نظمت الجزائر، منذ أكثر من عشرية، الكثير من التظاهرات الثقافية الوطنية والإقليمية والدولية التي ساهمت في التعريف بالموروث الثقافي الوطني والترويج له وهو ما جعل المبدعين الجزائريين محل اهتمام من كبرى العواصم العربية والغربية وتهاطلت عليهم التكريمات والدعوات في صورة تؤكد ما قامت به السلطات في هذا الجانب. إن الوقوف عند التظاهرات السابقة وفتح المجال للمبدعين والمثقفين لانتقادها وتقديم ما يجب أن يكون للوصول إلى الاحترافية وإلى أداء تظاهرات في مستوى سمعة الجزائر وتاريخها وموروثها. الصالون الدولي للكتاب يدخل العالمية عرف الصالون الدولي للكتاب، الذي وصل طبعته 18، السنة المنصرمة، تطورا كبيرا، سواء من خلال نوعية المؤلفات المعروضة أو الشخصيات التي نزلت ضيفة عليه. وقد أدت حركية الكتاب ونضال الناشرين والمثقفين إلى تراكم المطالب والوصول بها الى شبه رأي عام وطني ساهمت في الإفراج عن مشروع قانون الكتاب، الذي يعرف تجاذبات كبيرة وجدلا واسعا يعكس مدى عودة النقد وسعي كل جهة لتقديم الأحسن، في وقت تتوسع فيه الحريات وتزداد المطالب بضرورة تشجيع المثقفين على إبداء آرائهم دون قيود. وما يعكس تطور التظاهرة هو فتح المجال للندوات الفكرية وتمكين الكتاب من التواصل مع الجمهور، وانتشار ثقافة البيع بالإهداء في صورة جميلة جدا مكنت الجزائري من نسيان هموم البطن وغلاء المعيشة المادية، وسمحت له بالاستفادة من فوائد خير جليس. وكان الصالون ساحة متنوعة التوجهات والإيديولوجيات والثقافات وهو ما جعل هذه المحطة حدثا بارزا مغاربيا وعربيا باعتراف مختلف دور النشر. سنة الجزائربفرنسا اكتشفت مواهب المبدعين المغتربين قدمت سنة الجزائربفرنسا قيماً مضافة كبيرة للثقافة الجزائرية وغيرها من المجالات واكتشف الكثير من الجزائريين من أبناء الجالية فرص التألق وخدمة الوطن ولو من فرنسا، بعد أن تخلصوا من الهواجس والصور القاتمة التي صنعتها مختلف وسائل الإعلام الغربية والعربية حول الوضع في الجزائر. وقد ربحت الجزائر ثقافيا أكثر مما استثمرته في تلك السنة من أموال، فالكثير كان يركز عن الجانب المادي الذي كان يجب أن يكون لنجني ثمارا ثقافية لا تقاس بثمن من خلال حضور الجزائر بعديد الأعمال في مهرجان "كان" السينمائي كانت سنة الجزائربفرنسا، التي نظمت في 2003، منعرجا حاسما في مسار الثقافة الوطنية، حيث استفادت طيلة سنة كاملة من فرصة الترويج والتعريف بموروثنا الثقافي واكتشف الكثير من أبناء الجالية هويتهم من خلال التعرف على التنوع الثقافي الذي تزخر به الجزائر، خاصة وأن الكثير منهم لم يسبق له وأن زار البلاد بسبب العشرية السوداء.وربحت الجزائر الكثير من المكاسب السياسية من خلال تلك التظاهرات التي كانت أحسن دليل على تحسن الوضع الأمني فيها، كما منحت دفعا للفنانين والمثقفين للعودة الى الساحة بعد أن تراجع نشاطهم كثيرا بفعل الأزمة السياسية والاقتصادية التي مرت بها البلاد، فقد زار أكثر من 100 فنان فرنسا لإحياء حفلات وعروض مسرحية ومعارض. الجزائر عاصمة الثقافة العربية كسرت تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية التي احتضنتها في 2007 الكثير من المعتقدات الخاطئة التي كانت تروج للجزائر على أنها بلد يفضل الثقافة الفرنسية والشفاهية. واكتشف المثقفون والمبدعون العرب باختلاف مشاربهم، قدرات الجزائر في الأدب والشعر ومختلف الفنون والكتابات بالعربية في أرقى صورها وهو ما جعلها محل