الاستعداد لمرحلة ما بعد البترول أضحت ضرورة ملحة، حسب ما أكده الوزير الأول أحمد أويحيى الذي يؤكد على زوال هذه الثروة خلال العشريات القليلة المقبلة. ويأتي البحث على محرك دائم وقوي وآمن للاقتصاد الوطني خارج المحروقات، على خلفية انهيار الاقتصاد العالمي بعد دخوله مرحلة الركود والانكماش وانهيار أسعار النفط، والجزائر تستدعي تطوير اقتصاد بديل للمحروقات وتحرر بذلك التنمية من التبعية المطلقة لذلك المورد. ويرى خبراء في الاقتصاد امكانية تخليص الجزائر من اقتصاد »الريع« من منطلق أن الحقول والمناجم آيلة للنضوب ولن تتجدد، ولابد من التفكير بجدية ووضع تصور مستقبلي لسياسة اقتصادية لا تعتمد على البترول، على اعتبار أن الجزائر تتمتع بامكانيات معتبرة في العديد من القطاعات. والاقتصاد البديل الذي ستقرر السلطات العمومية لإرسائه، سيكون مبني على الاندماج وقادر على الاستجابة للحاجيات الأساسية للجزائريين، ويخلق ما يكفي من مناصب الشغل لتوظيف اليد العاملة التي تصل الى سوق الشغل، مع الاشارة في هذا الصدد الى أن مساهمة المحروقات في التشغيل ضعيفة إذ لا تتعدى نسبتها 3 ٪، لأن الصناعة البترولية موجهة نحو الخارج وتستهلك رؤوس أموال كثيرة. وفي هذا السياق العالمي الذي يتميز بأزمة مزدوجة مالية، واختلال في السوق النفطية، الجزائر في حاجة -كما يرى المختصون- الى تنمية قائمة بذاتها وتنمية كفيلة وحدها باستخلاف المحروقات بالتماشي مع وتيرة نضوب احتياطاتها. وحسب الخبراء في الاقتصاد، فإن الخيارات المتاحة للجزائر لبناء اقتصاد بديل للمحروقات تكمن في أربع مجالات: في الصناعة العالمية العالية التقنية، الصناعات الاستهلاكية، الفلاحة والصناعة الغذائية والخدمات. ويحتاج تطوير هذه القطاعات برأيهم الى إرادة سياسية جادة وادماج البحث العلمي، وتعد الأزمة التي يشهده العالم فرصته لوضع نماذج من هذه الخيارات المطروحة وقياس الجدوى الاقتصادية لها استعدادا لمواجهة التحديات. ------------------------------------------------------------------------