يبدو أن الوقت سوف لن يكون لا في صالح الشعب الليبي ولا في خدمة الانتقال السياسي الذي ينشده في ظل استمرار الاقتتال والانقسام الذي يطبع المشهد في البلاد، خاصة وأن أمام الليبيين فرصة من ذهب لا ينبغي تفويتها على مستقبل مستقر وآمن يرجوه الشعب الليبي وتعمل من أجله دول الجوار والأممالمتحدة التي لم تثنها وتيرة العنف المتصاعد من الاستمرار في بذل المزيد من الجهود الرامية إلى إحلال السلام في هذا البلد. في هذا الإطار، دعا مبعوث الأممالمتحدة لدى ليبيا، برناردينو ليون، مجددا، كل الأطراف الليبية إلى التوصل لحل سلمي في أقرب وقت لإنقاذ البلاد وإبعاد خطر الإرهاب عنها، محذرا من انهيار الدولة في حال استمرار الصراع. وقال ليون في تصريح للصحافة، أمس، إن الوضع السياسي في ليبيا في غاية الصعوبة وإن مناطق عدة في البلاد شهدت في الفترة الأخيرة هجمات إرهابية. وأضاف، أن «ليبيا تعاني أزمات عدة من النواحي الاقتصادية والأمنية السياسية»، مشيرا إلى أن الأزمات ستتفاقم خلال الأيام المقبلة في حال عدم التوصل إلى اتفاق. وعبّر عن «مخاوفه من انهيار ليبيا التي أصبحت في وضع صعب للغاية»، وقال إنه تم الاتفاق مع الأطراف التي شاركت في حوار جنيف من حيث المبدأ على استئناف الحوار الأسبوع المقبل، لكنه لم يتم الاتفاق على المكان الذي سيعقد فيه الحوار. هذا وكانت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي أكدت اقتراب موعد تحرير العاصمة طرابلس من قبضة من وصفتهم ب»المجموعات الإرهابية». وأوضحت الهيئة في بيان لها، أمس، أن قوات الجيش الليبي والتشكيلات المسلحة المساندة له لا تستهدف أي مدينة وإنما تهدف إلى تحرير العاصمة وكافة المدن، من قبضة الجماعات الإرهابية، مطالبة كل من تورّط في العمل مع هذه الجماعات التراجع والانسحاب. كما أكدت غرفة عمليات المنطقة الغربية، بأن ما وصفتها ب»ساعة خلاص العاصمة طرابلس وكل المدن» قد اقتربت كثيراً، مشددة على ضرورة مساهمة الجميع في إنجاح هذه المعركة، بالتحلي باليقظة والتبليغ عن التحركات المشبوهة. في الأثناء تستمر معاناة المدنيين الليبيين جراء الاقتتال، فقد نزحت أكثر من 60 عائلة من منطقة «بوهديمة» ببنغازي إلى مدينة «أجدابيا»جرّاء المعارك العنيفة الدائرة حاليا بين قوات الجيش الليبي وقوات «مجلس شورى ثوار بنغازي». ولم يعد خفيا على أحد، أن استمرر المواجهات الطاحنة بين الفرقاء الليبيين لا تصب في خدمة مسار السلام ليس في ليبيا فقط ولكن في المنطقة ككل، سيّما دول الجوار الليبي التي لم تخف قلقها من الوضع الليبي وتأثيره بشكل مباشر على أمنها الوطني، وإدراكا منها لهذا المعطى تزداد التحركات والمجهودات لرأب هذا الصدع عبر الطرق الدبلوماسية الذكية، التي يمكنها اختصار مسافة وتكاليف حل هذه الأزمة التي بدا واضحا للعيان أن وجهة نظر الجزائر في هذا الشأن قد أثبتت جدواها، لهذا تحولت إلى مزار للقادة الأفارقة الأشهر الأخيرة، فيما يبدو تشكل إجماع إفريقي حول حل سياسي سلمي للأزمة الليبية بعيدا عن أي تدخل خارجي.