ينتظر أن تدخل عقوبة العمل للنفع العام حيز التطبيق ابتداء من الأسبوع الجاري بعدما تم تبنيها ضمن قانون العقوبات المعدل والمصادق عليه من قبل غرفتي البرلمان نهاية شهر جانفي الفارط، ووضع الآليات والمكانيزمات المتعلقة بتطبيق العقوبة البديلة على ارض الواقع، وكذا الشروط و المبادئ الأساسية لتنفيذها. وتعتبر عقوبة العمل للنفع العام نمطا جديدا من العقوبات البديلة للعقوبة السالبة للحرية، والتي من شانها التخفيف من إشكالية اكتظاظ المؤسسات العقابية، وكذا القضاء على هاجس عقوبات الحبس القصيرة المدى، ومن ثم التقليل من النفقات التي تتحملها السجون وترشيدها لتحقيق سياسة إدماج اجتماعي ناجعة. فالقانون الجديد يتضمن عقوبة بديلة لعقوبة الحبس الاحتياطي التي تعتبر عقوبة أصلية، وسيستفيد منه المحكوم عليهم نهائيا بأقل من سنة سجنا في إطار الجنح التي لا تتجاوز عقوباتها ثلاث سنوات سجنا وذلك باستبدال عقوبة السجن بالعمل ساعتين في اليوم طيلة فترة العقوبة التي يقررها القاضي، شريطة أن يكون المتهم غير مسبوق قضائيا وان يفوق سنه 16 سنة وقت ارتكاب الأفعال، بحيث تستبدل عقوبة الحبس بقيام المحكوم عليه بعمل للنفع العام بدون أجر لمدة تتراوح ما بين 40 إلى 600 ساعة حسب مدة العقوبة، بمعدل ساعتين في اليوم مقابل كل يوم من الحبس في أجل أقصاه 18 شهرا لدى شخص معنوي من القانون العام. كما أن العمل للنفع العام ينصرف ويطبق على كافة المخالفات وبعض الجنح التي تدخل ضمن الشروط المنصوص عليها، بحيث أن عقوبة الغرامة مقصية من هذا الإجراء ويطبق عليها الإكراه البدني المنصوص عليه في المادة 600 وما يليها من قانون الإجراءات الجزائية، في حالة عدم التسديد. أما بخصوص الفوائد التي سيجنيها إجراء العمل للنفع العام، فتتمثل في إبقاء المتهم ضمن حظيرة المجتمع بجعله أكثر مردودية بدلا من وضعه في الحبس الذي لا يجدي نفعا ويتنافى مع سياسة الإدماج المرجوة، فضلا عن إثقال كاهل خزينة الدولة بالمزيد من المصاريف. بالإضافة إلى السماح للمتهم بممارسة مسؤولياته تجاه عائلته والسماح له بخدمة المجموعة التي ينتمي إليها في نفس الوقت، وهو نفس الدافع الذي أدى إلى تبنيه في الكثير من الدول الأوروبية على غرار نظيراتها الإفريقية، كونه يقي من أثار اكتظاظ السجون، والذي غالبا ما يكون سببا في الإصابة بالأمراض المعدية والعقلية وغيرها من الآفات الاجتماعية الأخرى. وتعمل حاليا وزارة العدل على بحث سبل توحيد منهجية العمل لتطبيق العقوبة البديلة المتعلقة بعقوبة العمل للنفع العام عبر كل الجهات القضائية للقطر الجزائري، فبمجرد صيرورة الحكم المتضمن عقوبة العمل للنفع العام نهائيا تقوم النيابة العامة بتشكيل ملف الإجراءات وترسله إلى قاضي تطبيق العقوبات ليتولى متابعة تطبيق عقوبة العمل للنفع العام بحيث يتولى قاضي تطبيق العقوبات استدعاء المعني للتعرف على وضعيته الاجتماعية والمهنية والصحية والعائلية وعرضه على طبيب من أجل اختيار نوعية العمل الذي يتناسب مع حالته البدنية، وذلك على مستوى مرفق عام يخضع للقانون العام بما يمكن المحكوم عليه من الاستمرار في العمل في منصبه الأصلي ويبقى ضمن أفراد أسرته وتستمر حياته العادية قبل الحكم عليه بالعقوبة الأصلية.