أوضح، أمس، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، محمد مباركي، أن المرحلة المقبلة تتطلب من الجميع بذل جهود أكبر على صعيد تحسين نوعية التكوين والبحث والارتقاء بأداء الجامعة الجزائرية إلى مستويات تتساوق مع المرجعيات القياسية الدولية، داعيا الأسرة الجامعية، وفي مقدمتها الأساتذة والباحثون إلى الانخراط بقوة في هذه الديناميكية والمساهمة بفاعلية بفضل ما تمتلكه من قدرات فكرية ومعرفية وطاقات بشرية، في قيادة التحولات التي يعرفها المجتمع في شتى المجالات. أفاد المسؤول الأول عن قطاع التعليم العالي لدى أشرافه على مراسم الاحتفال المخلد لذكرى اليوم الوطني للطالب، بحضور وزير الصيد البحري والموارد الصيدية، سيد أحمد فروخي، في رحاب المدرسة الوطنية العليا لعلوم البحر وتهيئة الساحل، بأن المناسبة تأتي في ظرف «زمني مميز» اتّسم على وجه الخصوص بتنظيم انتخابات رئاسية فتحت آفاقا واعدة جديدة للبلاد، من بين مقتضياتها التقدم نحو تحقيق مزيد من الديمقراطية في سير المؤسسات وإرساء حكامة راشدة، إلى جانب توطيد دولة الحق والقانون، بما يمكن من تعزيز المشاركة المجتمعية والانتقال إلى مرحلة «نوعية» أرقى. وقال مباركي، إن مثل هذه المناسبة الثرية بالمواقف والغنية بالدروس والعبر، هي محطات هامة ينبغي أن يتوقف عندها طلبتنا للتزود منها خير الزاد، لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل، داعيا إياهم رلى الجد والمثابرة والعزم من أجل اكتساب العلوم والمعارف والتحكم في تطبيقاتها التقنية على أساس زن الأمر «الضمان الوحيد « لكسب رهان التنمية والتقدم الذي يطمح إليه شعبنا وترتضيه أمتنا كعلامة وفاء لتضحيات شهدائنا الأبرار. ونوّه مباركي بالمواقف الصلبة واللغة الجريئة للطلبة الجزائريين المسلمين آنذاك والتي أدهشت بدورها مختلف الأوساط العلمية والثقافية في العالم، وبرهنت على انصهار الطلبة في صلب قضايا الشعب. كما أظهرت مدى استعدادهم لتحمل المسؤولية الثقيلة لخوض الكفاح المسلح، وتوظيف ما اكتسبوه من علوم ومعارف في دعم ثورة التحرير. وأضاف، «ونحن في غمرة الاحتفال بيوم الطالب، أود أن استوفيكم لنستجلي معا معاني الواجب الوطني لدى هذه الفئة من النخبة المثقفة التي قطعت عهدا، في لحظة من أنبل لحظات التفاني وأكرمها عطاءً، على أن تضحي بمستقبلها الفردي وسعادتها العاجلة استجابة لنداء الوطن. لقد أدركت هذه الفئة من الطلبة، على حداثة سنّها، ضرورة التعبئة الشاملة ضد المحتل الغاضب وأيقنت أن خير العلم هو العلم النافع للوطن والمجتمع وفي ذلك علامة نضج مميز». وأكد مباركي أن الاحتفال بهذه الذكرى بالمدرسة الوطنية العليا لعلوم البحر وتهيئة الساحل، يكتسي «دلالة عميقة»، ويندرج ضمن مسعى القطاع الهادف إلى توسيع شبكة المدارس الوطنية العليا، كما يعد تثمينا لدور هذه المدرسة في التكوين المتخصص للكفاءات عالية التأهيل فائقة المهارة من حملة الماستر والدكتوراة، تكون قادرة على المساهمة في التنمية المستدامة للبلاد بالإنتاج العلمي والمعطيات العلمية البحرية. هذا إلى جانب إسهامها في تطوير وترقية البحث العلمي في مجالات عديدة، كعلوم البحر وتهيئة الساحل، علم المحيطات والمناخ، تطوير الموارد الصيدية وتربية المائيات وذلك باستخدام أحدث المعارف والتقنيات. وفي ذات السياق، دعا الوزير الأسرة الجامعية والعلمية للمدرسة إلى تكثيف التواصل مع المحيط الاقتصادي والاجتماعي الوطني، ومع القطاعات والهيئات ذات الصلة بمهامها، بغية «التكييف المستمر» لأنشطة التكوين والبحث مع متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، مشيرا إلى أن تخصص المدرسة في علوم البحر يؤهلها لتكون فضاء للتبادلات العلمية مع مؤسسات البحث والتكوين المماثلة في حوض البحر الأبيض المتوسط، بفضل تفتحها على محيطها الدولي عن طريق الاستفادة من علاقات التعاون واتفاقيات الشراكة التي تقيمها لتحسين نوعية التكوين وترقية البحث العلمي. وقدم مباركي شكره على المبادرة «الرمزية» التي تعني من جملة ما تعنيه، التمسك بالعهد والتعبير عن الوفاء لتلك الصفحات الناصعة من تاريخنا، واستلهام العبر منها قصد تحصين الجيل الصاعد بقيم العمل والتفاني لتتوطد الجسور بين الاجيال وتتلاحم الجهود وتتضافر لخدمة البلاد وعزة الوطن.