كشف أمس السيد مختار فليون المدير العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج انه، منذ الشروع في تجسيد سياسة إصلاح المؤسسات العقابية سنة ,2006 لم يتم تسجيل إلا حالة عود واحدة من بين 8778 نزيلا استفادوا من إجراءات الإفراج المؤقت طلية الثلاثة سنوات الأخيرة، وهي نسبة ضئيلة جدا وتكاد تنعدم مقارنة مع نسبة الأشخاص الذين اندمجوا من جديد في المجتمع بعدما تحصلوا على شهادات تعليمية و دبلومات مهنية تؤهلهم للانخراط في وسطهم ومحيطهم بكل سهولة. وجاء هذا خلال ندوة صحفية نظمتها المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، في ختام الزيارة الميدانية التي قام بها خبيرا المركز البريطاني الدولي للدراسات السجنية الى الجزائر، قصد الاطلاع عن كثب على واقع المؤسسات العقابية في بلادنا، ومدى تجسيد برنامج التعاون المسطر بين الطرفين على مستوى أربعة سجون تم اختيارها بصورة نموذجية، في انتظار تعميم الاستراتيجية الجديدة لتسيير المؤسسات العقابية على باقي مؤسسات إعادة التربية والإدماج، والتي يجري حاليا بلورتها على ضوء المعايير والمقاييس المعمول بها دوليا في مجال حماية حقوق الإنسان واحترام كرامة النزيل. وفي كلمة قصيرة، حول ما استطاعت الجزائر تحقيقه خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2006 و2009 في مجال انسنة السجون وإصلاح المؤسسات العقابية، أوضح السيد فليون أن تسجيل حالة واحدة انتكست من جديد الى الإجرام في حين لوحظ اندماج ما يزيد عن 8770 شخصا في الوسط الاجتماعي، يعد مكسبا يفتخر به، كونه يعكس مدى نجاعة الاستراتيجية التي تتبعها الجزائر في سبيل الرقي بمؤسساتها الى مصاف الدول المتقدمة، وخطوها شوطا عملاقا في إطار مكافحة الجريمة من خلال الحرص على تعليم النزلاء وتزويدهم بشهادات تكوينية وتربصات ميدانية تمكنهم من الالتحاق بمناصب عمل بمجرد اندماجهم في المجتمع، وبالتالي الابتعاد عن أوكار الفساد والإجرام وكذا تقليص نسبة الإجرام والعود. وأضاف المتحدث مبرزا أن برنامج التعاون بين المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج و المركز البريطاني الدولي للدراسات السجنية، الرامي الى بلورة نظام تسيير استراتيجي للسجون الجزائرية وفقا للمعايير الدولية، قد تم تقسيمه الى مرحلتين الأولى امتدت بين 2006 الى ,2008 وتم فيها تنقل إطارات جزائرية من المدرسة الوطنية لإدارة السجون الى المملكة المتحدة، الأمر الذي مكن الطرف الجزائري من التعرف على نظام السجون المعمول به في بريطانيا، فضلا عن الاطلاع على بعض السجون وطرق تسييرها وأساليب التكفل ببعض الفئات الخاصة مثل علاج المدمنين، المرضى عقليا، بالإضافة الى الأم المرفوقة بابنها. كما كانت زيارة الوفد الجزائري، فرصة للاطلاع على نظام حديث لتقييم السجون ومتابعة المحبوسين من تاريخ إيداعهم السجن الى حين الإفراج عنهم، كما تحدثوا مطولا مع نظرائهم حول نظام المنظمات والمؤسسات غير الحكومية التي تعمل داخل وخارج السجون من خلال التعاون مع الشركات المقاولة في تشغيل المحبوسين. من جهة أخرى، سمحت الزيارة الموازية التي قام بها الوفد البريطاني الى الجزائر، من الاطلاع على كل ما تم تحقيقه داخل السجون الجزائرية من ناحية انسنة ظروف الحبس وتوفير خدمات صحية مرضية، بالإضافة الى تطوير التعليم بكل أشكاله وتعميم فرص التكوين على النزلاء، وفضلا على ذلك، فقد زار الوفد البريطاني مقر المديرية الوطنية لإدارة السجون ومراكز إعادة إدماج الأحداث،أين تم تبادل أطراف الحديث مع أطباء، قضاة ونواب عامون بالموازاة مع إشرافهم على تنظيم دورات تكوينية مشتركة بين إدارة السجون والمجتمع المدني تدور مواضيعها حول حقوق الإنسان داخل السجون وكيفية تسيير هذه الأخيرة. أما بالنسبة للمرحلة الثانية والتي انطلقت منذ جوان 2008 لتمتد الى مارس ,2010 فابرز المدير العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج انه تم تخصيصها لإعداد برنامج نموذجي نمطي لتسيير السجون في الجزائر، حيث زار الخبراء الأجانب بلادنا مرتين على التوالي خلال هذه المرحلة، بالإضافة الى الزيارة الأخيرة التي تعد الثالثة من نوعها، وذلك في انتظار الانتهاء من تقييم الوضع الحالي للسجون الجزائرية بغية وضع مخطط ناجع يتماشى مع حقوق الإنسان. وبدوره، أوضح الخبير البريطاني السيد ''اندري باكلي'' أن الزيارة التي قام بها الى جانب الوفد المرافق له، قد سمحت بالاطلاع على كامل النظام المعمول به عبر 4 مؤسسات عقابية نموذجية، بما يسمح بوضع استراتيجية وطنية لتسيير السجون في الجزائر، مشيرا الى أن عمل المركز يكمن في تسهيل تطبيق المعايير الدولية وتبسيط استعمالها من طرف الدول تماشيا مع عادات وخصوصيات كل منطقة. واشاد عضو المركز البريطاني الدولي للدراسات السجنية بالإرادة الصادقة التي وجدها لدى المديرية العامة لإصلاح السجون، واستعدادها التام للتعاون قصد تحسين ظروف المحبوسين، مما سيسهل، حسبه، القضاء على النقاط السوداء التي تواجهها الجزائر في هذا الميدان، على غرار مشكل الاكتظاظ، الذي لا زال يمثل احد اكبر التحديات للعديد من الدول، كاشفا عن المشروع الطموح الرامي الى انجاز ما لا يقل عن 13 مؤسسة عقابية على مستوى الهضاب العليا بصورة استعجالية.