ينظم يومي 29 و30 مارس الجاري المنتدى المتوسطي الاول لزراعة الزيتون وصناعة مستخلصاته باعتباره نشاطا اقتصاديا يمكن ان تؤسس عليه برامج التجديد الفلاحي بابعادها التنموية الاجتماعية من حيث توسيع دائرتها الجغرافية وكذا اعادة تثبيت الساكنة في المناطق الداخلية فهذا النوع من الفلاحة اضافة الى ما يوفره من فرص عمل عبر مختلف المناطق بقدر ما يلعب دورا اقتصاديا لا يستهان به اضافة الى ان استثماراته الانتاجية غير مكلفة وذات مردودية مضمونة لها وزنها في برنامج التاسيس لسياسة الامن الغذائي علما ان بلادنا تمتلك عناصر جوهرية لتنمية هذا الفرع الزراعي الذي اصبح في قلب التنمية الصناعية التحويلية الغذائية من تنوع جغرافي ملائم على غرار باقي بلدان المنطقة المتوسطية. ويعد انتاج الزيتون واستخلاص مادة الزيت منه بالمعايير الدولية و بالاساليب العصرية فرعا له اولوية في برنامج التجديد الريفي علاوة على انه نشاط يقرب بين قطاعي الفلاحة والصناعة من خلال قابليته للتحويل ومن المقرر ان يناقش الملتقى الذي يحضره خبراء ومهنيون من بلدان الحوض المتوسطي جملة من المحاور ابرزها مسالة واقع زراعة الزيتون في المتوسط باستعلراض تجارب بلدان بالمنطقة على خلفية التجارب العالمية بمشاركة خبراء من تونس ومصر والمغرب وايطاليا... وكذا محور انجاز مؤسسة اقتصادية لتحويل الزيتون ودورها في الجهاز الاقتصادي ضمن فضاء المؤسسات الصغيرة والمصغرة ثم محور الجانب الغذائي لمادة زيت الزيتون ودورها في الصحة العمومية ومن ثمة بحث كيفية ادماجها في سوق الاستهلاك ورابعا يتعرض الملتقى الى مسالة الجودة في انتاج الزيوت الغذائية المستخلصة من شجرة الزيتون والسعي الى اقامة شبكة من المخابر للتحكم في النوعية التي تعد العنصر الجوهري للمنافسة التجارية. وتحتل الفلاحة الجزائرية في زراعة الزيتون مرتبة متوسطة على الصعيد المتوسطي ولا يزال الكثير من العمل يتطلبه هذا الفرع مقارنة ببلدان مجاورة انتهجت اسلوب تكثيف الانتاج وادماج صناعة الزيتون في المعادلة الاقتصادية اقابليته للتصدير. وعلى سبيل المثال تنتج الجزائر ما يعادل 8 الاف طن مقابل 35 الف طن في تونس أي ما يعادل الثلث بينما تصدر تونس 30 في المائة من انتاجها للتدليل على مدى الفارق فان المساحة المستغلة في زراعة الزيتون ببلادنا لا تتعدى 300 الف هكتار بينما تعادل 1مليون و600 الف هكتار في تونس والارقام تعبر عن مدى التاخر في تنمية هذا النشاط في الجزائر. ولا يعد الجفاف والحرائق وحدهما السبب في تخلف القطاع وانما يعتبر الخبراء والمهتمون ان عدم التحكم في زراعة الزيتون احد العناصر الجوهرية مما همش هذا الفرع الاقتصادي بامتياز خارج المحروقات. وعلى الرغم من جودة منتوجات زيت الزيتون الجزائرية الا انها تجد صعوبة جمة في التموقع في الاسواق الخارجية ويتم تصديره كمادة خام باسعار زهيدة للاسف بينما وان كانت هناك بعض وحدات التحويل متوفرة الا انها لا تزال متخلفة تكنولوجيا وتقنيا وبالطبع يتطلب التصدير خضوع المنتوج الى جملة من المعايير اولها قلة نسبة الحموضة وحسب بعض المهتمين فان هناك ما يعادل 9 ملايين لتر من زيت الزيتون لا تجد سبيلا للتصدير لضعف جودتها كما افاد به السيد بختاوي الذي اشار الى ان ما تستهلكه الصناعة من المياه لو يحول للفلاحة وزراعة الزيتون بالامكان ان يحقق نتائج اقتصادية. ويرتقب ان تتوصل اشغال المنتدى المتوسطي الاول من نوعه الى تحديد معالم استراتيجية لانعاش زراعة الزيتون وتكثيفها قصد انتاج اكبر حجم ممكن من الزيوت الغذائية والتقليص من الزيوت النباتية المكافة وذلك بالتوصل الى الانتقال من وضعية 70 شجرة في الهكتار الى ما بين 300 و400 شجرة في الهكتار وهو المعدل العالمي كما يوجد في ايطاليا واسبانيا وفرنسا وكذا النهوض بالمنتجين ضمن تاطيرهم في شكل تعاونيات او مؤسسات يمكن من خلالها تقديم الدعم التقني المناسب وتوجد حاليا مجرد خمس منظمات لمنتجي الزيتون . ومن التجارب الناجحة لهذه الزراعة خارج المناطق التقليدية الاستثمار المتواضع للسيد حكيم زبيري ببلدية بنهار بولاية الجلفة حيث اكد في الندوة الصحفية المنظمة اول امس بقصر المعارض لتقديم المنتدى المرتقب انه نجح في زراعة اشجار الزيتون متحديا المناخ ودعا الى تكثيف هذه الزراعة بمعدل غرس ما يعادل 50 مليون شجرة عبر مختلف جهات الوطن لبلوغ الاهداف المرجوة في المديين المتوسط والبعيد ضمن سياسة البحث عن تامين الامن الغذائي. ومن جانبه اشار ممثل مؤسسة خوجة ببجاية الرائدة في هذا النشاط الى ان الانتاج الوطني خلال السنة الماضية بلغ 50 الف طن ما يعادل 50 مليون لتر مسجلا ان ولاية بجاية لوحدها تنتج ما نسبته 17 في المائة من الانتاج الوطني واكد ان مؤسسته تقوم بجهد متواضع في تصدير مستخلصات الزيتون الى اسواق خارجية داعيا الى اقامة شبكة من المخابر لتنمية الجودة. القدرات في زراعة الزيتون مؤكدة ويحتاج القطاع الى تنظيم المنتجين وادماجهم في الديناميكية التنموية للتجديد الريفي.