إن الأحداث والاحتجاجات التي تشهدها الولاياتالمتحدةالأمريكية هذه الأيام، تثبت أن الترسبات العنصرية لا تزال متجذرة في المواطن الأمريكي الأبيض، الذي لا يزال يعتبر مواطنا فوق العادة، أو على الأقل هذا الانطباع الذي ينتابنا عندما تبرئ العدالة، ضابط شرطة فيرغيسون، من تهمة قتل مواطنه الأسود وليام غارنر، والمثير هنا هو أن لجنة المحلفين التي قضت ببراءة هذا الشرطي كانت مشكلة من تسعة من الأمريكيين البيض و3 من الأمريكيين الزنوج! إن الطريقة التي قمعت بها الشرطة الأمريكية المظاهرات السلمية للسود في فيرغسون وفي غيرها من المدن تدل على أن هناك عنصرية جديدة بدأت تظهر بوادرها في المجتمع الأمريكي قد تزداد من خلالها الهوة بين البيض والسود في هذا البلد الذي شهد الكفاح المستميت للزنوج وعلى رأسهم مارتن لوثر كينغ الذي وهب نفسه لأجل مستقبل أفضل لمواطنيه ولأجل القضاء على سياسات الاستعباد والاستغلال التي كانت وراء اقتياد السود مقيدين بالأصفاد إلى العالم الجديد بلاد الأحلام - بالنسبة للبيض طبعا- ومن حينها لم تتغير نظرة هذا الأبيض المهيمن، المتشبّع بعقد التفوق والتميز اتجاه هذا الأسود الذي يرى أنه وجد من أجل خدمته وطاعته ليس أكثر. وصول رئيس أسود إلى البيت الأبيض، رأى فيه البعض شهادة وفاة العنصرية والضربة القاضية لعرّابيها في الولاياتالمتحدةالأمريكية، إلا أن الأحداث الأخيرة كشفت عن مخزن عنصري لا زال معششا في أوساط المجتمع، وأن هناك جيلا جديدا من الأمريكيين أصابهم هذا الفيروس الخبيث، رغم أنهم لم يولدوا ولم يعايشوا تلك الفترات القاتمة من التاريخ الأمريكي، حين كان السود يعتبرون مجرد أهالي، وليسوا مواطنين أمريكيين بحصة كاملة.