تتواصل عملية مراجعة القوائم الانتخابية التي شرعت فيها الإدارات الجزائرية منذ منتصف الشهر الجاري تحسبا للاستحقاقات الرئاسية المقررة شهر أفريل المقبل، وسط إقبال منقطع النظير للمواطنين من كافة مختلف الشرائح، ورغم برودة الطقس وسوء الأحوال الجوية التي ميزت أغلب أيام الشهر إلا أن المواطنين لم يعزفو عن التوجه إلى مصلحة الانتخابات التابعة لمقر بلديات إقامتهم لتسجيل أنفسهم أو تصحيح وضعيتهم السابقة. كانت الساعة تشير إلى حدود العاشرة صباحا عندما طرقنا أبواب بلدية الجزائر الوسطى، وبالتحديد مكتب مصلحة الانتخابات الذي وجدناه على غير العادة مملوء على أخره بجموع المواطنين حتى تشكل طابور اصطف فيه من أتى متأخرا.. هدفنا كان واضحا معاينة عملية مراجعة القوائم الانتخابية التي دعت إليها الوزارة الوصية منذ ال 14 جانفي الماضي وأمرت كل الإدارات بالشروع في العملية مع توفير الإمكانيات المادية والبشرية لإنجاحها. لم نكن لننتظر كثيرا ليتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود ونقيس درجة وعي العاصمي بمثل هذا الموعد الانتخابي الذي لا يتكرر كل سنة، وقوفنا بمكتب الانتخابات لبلدية الجزائر الوسطى تجلت معه حقائق كثيرة منها أن من يقول أن العاصمي لا يهتم بمثل هذه المواعيد فقد كذب، ومن يدعي أن أكبر فئة تقاطع الانتخابات انطلاقا من عدم تسجيلها بالقوائم هي فئة الشباب فقد كذب كذلك، لأن ما شاهدناه بأم أعيننا بالمكان أسقط كل تلك الأقوال التي كانت تأتي من هنا وهناك لا لشيء إلا لرسم مشهد سوداوي عن علاقة العاصمي بالانتخابات. الساعة إذن كانت العاشرة والمكان بلدية الجزائر الوسطى .. أحد الأمكنة التي يمكن لنا أن نتبين من خلالها درجة اهتمام العاصمي بالحدث بدقة باعتبار أنها تقع بقلب العاصمة وتضم أكثر الأحياء الشعبية استقبلنا المسؤول عن مكتب الانتخابات السيد توفيق بلهادي وكان أحسن دليل لنا أطلعنا بعجالة عن كيفية سير العمل بالمصلحة ليتركنا نتفرغ لمتابعة عملية التسجيل بالقوائم الانتخابية أو الشطب منها مع الأعوان الأربعة الذين نصبوا من أجل التكفل بالعملية، وقبل ذلك كان قد أكد لنا أن المكتب الذي يفتح أبوابه يوميا على الساعة التاسعة صباحا إلى غاية الرابعة مساء يستقبل يوميا عشرات الأشخاص من مختلف الفئات فكما يأتي الشيخ والعجوز يأتي الكهل والشاب الرجل والمرأة وهو ما تأكدنا منه ونحن نلج القاعة التي خصصت لاستقبال المواطنين . فئات من مختلف الأعمار ومن الجنسين البعض واقف في الطابور ينتظر دوره والبعض جالس قبالة العون المكلف بالتسجيل أو الشطب من القوائم الانتخابية منشغل بتسوية وضعيته بعد أن أحضر الوثائق اللازمة. اقتربنا من العون حمزة عبد الكريم لنتابعه وهو يوجه نصائح لسيدة كانت تبدو في العقد الثالث من عمرها أتت لتسجل نفسها وابنتها في القائمة الانتخابية ليأمرها بضرورة إحضار نسخة طبق الأصل من بطاقة التعريف الوطنية ووصل الكهرباء الخاصين بها وابنتها لإتمام عملية التسجيل وهنا استغلينا فرصة مغادرة السيدة لنسأل عبد الكريم عن نسبة الإقبال وأهم الفئات العمرية التي لبت دعوة وزارة الداخلية والجماعات المحلية فأكد ما ذهب إليه رئيس المكتب حيث استقبل المكتب بنسب متفاوتة الشيوخ والكهول والشباب وعن هذه الفئة قال عبد الكريم أنه التحق بمكتبهم الكثير ممن بلغوا سن 18 سنة رفقة أولياءهم كما لم يفوت الفرصة ممن يتراوح سنهم ما بين 22 سنة و25 سنة وهو ما أكدته لنا زميلته بالمكتب التي كلفت بعملية التسجيل بعد أن أوكل إليه عملية شطب الناخبين من القائمة الانتخابية بسبب تغيير مقر سكنهم. وهنا تقطع علينا السيدة فاطمة الزهراء مناعي (72 سنة) الحديث وتعود بعد هنيهة وقد أحضرت ما طلب منها لتكمل المهمة التي أتت من أجلها وهي في قمة الارتياح والسعادة مثلما صرحت لنا به عند مغادرتها المكتب لأنها ستتمكن رفقة ابنتها البالغة من العمر 35 سنة من أداء واجبها الانتخابي. أما السيد سعيد حواس 59 سنة مهندس، فقد أتى ليجدد تسجيله بالقائمة بعد أن ضاعت منه بطاقة الناخب ظنا منه أن تضييع بطاقة الناخب يجبره على إعادة التسجيل، اقتربنا منه هو الأخر وسألناه عن الدافع الذي جعله يتوجه إلى مكتب الانتخابات رغم رداءة الأحوال الجوية وبرودة الطقس فقال لنا أن القيام بالواجب يمنعه من التخلف عن موعد مهم مثل الانتخابات الرئاسية وهو الذي لم يتخلف عنه منذ سنوات فكيف هذه السنة. وجدنا بالمكتب كذلك من ضحى بعمله من أجل تسجيل نفسه أو شطبه بعد تغيير إقامته على غرار السيد عبد النور سمارة (53) سنة، الذي أكد لنا أنه ضحى بعمله من أجل أن يتمكن من شطب إسم ابنته وأخته من القائمة الانتخابية بسبب تغير مكان إقامته ليتمكن من تسجيلهما فيما بعد بمقر إقامتهما الجديدة ورغم انتظاره الطويل أمام باب المكتب لأنه أتى قبل بدأ ساعات العمل الرسمية إلا أنه فضل الانتظار من أجل تمكين ابنته وأخته كما قال من أداء واجبهما الانتخابي. وبابتسامتها وحيويتها التي عكست عمرها قابلتنا بهية ذات 23 سنة، واعترفت لنا أنها لأول مرة تأتي لتسجل في القائمة الانتخابية بعد أن لم تكتمل محاولتها السابقة بعد أن طلب منها إحضار وثائق قالت أنها لم تتمكن من تحصيلها غير أنها هذه المرة لم تشأ أن تفوت الفرصة على نفسها وتحرمها من المشاركة والإدلاء بصوتها لصالح من تراه مؤهلا لتولي سدة الحكم.