لقد أفنى بومدين حياته ولم يضيع لحظات عمره نهارها ولياليها في عمل غير مثمر.. وإن كان بعض الرؤساء في وقته يستغلون العمل المسلي لمضيعة الوقت.. فإن بومدين كان عكس ذلك يستغل الوقت لصالح العمل المثمر.. كان في سباق مع الزمن في بناء دولة بأتم المعنى.. هذا ما جاء في مقدمة كتاب ''بومدين والآخرون، ما قاله.. وما أثبتته الأيام''.. الصادر عن دار المعرفة للمؤلف عمار بومايدة، والذي يحمل مقالات وحوارات صحفية تسلط الضوء على الجوانب الشخصية والسياسية للرئيس الراحل هواري بومدين ومحاولة إبراز أفكاره وتوجهاته.. الكتاب يقع في 402 صفحة قسمه الكاتب إلى 03 فصول تناول الفصل الأول منه السيرة الذاتية للرئيس الراحل بداية من مولده، نشأته، تعليمه.. وصولا إلى اهتماماته بشؤون وطنه الواقع تحت نير الاستعمار، وكيف حاول تخليص الجزائر من فرنسا وتثبيت ثورية الجزائر بعد رحيل الفرنسيين، مرددا كلمته الخالدة ''التحرير هو مرحلة والثورة هي الهدف.'' أما الفصل الثاني فقد حمل جهود بومدين للقضاء كليا على مخلفات الاستعمار والعودة بالجزائر إلى المحافل الدولية وتشييد صرح المجتمع بالقضاء على الجهل لبناءدولة جزائرية حديثة وإعادة تنظيم الجيش بحيث يصبح درعا واقيا للثورة، وإحدى الضمانات الأساسية للوحدة الوطنية.. ناهيك عن القيام بتغيير جذري لحياة الشعب في الأرياف والجبال، ودعم الاستثمار.. كما أبرز الكتاب جهود الرئيس الراحل في نصرة القضايا الدولية كالقضية الصحراوية أين قال ''لا نعتبر استقلالنا كاملا مادام هناك شبر من الأراضي الصحراوية، وبلدان افريقيا تحت أياد استعمارية''، إلى جانب القضية الفلسطينية. الفصل الأخير من الكتاب تناول وفاة الرئيس الجزائري هواري بومدين وما يكتنف هذه المرحلة من غموض، حين أعياه مرض مبهم في صائفة 1978 وأثر على جسمه بسرعة فائقة، وبقي ملفه الطبي حبيس الأدراج إلى أن وافته المنية في صمت دون أن يعرف أحد سبب الوفاة، ليتساءل الكاتب في كتابه ''بومدين والآخرون''..، ''هل مات بومدين مقتولا؟''، ''هل مات ميتة طبيعية؟''، وإن مات مقتولا يقول بومايدة فمن صاحب المصلحة في ذلك؟ المعارضة السرية الجزائرية، فرنسا، إسرائيل، أمريكا أو المغرب أو جهة خليجية حاسدة أو جهة مجهولة ولصالح من؟ متسائلا كذلك عن الأماكن والوسائل التي يمكن أن يكون قد نفذ بها الاعتداء.. ليبقى لغز وفاة هواري بومدين محيرا رغم مرور عليه أكثر من 30 سنة، إذ يقول الكاتب عمار بومايدة حتى المقربين منه والذين كانوا يتولون الإشراف على علاجه وشهدوا له بالوداع الأخير، منهم زوجته بقوا صامتين ولم يبوحوا بشيء عن وفاته إلى اليوم ------------------------------------------------------------------------