إشادة. وشهدت تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية، طبع وإعادة طبع أكثر من 1000 كتاب في مختلف الأنواع الإبداعية وبحرية كبيرة، كانت قيمة مضافة للثقافة الجزائرية التي أصبحت مطلوبة عربيا وسمحت لأحلام مستغانمي، وأمين الزاوي وواسيني الأعرج وحميدة العياشي وهاجر قويدري وغيرهم من المثقفين، من اكتساح مختلف المسابقات العربية بقوة، بعد أن كانت حكرا على المصريين واللبنانيين، وباتت مختلف دور النشر العربية تتهافت على المؤلفات الجزائرية بفضل معاييرها ومقاييسها العالمية. واكتشف العرب بصفة عامة ولوع الجزائريين بالجانب الثقافي، حيث عرفت الأسابيع الثقافية لمختلف الدول العربية إقبالا كبيرا من مختلف فئات الشعب الجزائري، حيث كان الاحتكاك كبيرا ومنه فالنظرة للثقافة الجزائرية قد تغيّرت بنسبة كبيرة، وبات الإقبال عليها كبيرا وقد اطلعت "الشعب" على الرواج الكبير لروايات الزاوي وواسيني الأعرج في الأردن لما تحمله الكتابات الجزائرية من حرية وإبداع. المهرجان الإفريقي الثاني أرجع البعد القاري للثقافة الجزائرية نجحت الجزائر في إعادة لمّ شمل الأسرة الإفريقية وإعادة النفخ في ثقافة التحرر ومنح الفرصة للكثير من المبدعين والفنانين والمثقفين الأفارقة، من عرض الأفلام والشرائط الوثائقية حول واقع القارة وانشغالاتها وهمومها وطموحاتها من زاوية ثقافية.وقد شهد المهرجان، الذي احتضنته الجزائر في 2009، رواجا كبيرا وإقبالا عالميا من خلال نقل مختلف الوسائل الإعلامية لجوانب المهرجان ووقف الجميع على قدرات أبناء القارة السمراء في المجال الثقافي وتيقن الجميع أن إفريقيا التحررية ليست مواد أولية وحروبا وصراعات، بل هي مورد بشري وشعوب تحب الحياة والإبداع وهي التي فازت بجوائز نوبل للآداب وأنجبت ماكيبا ونيلسون مانديلا والراحل هواري بومدين وكثيرين ممن صنعوا التاريخ.ووقف الأفارقة على الثقافة الجزائرية في أبعادها الإفريقية، خاصة من خلال الكتابات التحررية والمواقف الإنسانية التي يتذكرها التاريخ.وقد شهد المهرجان تغطية واهتماما إعلاميا بالغين من وسائل الإعلام الجزائرية واسترجع قراء الثقافة الكثير من المساحات خلصتهم من رتابة المواضيع السياسية. تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية... محطة لتعايش الثقافات والديانات شكلت تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية حدثا بارزا من خلال نجاحها في التعريف بالثقافة الإسلامية ونشر قيم التسامح والإبداع من خلال احتضانها لمختلف الديانات والثقافات، ساهمت بشكل كبير في إذابة الفوارق بين الشرق والغرب وأكدت إمكانية تعايش الحضارات والثقافات ونبذ الفرقة. وشهدت التظاهرة التطرق إلى الكثير من المواضيع التي ساهمت في الرقي بالنقاش والحوار حول سبل التكامل الثقافي والسامح بين الديانات والتعرف على الآخر من خلال اكتشاف التقاليد والموروث الثقافي.وقد زار تلمسان عشرات الوفود من أكثر من 50 دولة وهو ما شكل معرضا مفتوحا لاكتشاف ما تزخر به الجزائر من مقومات. وتضاف كل هذه التظاهرات إلى مختلف المهرجانات الفنية والسينمائية والمسرحية التي بلغت 166 محطة ثقافية سنويا، وهو ما يعني نشاط كل 3 أيام من السنة، ما يعكس الحراك الثقافي الكبير الذي، وبعد تحقيقه لعديد النجاحات الكمية، بقي تدارك النقائص والتركيز على الاحترافية والمعايير العالمية لتجاوز نظرة المناسباتية في الثقافة وجعلها سلوكا يوميا يسير في دماء الجزائريين.