظم الوحدات السكنية المرصدة للمحصيين سنة 2007 بهذا الشأن لم تنته بها الاشغال بعد، فيما أدركت فترة معالجة الملف سنتها السادسة، الأمر الذي أسفر عن بروز بيوت قصديرية اضافية ببعض الأحياء، ناهيك عن ظهور حالات اجتماعية تستدعي النظر العاجل في أوساط الأسر. وحسب مصارنا من مديرية السكن بالولاية، فإنّ المصالح الولائية كانت قد أحصت 16174 سكن هشا سنة 2007، غير أنّ ذات المصالح حصلت على عدد اقل من ذلك من السكنات الموجهة للقضاء على السكن الهش الى حد الساعة، ولم يتجاوز عددها 15750 سكن من بينها 8650 وحدة مدرجة ضمن المخطط الخماسي المنصرم 2005 / 2009 و7100 وحدة اخرى شملها المخطط الخماسي الحالي 2010 /2014 ليبقى العدد الاجمالي للسكنات المنجزة دون الاحتياجات الحقيقة لقاطني السكنات الهشة لاسيما وأنّ إحصاء 2007 لا يعبّر حقيقة عن ذات الاحتياجات باعتبار عديد العائلات كبر أبناؤها، وهم الآن بحاجة إلى سكن يأويهم، غير أنّ مصادرنا من مديرية السكن أشارت إلى أنّ ذات القضية سيتم التكفل بها ضمن حصص السكن الاجتماعي التي تحوز الولاية منها 7900 وحدة هي الآن في طور الانجاز، مع الاشارة الى كون ما يربو عن 2000 وحدة من تلك التي تم رصدها لقاطني السكن الهش انتهت بها الأشغال واستلمها أصحابها، فيما يرتقب بأن تكون السنة المقبلة سنة الحسم والترحيل الجماعي لآلاف العائلات المقيمة بالبيوت القصديرية أو الهشة، باعتبار معظم البرامج السكنية المعتمدة بالولاية ستنتهي بها الأشغال خلال سنة 2014. كما تجدر الاشارة أيضا إلى أنّ معظم المشاريع السكنية المتعلقة بالقضاء على السكن الهش تمّت برمجتها على ضفاف المدن الكبرى للولاية ولاسيما الشرقية منها، وهي المدن التي كانت قد تلقت صدمة عنيفة خلال العشرية السوداء باستضافتها لأمواج كبيرة من النازحين من الأرياف فرارا من غطرسة الجماعات الارهابية حينذاك، غير أنّ الواقع يشهد بأنّ بعضا من الأحياء القصديرية غير اللائقة كانت تعشعش داخل المدن منذ الفترة الاستعمارية ولم تتم إزاحتها الى الآن مثلما هو الحال بالنسبة لدوار "معمر بلعيد" بحجوط والحي الجديد بفوكة. ويبقى القاسم المشترك ما بين هذه الأحياء مجتمعة يكمن في استفحال الجريمة وتردي المبادئ والأعراف بفعل الضغط النفسي الرهيب الذي يعيشه أبناؤها من جهة والبطالة وضعف المعيشة من جهة ثانية، بحيث يستغلّ المنحرفون جنح الظلام عادة للانقضاض على فرائسهم، كما ينشط بعضهم في وصح النهار أيضا بالنظر الى غياب الشبكات النظامية بها وغياب المصالح التي ترعى ذات الشبكات أيضا، ومن ثمّ فقد أضحى القضاء على ذات التجمعات السكنية مطلبا شعبيا مستعجلا بوسعه اضفاء مزيد من الاطمئنان والراحة النفسية لدى سكان المدن المعنية. يتربّع دوار "معمر بلعيد" على مساحة هكتارين تقريبا غير بعيد عن وسط مدينة حجوط كبرى مدن ولاية تيبازة، يمتدّ تاريخه الى غاية الحقبة الاستعمارية إلا أنّه تحوّل بعد عقود من الزمن الى بؤرة ساخنة للاجرام والانحراف والتنصل من الاعراف والتقاليد لاسيما خلال الفترات الليلية حين يسدل الظلام جوانحه، وما زاد الطين بلة غياب الانارة العمومية على حوافه وفي أزقته، بحيث أكّد العديد من سكان حي "سوركسيد" المجاور بأنّهم يتحاشون المرور بأزقة الدوار للحاق بحيهم من شّدة الخوف، مما يحتمل بأن يلحق بهم من أذى. كما شهد ذات الدوار خلال العام الحالي وكذا العام المنصرم عدة حالات إجرامية كان تقدم إحدى المقيمات به على تسويق منتجات الخمر للمنحرفين، الذين يعجّ بهم الدوار الأمر الذي حوّل ذات الموقع الى مرتع للآفات الاجتماعية، ناهيك عن كونه يضم سكنات أقل ما يقال عنها أنها تصلح لمبيت الحيوانات دون البشر بالنظر الى النفايات المترامية هنا وهناك، والروائح الكريهة المنبعثة من المياه القذرة وانتشار الجرذان والزواحف والحشرات اللاسعة، الامر الذي ولّد أجواء من المعاناة والحرمان والحياة الصعبة، بحيث يعتبر مجمل هذه الرواسب نتيجة حتمية لمبادرات الترقيع والبريكولاج المعتمدة خلال سنوات التسعينيات حين استفادة معظم المقيمين بالدوار من سكنات تطورية بكل من حي "سوناطراك" وحي "سيدي بوفاضال" عقب ترحيل البعض الآخر الى عمارات مجاورة بحي "سوركسيد" خلال الثمانينات إلا أن السلطات المحلية لم تقدم حينها على بسط سيطرتها بهدم الاكواخ التي رحل أصحابها الى سكناتهم الجديدة واستغلّ هؤلاء الامر للبزنسة بأكواخهم، وبيعها لوافدين جدد اقتنوها من ملاكها الأصليين بأثمان مختلفة. كما أقدم بعض المقيمين على جلب أقاربهم لتعويضهم هناك، الأمر الذي زاد من طول المعاناة ولا يزال الدوار القصديري يشوّه المحيط العمراني للمدينة بالرغم من مختلف المبادرات التي استنفذت بشأنه، ولكن صرامة الجهات المعنية للفصل في مصير الدوار في الفترة الأخيرة أسفرت عن تخصيص سكنات خاصة باسم الدوار بطريق بوركيكة في إطار برنامج محاربة السكن الهش، ومن المرتقب استلامها خلال العام المقبل ليتم بذلك هدم جميع الاكواخ المرابطة بالدوار واستغلال الأرضية لإنجاز مشاريع عمومية أخرى.