الجامعة مسؤولة عن تخرج كفاءات للقيادة والتسيير دون الاكتفاء بمنح الشهادة قال الشاعر المخضرم، عبد الله الهامل، أن الساحة الثقافية في الجزائر، لا زالت تعيش مخاضا عسيرا، استمر لأكثر من عشرين سنة، في انتظار بزوغ حركة ثقافية قوية، تعكس الزخم الذي كان في زمن العشرية السوداء و المترجم للتحولات العميقة والجذرية التي عرفها البلد والعالم. واعتبر الهامل مصرحا ل "الشعب" أن تلك اللحظة الفارقة في انتقال المشهد الثقافي الوطني من لحظة الكمون إلى لحظة انفجار هذا الزخم المأجّج في اللاوعي الثقافي الوطني، "لم تحدث بعد"، رغم انتظار النخبة لها بشغف. وقال الهامل في رصده للوضع الثابت والمتغير "أن المشهد الثقافي لا زال فقيرا، يعايش النقصان، ولن يستطيع أن يكون في مستوى الحالة الجزائرية". وتابع الأديب بنبرة قلق وحسرة "أنا ابن المشهد الفقير، لدي انشغالاتي ومشاغلي الخاصة، سواء في الكتابة الشعرية، في الترجمة الأدبية والمسرحية، أنتظر توفر مناخ صحي، لكي أستطيع أن أخرج اجتهاداتي الخاصة إلى النور". وأكد الشاعر، أن الفعل المعرفي أو ثقافة الكتاب في الجزائر، لا زالت بعيدة على اعتبارها في الأولويات الوطنية، أنّ الاهتمام، يكون متبادلا بين الطرفين، الجمهور والهيئات المعنية بالثقافة والشأن الثقافي عموما. وطالب في سياق متّصل السّلطات العمومية ومسؤولي الثقافة بالخصوص، بإعادة النظر في المنظومة التربوية وخاصة البرامج ومنظومة التعليم العالي، بإعطاء الجامعة دورها الريادي في قيادة المجتمع والمؤسسة الاقتصادية والثقافية قائلا: "الجامعة، باعتبارها تمثل النّخبة، لم تعد تخرج ما هو مطلوب من المفكّرين والكتّاب والفلاسفة، وهي تفقد بالتدريج دورها الريادي في قيادة الامة نحو آفاق المعرفة وفكرة النهضة في عالم يهتز تحت الاختراعات والتنافس الابداعي الرهيب." وحسب الشاعر في حديثه ل«الشعب"، فإن الدور الحقيقي للجامعة، لا يتوقف عند حدود تخريج دفعات لحاملي الشهادات، بل يتعدى ذلك إلى تزويد الوطن بكفاءات لها القدرة في التسيير والتنظيم واقتراح حلول لمشاكل معقدة وأن العمل الثقافي لايحتاج فقط إلى التحفيز المادي لطباعة الكتاب، خاصة وأنّ المسألة ترتبط "بالكم" وليس بالكيف. يقول الشاعر في الختام،"مشاريعي مشاريع حلم، أحلم بمجتمع مثقف، تسود فيه المعرفة، تكون فيه الجامعة الرائدة، مجتمع تتجلّى فيه قدسية الكتاب"، ويحلم الشاعر بمجتمع، تتحول فيه الشخصيات الثقافية الوطنية والفنية الكبرى إلى"رأس مال رمزي وطني، وأن تستثمر، لا أن تموت الكفاءات والطاقات الوطنية في الخفاء". وأبرز في سياق متّصل جوانب من شخصية الكاتب والصحفي والناقد الراحل "بختي بن عودة"، منوّها بدوره في الحركة الفكرية بالجزائر وجمعه بين التشريح والعلاج قائلا في ذكرى رحيله:«كان من المثقفين القلائل الذين كانت لهم القدرة على التحليل وفهم المرض الثقافي وكانت له القدرة_يقول الهامل_ على إيجاد العلاج لهذا المرض الثقافي وإعطاء نفس جديد للمشهد الثقافي الوطني، لكن للأسف اغتيل في قمة عطائه، وترك بذرة، زرعها في التربة الثقافية الوطنية، يجب أن نعتني بها، لتثمر وتعطي ثمارها". وحسب الشاعر، فإن الرهان الأول للمرحوم بختي "البحث عن طريقة لإخراج المشهد الثقافي الوطني من "حالة النقصان والجمود ". وتابع المتحدّث: "إن بختي بن عودة، كان يقول كلمته سواء من خلال مقالاته التي كتبها في الصحف أو الحوارات الخاصة التي كنا نقوم بها في بيته أو المقاهي والجلسات الخاصة." ..في سطور ^ عبد الله الهامل، شاعر ومترجم وصحفي سابقا. ^ تخرج من معهد الآداب بجامعة وهران. ^ له ثلاثة إصدارات "الشفاعة"، "صباحات طارئة"، وفي الترجمة، مسرحية "نهاية اللعبة" لصموئيل بيكيت. ^ له مشاركات هامة في مختلف المجلات الثقافية والأدبية العربية والمواقع الإلكترونية. ^ يشتغل حاليا كمدير المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية تندوف.